حق العودة و"الأونروا".. هدفان لعقوبة البؤس والمجاعة الجماعية
الآن تكلف حكومة الصهيونية الدينية الإرهابية لدى منظومة الاحتلال (إسرائيل) بجرف وتبديد معالم المادة الخامسة من قرار الأمم المتحدة بإنشاء (الاونروا) ونصها التالي: 5 - تعترف بأنه من الضروري استمرار المساعدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، بغية تلافي أحوال المجاعة والبؤس بينهم، ودعم السلام والاستقرار، مع عدم الإخلال بأحكام الفقرة 11 من قرار الجمعية العامة رقم 194 (الدورة 3) الصادر في 11 كانون الأول 1948، وتعترف أيضا بضرورة اتخاذ إجراءات فعالة، في أقرب وقت، بغية إنهاء المساعدة الدولية للإغاثة".. تعمل وتساندها حتى اليوم 11 دولة علقت مساهماتها (للأونروا) على رأسها الولايات المتحدة التي كان رئيسها السابق دونالد ترامب قد قرر قطع مساهمة واشنطن أثناء فترة رئاسته، بالتزامن مع قراره اعتبار القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال، ويبدو واضحًا أن هذه المنظومة تستخدم أسلحة: المجاعة والبؤس والأمراض والأوبئة، بالتوازي مع أسلحة حملة الابادة الدموية على الشعب الفلسطيني، ذروتها المدمرة لمقومات حياة حوالي( 2 مليون و500 الف فلسطيني) في قطاع غزة تحديدًا، مع اغتيالات وقتل متعمد – حتى بالطائرات الحربية- وتدمير بنى تحتية لمخيمات الضفة الفلسطينية المحتلة بالجرافات العملاقة (9 D) .
نعلم أن العقوبات الجماعية هي أصل محركات عمل حكومات منظومة الاحتلال "إسرائيل" لذلك جهر نتنياهو بقرار منظومته بمنع (الأونروا) من العمل بعد استكمال السيطرة على قطاع غزة، واستبدالها بمؤسسات لا صلة لها بالأمم المتحدة، بالتوازي مع حملة دعاية على أمينها العام غوتيريتش واتهامه بالوقوف في جبهة أعداء إسرائيل – كما ادعى– فنتنياهو المعني بتطبيق العقوبات الجماعية اتهم الوكالة كلها بالتورط في هجوم حماس في(7 اكتوبر2023) على المستوطنات، لكن غوتيريش اصدر قرارا بإقالة 9 موظفين فقط من بين آلاف الموظفين في الوكالة في قطاع غزة، وربما ساعد هؤلاء التسعة حماس بصفتهم الشخصية، أو استغلوا مرافق تابعة للوكالة لصالح حماس، لكن ذلك لا يبرر سياسة الانتقام والعقوبة الجماعية ولا يمنح الدول التي علقت مساهماتها الحق أو الشرعية لقراراتها، فهذه الدول لا يمكن اعتبارها منخرطة في جريمة العقوبات الجماعية وحسب، بل مساهمة فعليا في نسف قرارات الشرعية الدولية الخاصة بفلسطين، على رأسها القرار 194، وقرار تشكيل ومهام الأونروا، فالسلام وعودة اللاجئين لم يتحققا، أما البؤس والمجاعة فإن العالم شاهد عليهما، ولكن وسط طوفان الدماء الانسانية والدمار.
لم يعد خافيًا – وكتبنا هذا مرارًا - أن أحد الأهداف الرئيسة غير المعلنة لمنظومة الاحتلال الصهيونية العنصرية شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين، عبر تدمير المخيمات الفلسطينية ليس ببنيتها المادية، وإنما برمزيتها كشواهد قائمة حتى اللحظة على النكبة، وجوهر القضية الفلسطينية- رغم صعوبات العيش فيها- فعمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الاونروا)، المستمر – رغم الصعوبات المالية - منذ بداية سنة 1950 لتقديم أساسيات العيش للاجئين فلسطينيين كانوا حينها حوالي (750 ألف)، اصبحوا اليوم حوالي (6 ملايين) يحق لهم الحصول على خدماتها، منهم حوالي مليون وخمسمئة الف في مخيمات قطاع غزة، هذا العمل الأممي المشروع، تنظر اليه منظومة الدول الاستعمارية التي أنشأت اسرائيل، وهي ذاتها صانعة نكبة الشعب الفلسطيني سنة 1948- على أنه برهان على مسؤولية المجتمع الدولي المباشرة عن هذه القضية، وتداعيات عدم تطبيق القرار الأممي 194 سنة 1948، علما أنه ذات القرار الذي ارتكزت عليه الجمعية العامة في مقدمة قرارها بإنشاء (الاونروا)، وهنا لا بد من العودة لمواد القرار 194 الصادر بتاريخ 11/12/1948 الذي نصت مقدمته على التالي: "إنشاء لجنة توفيق تابعة للأمم المتحدة وتقرير وضع القدس في نظام دولي دائم وتقرير حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم في سبيل تعديل الأوضاع بحيث تؤدي إلى تحقيق السلام في فلسطين في المستقبل "حيث تم التأكيد على واجب الأمم المتحدة تجاه اللاجئين، وهذا واضح تمامًا في المادة 11 ونصها: "تقرر وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب وفقاً لمبادئ القانون أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة.. وتصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بتسهيل إعادة اللاجئين وتوطينهم من جديد وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي وكذلك دفع التعويضات وبالمحافظة على الاتصال الوثيق بمدير إغاثة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، ومن خلاله بالهيئات والوكالات المتخصصة المناسبة في منظمة الأمم المتحدة".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها