زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن ولقاؤه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب تأتي في لحظة فارقة، حيث تشتد الحرب على غزة، وتتفاقم الانتقادات الدولية، وتتعمق الأزمة السياسية داخل إسرائيل.
يسعى نتنياهو إلى توظيف هذه الزيارة لترميم صورته المتصدعة، وإعادة التأكيد على ما يسميه "الدعم غير المشروط من الحليف الأميركي، إلا أن الواقع السياسي لا يمنح هذا اللقاء صك طمأنينة، بل يثير القلق أكثر مما يبدده.
منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، يتجه ترامب لإعادة إنتاج سياساته الشرق أوسطية، التي لطالما اعتمدت على دعم مطلق لإسرائيل مقابل تصفية القضية الفلسطينية تحت غطاء "صفقة القرن". واليوم، يجد في نتنياهو الشريك المثالي لتجديد هذا النهج، غير أن الاصطفاف السياسي بين الرجلين، في ظل تصاعد العنف في غزة، ينذر بمزيد من الانفجار، لا بالحلول.
القلق الإسرائيلي وإن بدا غير معلن يتمثل في أن ترامب ليس رئيسًا تقليديًا فهو لا يُؤمن بالتحالفات الثابتة، بل بالصفقات المؤقتة، وقد يذهب بعيدًا في تقديم وعود أو اتخاذ مواقف حرجة تُربك الحسابات في تل أبيب، خصوصًا إذا استخدم الملف الإسرائيلي كورقة داخلية في صراعاته السياسية الأميركية.
إقليميًا، تُراقب الدول العربية بقلق بالغ هذه الزيارة، فالميل الأميركي المتجدد نحو دعم إسرائيل دون قيد، يعيد الاعتبار للمعادلة القديمة، لا استقرار دون عدالة، ولا تطبيع دون حل سياسي شامل، أي تجاوز لهذه الحقائق سيعيد المنطقة إلى دوائر التوتر والانفجار.
نتنياهو، في سعيه وراء صورة دعم من واشنطن، قد يعود محملاً بتشجيع على الاستمرار في حرب لا أفق لها، لكن السؤال الأعمق هل يملك ترف اتخاذ قرارات استراتيجية، أم أنه محكوم بمنطق البقاء السياسي؟ وماذا إن قرر ترامب أن الثمن المطلوب من إسرائيل يتجاوز قدرته على الدفع؟.
في النهاية، هذه الزيارة ليست فقط مشهدًا سياسيًا، بل لحظة اختبار حقيقية لمواقف ترامب، ولقدرة نتنياهو، ولصبر شعوب المنطقة على حرب مفتوحة بلا نهاية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها