ارتكب الاحتلال الإسرائيلي المجازر، بشكل ممنهج، ودوري، ويومي في قطاع غزة مخلفة وراءها أكثر من خمسين ‏مدنياً، وأكثر من 300 بجروح، حتى وصلت أعداد الضحايا إلى أكثر من ٤٠٠٠٠ مسجلة. وتفيد أهم ‏المجلات العلمية "‏‎The Lancet‎‏" بأن أعداد الضحايا فاقت المئة وستة وثمانين ألف شهيد. ‏
والحقيقة التي يجب نشرها على مستوى عالمي أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتمد على التقنيات التكنولوجية والذكاء ‏الاصطناعي وAI‏ في تحقيق أهدافها، متسببة بقصف غير مسبوق ضد المدنيين الفلسطينيين. ‏

ويقوم الجيش الإسرائيلي في استهدافه لشخص واحد، بتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، فيتم تحديد هدف واحد في حدود كيلومتر ‏مربع مثلاً، ما يعني أنه يمكنهم استهداف الآلاف من المتواجدين في حدود المكان. هذا ما رأيناه في إحراق الخيام وفي استهداف ‏النازحين الذين نزحوا قسراً إلى منطقة مواصي خان يونس، لمجرد وجودهم في هذا الحيز المكاني والذي هو بالمناسبة يُزعم أنه ‏منطقة "آمنة"، حيث يعيشون في الخيام!‏
وفي عملية استهداف محمد الضيف، مثلاً، قال الإعلام الإسرائيلي: إنه شبه متأكد من نجاح عملية اغتيال محمد الضيف، لكن ليس لديه ‏دليل ميداني يؤكد ذلك، بينما لم تعلن حماس عن استشهاده. ولقد ارتكبت إسرائيل مجزرة أعدمت فيها المئات ممن كانوا في ‏حدود المنطقة الجغرافية التي حددتها آليات التكنولوجيا لتواجد الضيف.
وتستمر إسرائيل في ارتكابها للجرائم والعقابات الجماعية ‏بحق السكان، ولا تحقق الأهداف النهائية لعملياتها العسكرية. ومن الواضح للمتابعين:‏

‏- أن سلامة الرهائن الإسرائيليين لم تكن أولوية وقت قصف خان يونس مثلاً، ولا في كافة المجازر التي ترتكبها يومياً في ‏حدود المنطقة الجغرافية "الآمنة" غير محددة الهدف، كما أن إعدام المئات أو الآلاف من الفلسطينيين يمكن تبريره دائماً بوجود شخص مطلوب ‏في هذا المكان! ‏

‏- هذا يدعونا للتفكير بأن لا نية لوقف العدوان دون نصر عسكري معلن لمجرم الحرب نتنياهو، الذي يعتقد أن استهداف ‏بعض قيادات حماس سيشكل نصراً لجيشه، ولا يكتفي بعشرات الآلاف من الضحايا. وها هو اغتال رئيس الوفد المفاوض، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وها هي جريمة الإبادة قائمة. ‏

‏- الهدف ليس عسكرياً باستهداف قواعد أو حتى أشخاص. الهدف هو تطهير عرقي، تهجير قسري، وتطبيق لسياسة الضم، ‏وأوتوماتيكياً القضاء على الحق الفلسطيني في تقرير المصير من خلال استمرار الانقسام، ما يمكن إسرائيل من تنفيذ ‏المشروع الكولونيالي الاستيطاني على حساب الحقوق الفلسطينية. ‏

استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لخدمة الجيش العسكري الإسرائيلي في جريمة الإبادة التي يرتكبها ضد الشعب ‏الفلسطيني، تعتبر سابقة وخطراً يهدد الإنسانية. إسرائيل تستخدم ما تطلق عليه الـ ‏Gospel‏ و‏Lavdender‏، وهي أدوات ‏الذكاء الاصطناعي التي توجه موجة القصف الإسرائيلي على غزة. وقد حدد الجيش الإسرائيلي عشرات الآلاف من سكان ‏غزة، كمشتبه فيهم في عمليات اغتيال، وذلك باستخدام نظام استهداف الذكاء الاصطناعي، مع القليل من الإشراف البشري، ‏وسياسة متساهلة فيما يتعلق بالإصابات والإعدامات، لمجرد تحديد هدف واحد يبرر قتل الآلاف. ‏

فالذكاء الاصطناعي يُستخدم كأداةٍ في الإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال ضد الفلسطينيين. والمطلوب من أصحاب ‏الاختصاص في التكنولوجيا وحقوق الإنسان عدم السكوت، فهذه جريمة إنسانية بحد ذاتها، فيما إذا بدأ توظيف التكنولوجيا ‏في استهداف البشر دون إشراف بشري، لم يعد الخطر الذي يتهدد الإنسانية محدد في الأسلحة النووية. إسرائيل تتفوق من ‏جديد في الابتكار والريادة بتوظيف التكنولوجيا في الحرب والقتل والإرهاب المنظم. فإسرائيل لا تهدف لتحقيق أهداف ‏عسكرية استراتيجية واضحة، أو اغتيال قيادات معينة، بل الهدف هو اغتيال حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.