كتبت هنا وتحدثت عبر وسائل الاعلام الفلسطينية والعربية أن حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، لا تقتصر على محافظات الجنوب، ولم تبدأ من قطاع غزة، إنما بدأت من الاقتحامات وجرائم حرب التطهير العرقي الإسرائيلية في القدس العاصمة وباقي محافظات الضفة الفلسطينية من جنين ونابلس وطولكرم ورام الله والبيرة وأريحا وقلقيلية وسلفيت وطوباس وبيت لحم والخليل، وستتعمق أكثر فأكثر في الضفة الفلسطينية، لأنها ركيزة وعنوان مشروع الاستيطان الاستعماري، وكونها الهدف الاستراتيجي الثاني لتوسيع وتعميق "دولة إسرائيل الكبرى"، إن قدر لها البقاء، وستمتد للضفة الشرقية وفق الخارطة التي أعلنها بتسلئيل سموتريتش في باريس العام الماضي 2023، وستكون عمليات التهجير القسري موازية في بشاعتها وفظاعتها ووحشيتها لما يجري في قطاع غزة أو أكثر إدماءً لحياة الفلسطيني العربي.
وسأورد بعض المعطيات عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في ذكرى يوم الأرض 30 مارس 2024، لأعكس ما تخطط له حكومات إسرائيل المتعاقبة في الضفة بما فيها القدس لتصفية القضية والمشروع الوطني برمته، ومنها: قامت سلطات الاستعمار الإسرائيلية بالاستيلاء على 27 ألف دونم منذ 7 أكتوبر 2023؛ وبسطت الدولة الإسرائيلية اللقيطة سيطرتها على 2380 كيلو مترا مربعا بما يعادل 42% من مجمل أراضي الضفة الفلسطينية، و69% من المناطق المصنفة (ج)؛ واعدت سلطات الاستعمار 52 سيناريو ومخططا لبناء 8829 وحدة استيطانية على 6852 دونما، وتمت المصادقة على 1895 وحدة؛ وفي السياق تم انشاء 11 بؤرة استيطانية بالإضافة لشق 5 طرق لتسهيل تحرك المستوطنين وربط البؤر القائمة ببعضها البعض؛ تم تهجير قسري لـ25 تجمعًا بدويًا تتكون من 220 عائلة، وتشمل 1277 نسمة من أماكن سكناهم؛ نشرت سلطات الاستعمار الإسرائيلية 840 حاجزًا عسكريًا وبوابة على أبواب القرى والمدن والمخيمات في الضفة الغربية، منها ما يزيد عن 140 بوابة اقامتها بعد الـ7 من أكتوبر الماضي؛ أعاقت إجراءات الاستعمار الإسرائيلي واعتداءات وقرصنة قطعان المستعمرين وصول المواطنين إلى أكثر من نصف مليون دونم من الأراضي الزراعية؛ ضاعفت الحواجز والبوابات المغلقة الاستعمارية الزمن على حركة المواطنين من بيوتهم إلى أعمالهم، وأعاقت وصول التلاميذ والطلاب إلى مدارسهم، واربكت وأثقلت حركة تنقل المواطنين والتجارة بين المدن والقرى والمحافظات والمخيمات في عموم الضفة، وغيرها من الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها وترتكبها قوات الجيش وقطعان المستعمرين.
وما شهدته قرى شمال غرب رام الله وخاصة المغير وترمسعيا وأبو فلاح وبتين ودوما في نابلس من هجوم بربري لقطعان المستعمرين خلال الـ48 ساعة الماضية منفلت من عقال مطلق قانون إنساني في القرى المذكورة وخاص المغير، التي حاصرها 1500 مستعمر تحت حماية ومشاركة جيش الجريمة والإرهاب المنظم الإسرائيلي، ونحو ذات العدد إن لم يكن أكثر هاجموا قرية دوما، وتم إغلاق قريتي ترمسعيا وأبو فلاح وبتين ومهاجمة وحرق البيوت (حوالي 100 منزل) والمساجد والسيارات والورش والأراضي الزراعية بالتلازم مع توجيه الرصاص إلى صدور أبناء الشعب في تلك القرى، حيث سقط أكثر من شهيد وما يقارب الـ15 مصابًا وفق مصادر الهلال الأحمر، حتى ساعة كتابة هذه الزاوية من مساء السبت، وهو ما يكشف بعض أوجه الحرب على مدن ومخيمات وقرى وخرب الضفة الغربية.
ولا تقتصر الحرب على مهاجمة القرى وحرق بيوتها ومساجدها وكنائسها وسيارات أبنائها والأراضي الزراعية، وانما تتشابك مع عمليات الإعلان عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية، كما اشرت في البداية، وبالتوازي مع ذلك مضاعفة عمليات الاقتحامات للمسجد الأقصى وكنيسة القيامة والحوض المقدس والأسواق عمومًا في البلدة القديمة، فضلاً عما تنويه الجماعات الدينية الصهيونية المتطرفة بعد أيام قليلة من ذبح للبقرة الحمراء، والتي تعتبر إيذانًا بالشروع بتدمير المسجد الأقصى.
إذًا الحرب الجارية في الضفة الفلسطينية مع دخول حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة اليوم 191 لا تقل خطورة عما يجري في الجناح الجنوبي، ومجمل عناوين واشكال وأساليب حروب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي تستدعي العمل على الآتي: أولاً للمرة الالف يحتاج الشعب إلى خطوة جدية وصادقة لإعادة ترتيب شؤون البيت الفلسطيني سياسيًا وتنظيميًا وكفاحيًا ولوجستيًا بحيث تكون منظمة التحرير، كما هي دوما الممثل الشرعي والوحيد للشعب؛ ثانيًا تعزيز روح المقاومة الشعبية في مختلف المدن والقرى والمخيمات وفق خطة وطنية مركزية تنبثق عنها خطط فرعية للمحافظات؛ ثالثًا تشكيل لجان الحماية الشعبية للتصدي لهجمات قطعان المستعمرين وحماتهم جنود وضباط جيش الموت الإسرائيلي؛ رابعًا تأمين الدعم الكامل للجان الشعبية وفق موازنة الحكومة، ورفد موازنة هيئة مقاومة الجدار والاستيطان؛ خامسًا مطالبة الدول الشقيقة والصديقة باتخاذ ما يلزم سياسيًا وديبلوماسيًا وماليًا في العلاقة التبادلية مع إسرائيل المارقة والخارجة على القانون والولايات المتحدة على حد سواء لوقف جرائم الاستيطان الاستعماري كبداية، وفرض عقوبات من مستويات مختلفة على حكومات إسرائيل المتعاقبة؛ سادسًا التوجه لمجلس الأمن والجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية ومحكمة الجنائية الدولية لملاحقة القيادات السياسية والعسكرية ورؤساء مجالس الاستيطان في المحافظات المختلفة، ولملاحقة الدولة الإسرائيلية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها