مسيرة الإصلاح السياسي التي أنتجت مشروعي قانوني الإنتخابات والأحزاب واللذان يشكلان أعمدة رئيسة لأي نظام ديمقراطي فقانون الإنتخابات يولد ويفرز السلطة التشريعية وقانون الأحزاب الذي يعني التعددية السياسية وقيادة السلطة التنفيذية عبر تمكين الأغلبية للحزب الفائز أو الإئتلاف الحزبي من تشكيل الحكومة.
بالرغم من أن كلا القانونين بحاجة إلى إجراء بعض التعديلات بما يعزز مسيرة الإصلاح السياسي وكفالة الحق بالحرية بتشكيل الأحزاب دون قيود وضمان إستقلالية عملها بما يؤدي إلى تعزيز قيم المواطنة وعدالة التمثيل التي تعتبر الأساس بتجسيد منعة وقوة الجبهة الداخلية.

* دلالات ومعان نتائج الإنتخابات:

بينت نتائج الإنتخابات البرلمانية التي جرت في العاشر من أيلول عددًا من الدلالات والمعاني منها:

- أولاً: أن النتائج العامة والخاصة للقوائم الحزبية تدل على نزاهة العملية الإنتخابية حيث لم يتم رصد أي مواقف خلاف ذلك.

- ثانيًا: أن الدائرة الوطنية الواحدة عززت وتعزز المواطنة وصهرت مكونات الجبهة الداخلية تحت مظلة الهوية الأردنية الجامعة تعزيزًا للمواطنة الفاعلة كما أطلق عليها جلالة الملك عبدالله الثاني بأوراقه النقاشية.

- ثالثًا: توسيع الدائرة الإنتخابية ساهم بدرجة عالية إضعاف التأثير والنفوذ والمال السياسي الأسود.

- رابعًا: شعارات القوائم المحلية والحزبية غلب عليها بشكل عام التحديات التي تواجه الوطن والمواطن مما سيشكل تحد أمام مجلس النواب العشرين أحزابًا وكتلاً وأعضاءً بالعمل على ترجمة برامجهم وشعاراتهم إلى تشريعات تكفل مصالح الغالبية العظمى من الشعب الأردني ويلمسها المواطن واقعًا عمليًا.

- خامسًا: لم يعد بعد ذلك للمجلس النيابي التذرع بعدم القدرة على تنفيذ برامجه تحت ذريعة عدم القدرة أو التدخلات الخارجية وهذا يتطلب أن يتم تشكيل مجلس الأعيان بما يعكس نتائج الانتخابات لإحداث الانسجام والتوافق ما بين غرفتي مجلس الأمة على تعديل أو إصدار التشريعات بما يكفل مصلحة وأمن الوطن وتعزيز المواطنة وتجسيد حقوق المواطن الدستورية السياسية والإقتصادية والاجتماعية والثقافية وإنسجامًا مع العهود والمواثيق الدولية التي صادق عليها الأردن وتم نشرها بالجريدة الرسمية في عام 2006.

* المطلوب تعزيز الثقة بدور البرلمان:

من أسباب إنخفاض نسبة المشاركة بالعملية الإنتخابية وما يعنيه ذلك من أهمية المبادرة لتصويب و معالجة تلك الأسباب تعزيزًا للثقة الشعبية تعود إلى:

▪︎ ضعف أداء المجالس النيابية السابقة بأداء مهامها التشريعية والرقابية بتجسيد عملي لإستقلالية السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية.

▪︎ الانطباع العام الشعبي لأداء مجلس النواب سواء عند إصدار الموازنة او القوانين او مراقبة اداء الحكومات بتغليب مصالح الشريحة المتنفذة سياسيًا وإقتصاديًا على مصالح غالبية الشعب الأردني والتي أدت إلى تحميله أعباءً إضافية في ظل أوضاع إقتصادية صعبة وما قوانين ضريبة المبيعات والمالكين والمستاجرين والبنوك والاتصالات والتنفيذ والجرائم الإلكترونية والمطبوعات والنشر إلا نماذجًا لذلك مما يستدعي العمل السريع لتعديل هذه القوانين بما لا يتناقض وحقوق المواطن الدستورية وترجمة للأوراق النقاشية لجلالة الملك بشكل عام والورقة النقاشية السادسة بشكل خاص.

▪︎ عدم التصدي المطلوب خلال الفترات الماضية بالعمل على اجتثاث الفساد بأشكاله الإداري والمالي وإن كان يرى البعض أنه إنطباعيًا.

لمعالجة ما تقدم من أسباب وعوامل لضعف الثقة ولرفع مستوى الثقة بدور مجلس النواب تقع المسؤولية أولاً على الأحزاب الممثلة بمجلس النواب فهي تحتل موقع الأغلبية النيابية على إختلاف مرجعياتها الفكرية والبرامجية مما يتطلب منها أن تعمل موحدة لتحقيق:

- أولاً: تجسيد المبدأ الديمقراطي بفصل السلطات أمرًا واقعًا.

- ثانيًا: تغليب المصلحة العامة على المصلحة الحزبية.

- ثالثًا: تكثيف الاجتماعات الرقابية على أداء الحكومة بمدى إحترامها للدستور وحقوق المواطن وإنتهاج سياسة ثابتة لرفع المستوى الحياتي والمعيشي للمواطن من خلال النهوض بالاقتصاد وتوجيهه بشكل ورؤية سليمة وفق النص الدستوري.

- رابعًا: مراقبة مدى إلتزام الحكومة بتعيين الكفاءات في المواقع العليا تنفيذًا للمادة رقم 22 من الدستور بعيدًا عن الشللية والمحسوبية.

- خامسًا: التواصل المستمر مع مؤسسات المجتمع المدني وكافة القطاعات الشعبية والوقوف على آمالهم وتطلعاتهم وأوضاعهم ومشاكلهم والتحديات التي يواجهونها والإطلاع على آراءهم بكافة القضايا التي تمس بأمور وشؤون حياتهم تعزيزًا لميدان المشاركة الفعلية بإتخاذ القرارات وهذا بالتأكيد لا يعفي الحكومة من الإضطلاع بمسؤولياتها بل يلزمها إعمالاً لتعزيز المشاركة الشعبية بإتخاذ القرارات على الأصعدة المختلفة.

التحدي الأهم أمام مجلس النواب يتمثل بمواجهة والتصدي للخطر الإسرائيلي الذي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر تقويض حق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وطرد الشعب الفلسطيني خارج وطنه التاريخي بعد إرتكابه سلسلة من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سياق حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بتهديد للأمن القومي الأردني وذلك عبر العمل جنبًا إلى جنب مع مؤسسات الدولة الأردنية بدعم نضال و صمود الشعب الفلسطيني في وطنه وبتعزيز وحدة ومنعة وقوة الجبهة الداخلية الأردنية ترسيخًا لأمن واستقرار الوطن وإنماءه وازدهاره.