على إحدى صفحات "الفيسبوك" كتب مواطن من غزة التعليق التالي: "سلطة أوسلو عمرت غزة، وسلطة "المقاومة دمرتها" على هذا التعليق شن الذباب الإلكتروني من جماعة الشعارات الثورجية، وخطابات الخديعة، والمزايدات اللغوية، هجومًا غوغائيًا واسع النطاق، واتهموا صاحبه بمحاولة تسويق الخيانة بعقلنتها.

بالطبع لم يعن تعليق المواطن الغزي أن "سلطة المقاومة" هي من شنت، وتشن عمليات التدمير لقطاع غزة، وإنما هو أراد أن يقول إن خطابات "المقاومة" النارية، والمزلزلة، قد ثبت خواؤها، وقد شكلت الذريعة لإسرائيل اليمينية العنصرية المتطرفة، كي تشن عدوانها الحربي العنيف على قطاع غزة، لتصيبه بالخراب المهول، ألم يعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية "نتنياهو" أنه قبل السابع من أكتوبر، لم يكن لديه الشرعية المحلية، ولا الدولية، لإعادة احتلال قطاع غزة، والوضع اختلف الآن.

كل من يتحدث اليوم بالواقعية المجبولة بالمشاعر الإنسانية النبيلة، والمحمولة على  القيم، والمفاهيم الوطنية، بغاياتها النضالية، إنما هو بالنسبة لجماعة الشعارات والخطابات الثورجية العدمية، شخص انهزامي، لا تريد هذه الجماعة الإخونجية أساسًا، أن تنصت ولو قليلاً، للإرسال الواقعي، وهي تحاول  بفذلكة لغوية، عقلنة حماقة المكابرة والنكران معًا، ليس إلا.

الإرسال الواقعي لم يعد غير إرسال الدم والخراب، لكن جماعة الشعارات والخطابات الثورجية في مكابرتهم العدمية، لا تريد أن تعرف شيئًا من هذا الإرسال، برغم أن قيادتها تتوسل إبرام صفقة تؤمن لها مخرجًا آمنًا من أنفاقها، وهي تصفق على نحو محموم لورقة الرئيس الأميركي "بايدن" في الوقت الذي بح صوتها، وهي تتحدث عن مرونتها في هذا الإطار.

ليس للحماقة من منطق مفهوم، وعقلنتها ضرب آخر من ضروبها الغوغائية، وستظل أبدًا توجع وتعيي من يداويها، ونكرانها الواقع، هو أكثر ثرثراتها عدمية، وهذه هي معضلة جماعة الشعارات، والخطابات الثورجية، وهذه هي أزمتها التي ستجهز عليها على هذا النحو أو ذاك، ما لم تدرك وتعرف حقيقة هذه الأزمة وطبيعتها، قبل فوات الأوان.