لم تهدأ القيادة الاسرائيلية من نتنياهو مرورا باركان حكومته باراك وليبرمان ويعلون، وفي السياق الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس ولفيف آخر من الفسيفساء الحزبية الاسرائيلية في اعقاب لقاء الرئيس محمود عباس أبناءه المفرج عنهم من معتقلات وسجون الاحتلال المتواجدين في تركيا. كأن قادة إسرائيل يبحثون عن ذريعة هنا وذريعة هناك ليحاولوا من خلالها ابعاد الانظار عن جرائمهم وانتهاكاتهم اليومية. وليقولوا للعالم «انظروا هذا هو عباس رجل السلام!» وكأن لقاء رئيس الشعب الفلسطيني باسرى الحرية المفرج عنهم «تهمة» او «جريمة»!؟

لقاء رئيس منظمة التحرير بابناء شعبه جميعا من مختلف الاطياف السياسية والثقافية- الاعلامية والاقتصادية في الداخل والشتات، هو امر طبيعي جدا، ولا يمكن لقوة في الارض ان تحول بين الرئيس عباس وابناء شعبه وخاصة المحررين، الذين هم احوج ما يكونون للرعاية والدعم.

هذه ذريعة تافهة يسوقها القادة الاسرائيليون الذين لم يجدوا عاملا واحدا لشن هجومهم على الرئيس محمود عباس، وما ان حصل اللقاء بين ابو مازن والمحررين حتى بدأت جوقة الغربان بالنعيق.

هناك مثل شعبي فلسطيني يقول: «لم يجدوا في التفاح ما يعيبه، فقالوا أحمر الخدين!» ( لا اعرف ان صغت المثل بشكل دقيق ام لا، لكن هذا هو محتواه). ليس لدى القيادة الصهيونية المتطرفة والاقل تطرفا اي مستمسك على الرئيس والقيادة الفلسطينية من حيث الالتزام بمرجعيات التسوية السياسية، والعمل بروحها حتى اللحظة رغم كل الانتهاكات والجرائم الخطيرة الاسرائيلية اليومية ضد ابناء شعبنا في القدس وغزة والضفة عموما وداخل الداخل في النقب والجليل والمثلث. وهذا الذي يغيظ قيادة دولة الابرتهايد من شمعون بيريس الى نتنياهو الى باراك ومن لف لفهم من كل صنوف الصهيونية من اقصاها الى اقصاها.

نمط قيادة الرئيس ابو مازن واركان قيادته وحكومته وسياساتهم وكيفية تعاطيهم مع العربدة الاسرائيلية يميت القيادات الاسرائيلية، لانها تبحث عن قيادات متوترة وانفعالية ومراهقة سياسيا لتعلق على شماعتها جرائمها وانتهاكاتها الارهابية. وهذا النمط السياسي لا يعني بحال من الاحوال الصمت على ارهاب الدولة الاسرائيلية المنظم، بل مواجهته بالحكمة السياسية وعدم وضع الرأس في الرمال، بل مواجهته بكل الوسائل المتاحة كفاحيا ودبلوماسيا وسياسيا وحقوقيا وثقافيا واعلاميا وجماهيريا، وتحديه في المنابر الاقليمية والدولية المختلفة ومحاصرته حيثما امكن ذلك.

على قادة إسرائيل من ألفهم إلى يائهم ان يكفوا عن البحث عن الذرائع الواهية، وحث الخطى نحو الاعلان عن الالتزام بمرجعيات التسوية السياسية، والشروع فورا في تطبيق خيار حل الدولتين للشعبين على أساس حدود الرابع من حزيران عام 67، للخروج من نفق الاستعصاء الذي تضعه حكومة نتنياهو في طريق السلام. لان الذرائع والحجج الواهية لن تجدي نفعا ولا تفيد أحدا، والعالم من أقصاه الى اقصاه يعلم الحقيقة.

الرئيس محمود عباس، هو رئيس الشعب الفلسطيني، كل الشعب دون استثناء، ولعل الاجتماع قبل يومين في القاهرة، الذي ضم مختلف اطياف الشعب السياسية تحت قيادته يشير الى ذلك بلا جدال، ولم يعد امام حكومة قطعان المستوطنين أية حجة او ذريعة تشكك فيها بالحقيقة الناصعة، ولقاء الرئيس عباس مع المحررة آمنة منى وكل الاسرى هو واجب عليه كرئيس ومسؤول وكأب لابناء الشعب الفلسطيني