٢ نيسان ٢٠٢٤ تقدمت فلسطين بطلب إعادة النظر في طلبها المؤرخ 23 سبتمبر 2011 للحصول على العضوية الكاملة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، المتوقع النظر في الطلب بتاريخ ١٨-٤-٢٠٢٤.
الدول غير المعترف بها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالدبلوماسية الموازية المتأثرة بالحق السياسي بتقرير المصير للشعوب. هناك مذهبان رئيسيان للاعتراف بالدول ــ "التأسيسية" و"التصريحية". يُعرّف النهج التأسيسي الأول الدولة بأنها شخص القانون الدولي من خلال الاعتراف بالدول الأخرى ذات السيادة المعترف بها كأعضاء في المجتمع الدولي. وتنعكس النظرية في اتفاقية مونتيفيديو لعام 1933، حيث تم اقتراح أربعة معايير لإقامة الدولة: (1) منطقة محددة بوضوح؛ (2) عدد السكان الدائمين؛ (3) حكومة فعالة (4) القدرة على اقامة علاقات دولية مع الدول.
من أجل إقامة الدولة، استخدم الفلسطينيون كلا الاتجاهين، ففي عام 1988، أعلن المجلس الوطني الفلسطيني، وهو الهيئة التشريعية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إعلان استقلال الشعب الفلسطيني. اعترفت دول الجامعة العربية بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني في قمتها 1973 في الجزائر، وفي قمتها 1974 في الرباط. وفي 1982، ذهبت دول الجامعة العربية إلى أبعد من ذلك من خلال الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة، عاصمتها القدس، وهو ما تضمنه الشرعية الدولية المنصوص عليها في قرارات الأمم المتحدة. والأهم من ذلك أن المجلس الوطني الفلسطيني أعلن في الجزائر العاصمة في 15 نوفمبر 1988 دولة فلسطين وعاصمتها القدس، واعترف بقرارات الأمم المتحدة 181 و194 و242 و338 ونبذ الإرهاب التي كانت أساس قيام عملية السلام مطلع التسعينات. بعد سنوات من عملية السلام دون تحقيق السيادة وحلم الدولة, تبنت منظمة التحرير استراتيجية التدويل في عام 2011، وقدمت طلبًا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للحصول على اعتراف كامل بدولة، ولكن لم تتم الموافقة عليه، ليس بسبب الفيتو ولكن لم يتمكن الفلسطينيون من تامين ال ٩ أصوات اللازمة أصلا في مجلس الأمن!
في 29 نوفمبر 2012، ومن خلال عدة دول عربية صديقة، قدمت فلسطين مشروع قرار إلى الجمعية العامة ومنحت فلسطين وضع دولة مراقب غير عضو باعتبارها الدولة رقم 194 بأغلبية 138 صوتًا مؤيدًا، و9 معارضين، وامتناع 41 عضوًا عن التصويت. يبدو هذا الانضمام رمزيًا للعديد من النقاد، ولكن من وجهة نظر دبلوماسية، فقد أفسح هذا الانضمام المجال للفلسطينيين للوصول إلى أكثر من 500 معاهدة ومنظمة دولية والانضمام إليها، ففي 1 أبريل 2014، انضمت فلسطين إلى 15 معاهدة واتفاقية متعددة الأطراف وفي وقت لاحق من يناير 2015، طلب الفلسطينيون الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية بعد الانضمام لميثاق روما الذي مهد لعضوية المحكمة الجنائية الدولية وبداية مسلك قانوني في مواجهة الاحتلال علئ المستوى الدولي. وتم رفع العلم الفلسطيني عام ٢٠١٥ في نيويورك في مقر الأمم المتحدة.
بالرغم من أن فلسطين دولة غير معترف بها بشكل كامل، فهي نشطة للغاية على الساحة الدولية. ويبلغ عدد الدبلوماسيين المقيمين باسم فلسطين ما يقارب 114 بعثة حول العالم وأكثر من 60 تمثيلاً غير مقيم. وكانت تلك المكاتب شبه الدبلوماسية تعمل في دول رائدة عالميًا مثل الولايات المتحدة الأميركية - التي تم إغلاقها خلال إدارة ترامب عام 2017- وكندا واليابان وروسيا حيث الموقف الرسمي تجاه فلسطين ليس اعترافًا رسميًا. وفي الوقت نفسه، تستضيف الأراضي الفلسطينية المحتلة عددًا كبيرًا من بعثات الدول الأجنبية التي تقوم في كثير من الأحيان بالواجبات الدبلوماسية التقليدية، تحت أسماء السفارات والقنصليات ولكن أيضًا مكاتب التمثيل؛ أكثر من 45 دولة لديها مكاتب تمثيل رسمية في رام الله، ومن الجدير بالذكر أن القنصليات الكبرى تقع فعليًا في القدس الشرقية (المملكة المتحدة، فرنسا، تركيا، إيطاليا، إسبانيا، الولايات المتحدة الأميركية حتى عام 2017، السويد، بلجيكا).
لا شك أن فلسطين تستوفي جميع المعايير اللازمة لتسمية دولة من ناحية الإدارة العامة والتقارير الدولية، لكنها لا تزال تحت الاحتلال و تفتقر إلى الاعتراف الرسمي كدولة كاملة. أن مطلب إعادة النظر في وضع فلسطين بمجلس الامن خطوة مهمة دبلوماسيًا إذا ما كان هناك تحضير وتحالفات دبلوماسية كافية تضمن ٩ أصوات ثم تضمن عدم استخدام الفيتو وفي احسن الأحوال تضمن امتناع الولايات المتحدة وبريطانيا ليتم اعتماد القرار، الذي في حال تم اعتماده سيشكل مكسب سياسي لقيادة منظمة التحرير.
في ظل استمرار جريمة الإبادة في حق الشعب الفلسطيني يعكس هذا التوجه الدبلوماسي بالتركيز على حق تقرير المصير من خلال الاعتراف قبل انهاء الاحتلال الفعلي وقبل وقف النار في غزة بعض التشتت عن الهدف الأسمى والوطني في الوحدة والتحرر وتقرير المصير للكل الفلسطيني، كما أنه قد يشكل خطر علئ شكل وماهية هذه الدولة حتى أنه قد يتم توظيفه كذريعة لآخر اتفاقية تطبيع أن تقوم لمجرد إعطاء الفلسطينيين اعتراف بدولة في مجلس الأمن لا يرق لمستوى السيادة علئ الأرض ولا يحدد الحدود ولا ينهي الاستيطان الذي يشكل جذر الاحتلال طويل الأمد، قرارات مجلس الأمن في غاية الأهمية من ناحية الدبلوماسية المتعددة الأطراف في الأمم المتحدة وكما شهدنا في قرار مجلس الامن الأخير لوقف الحرب لم يقم أي طرف بالزام إسرائيل بوقف عدوانها وجرائمها الموثقة ولو بأضعف أدوات الدبلوماسية القسرية والعقوبات! إن نظريات الاعتراف بسيادة الدولة والقانون الدولي عادة ما تواجهها قوة السياسة ولهذا السبب فإن عملية تقرير المصير والتحول من الوضع الفعلي إلى الوضع القانوني لا تجد عادة حلاً حقيقياً من خلال قنوات القانون الدولي، ولكنها تعتمد أكثر على الصفقات والاتفاقيات بين اللاعبين الرئيسيين على الساحة العالمية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها