لا خيار غير الانحياز التام والمطلق لمبدأ العمل على تطبيق فلسفة وعقيدة الأمن الوطني، لا تراجع في تثبيت هيبة السلطات المكلفة بإنفاذ القانون، والحفاظ على السلم الأهلي والمجتمعي، ومكافحة الجريمة بأنواعها وأدواتها، وضبط المجرمين وفق النظام، فالفلتان الأمني، وسبق خبر جريمة محلية يوميا على خبر جرائم جيش ومستوطني منظومة الاحتلال الصهيوني العنصرية لا تفسير له إلا أن مجتمعنا قد بات ملعبًا، يصول ويجول فيه أعداء الوطن والوطنية، وأعداء الحق الفلسطيني (منظومة الاحتلال الصهيوني) بأسلحتهم وسلوكياتهم وأفعالهم وجرائمهم ـ تقودهم شهواتهم الوحشية لسفك دماء الأبرياء، وتعني أيضًا أن خطة تحويل القتل إلى مجرد حالة يومية عادية، يعمل على تكريسها أفراد انتهازيون تسيرهم عقلية إجرامية، ويستظلون بأسماء عائلات وعشائر للاستقواء على سلطات القضاء وضبط النظام وإنفاذ القانون التي تمثل إرادة الشعب الفلسطيني وتنطق أحكامها باسم الشعب، فالخارجون على القانون يستغلون مسالك البعض وإصرارهم على طرح القانون ليحرق في مواقد مجالس خاصة غير جلسات المحاكم النظامية العادلة المقررة في القانون، لاستظهار القوة الشخصية الفردية أو العصبوية على حساب القوة الأعظم الماثلة في متانة نسيج شرائح وعناوين المجتمع الفلسطيني، فهؤلاء معنيون أولاً بضرب قيم وأخلاق وسمات الشخصية العربية الفلسطينية الوطنية، ونشر مفاهيم العصابة والبلطجة والزعرنة والانفلات في الشارع، حيث يكون البقاء لمن سلاحه وشراسته في سفك الدماء أقوى !.
إن الانتماء للوطن ثابت مقدس، وما دون ذلك متغير، لذا فإن الانتصار للأمن الوطني عقيدة مستلهمة من روح الثقافة الوطنية ومبادئ حركة التحرر الوطنية الفلسطينية ومنهج السلوك الذي أصبح أبرز مادة في مدرسة تجاربها، فنحن جميعًا وكل فرد منا هنا في الوطن (فلسطين التاريخية والطبيعية المحتلة)، بمدنها وقراها بدون استثناء، وكذلك هناك في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يحمل على عاتقه التبشير بثقافة سيادة القانون، واعتبار احترامه، والحفاظ على حقوق الإنسان في إطار النظام العام، معيارًا لقياس مستوى التطابق ما بين الفلسفة والتطبيق، أما المؤسسة الأمنية الرسمية وأجهزتها المتخصصة فمكلفة بإنفاذ القانون، وتطبيق مبدأ الانتصار للأمن الوطني عمليًا، في ميادين المواجهة مع أفراد أو تشكيلات إجرامية منظمة مسيرة بمفاهيم تكفيرية إرهابية ركبت بمختبرات منظومة الاحتلال الصهيونية وأجهزة أمن دول استعمارية، وزرعت كألغام في ثنايا نسيج مجتمعاتنا العربية عموما والفلسطينية خصوصا، لتفجيرها في اللحظات الأنسب المتوافقة مع أهداف مخططاتها التخريبية المدمرة.
نعتقد وفق سياق الفقرة السابقة أن ما يحدث عندنا، هنا في مناطق فلسطين المحتلة منذ سنة 1948، وفي المناطق المحتلة منذ سنة 1967، ليس مجرد نزعات إجرامية شخصية فردية وحسب، تتجسد فيها أبشع صور الخروج على القانون، بل مؤشرات عملية مادية على حجم الكارثة التي رسم تفاصليها (رؤوس المؤامرة الدولية- الصهيونية) الذين ترعبهم رؤية قيام الشعب الفلسطيني من كبوته، ونهوضه واستجماع قواه، وتعزيز مقومات صموده وثباته وتجذره في أرض وطنه (فلسطين)، فهؤلاء ومعهم القوى والجماعات المكلفة بتنفيذ مخططاتهم وأوامرهم، يعتبرون الرؤية الحضارية المدنية الناظمة لإيقاع حياة الشعب الفلسطيني في مساراتها المتعددة، وكذلك تسجيل شعوب ودول العالم الإعجاب بإنجازاته الإنسانية والكفاحية والسياسية، والمساندة القانونية والشعبية المتنامية من أجل نيل حريته وتجسيدها في دولة مستقلة ديمقراطية حرة ذات سيادة، يرونها الأخطر على قاعدتهم الاستعمارية (إسرائيل) لذلك ليس صدفة تسارع وتيرة الجريمة الفردية والمنظمة في مدن وقرى فلسطين المحتلة سنة (1948 ) وصداها تحت عناوين زائفة في مدن وقرى محتلة منذ سنة (1967) بالتزامن مع انعدام الأمن الاجتماعي والأهلي والاقتصادي في قطاع غزة نتيجة انقلاب حماس على سلطة النظام والقانون، واستدراج حروب وحصارات مشددة دفعت مئات آلاف الشباب الفلسطينيين للهجرة، بعيدًا عن سطوة الظلم والفقر المزدوجة !!.
إن الأمن الشخصي للمواطن الفلسطيني مرتبط جذريًا بالأمن الوطني، والعكس صحيح، والأمن الوطني مرتبط جذريًا بالثقافة الوطنية الفلسطينية التي كانت وستبقى جزءًا من الثقافة العربية والإنسانية وجوهرها السلام مع الذات الإنسانية، والسلام مع المجتمع الإنساني، وتطبيق العدالة بالقانون.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها