لنضيء شمعة بدل لعنة الظلام!

خيار المصالحة الوطنية، خيار الشعب والمصلحة الوطنية العليا. على كافة القوى الوطنية الرسمية والفصائلية وقوى المجتمع المدني والنقابات والشباب والنساء الدفع الى الامام بعربة المصالحة، وخلق المحفزات هنا وهناك لتقريب وجهات النظر، وتجاوز الثغرات الممكنة ولكن دون منطق بوس اللحى وعفا الله عما مضى.
مع ذلك منذ تم لقاء الرئيس محمود عباس مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، وبعض اقطاب حركة حماس لم يكفوا عن نشر التشاؤم والاحباط في صفوف المواطنين. وابرزهم الدكتور الزهار، عضو المكتب السياسي غير المجمد لحركة حماس. لم يكفِ ابو خالد بتعميم إسقاطاته التشاؤمية، بل واكب عملية التحريض على الرئيس عباس. ولسان حاله وحال امثاله في "حماس" رفض المصالحة، لانه مستفيد من الواقع الراهن.
من يريد المصالحة عليه مسؤولية التبشير بالتفاؤل، والاسهام بصناعة التقدم في بناء جسورها بغض النظر عن الاخطاء الماثلة في الواقع، وما يمكن ان يقوم به المتضررين من المصالحة. لكن من لا يريد المصالحة يعلق على شماعة رفضه وتعطيله لها كل النقائص والعيوب ليضخم طريق الفشل.
مما لاشك فيه، ان طريق المصالحة لن يكون سهلا بعد خمسة اعوام من الانفصال والانقلاب الاسود على الشرعية. وايضا نتاج تباعد المفاهيم والمناهج السياسية، فضلا عن الاجندات الفئوية والاقليمية، وارتباطا بالتطورات الجارية في الساحة العربية المبشرة ببعض التحولات الايجابية لصالح جماعة الاخوان المسلمين، حيث يفترض البعض، ان التحولات في صالحه، وانه ليس معنيا بمد يد المصالحة الان لفصائل العمل الوطني وخاصة حركة فتح، لان معايير الامس لم تد هي الناظمة للعلاقات بين القوى، بتعبير آخر يفترض هذا البعض الاخواني (حماس) ان على القيادة الشرعية، ان تأتيه "صاغرة" و"مستسلمة" لمشيئة الانقلاب وسياساته؟! هذا البعض الحمساوي مخطىء، وغير قادر على رؤية التحولات بابعادها الاستراتيجية، لان ما يلمع راهنا ليس ذهبا، بل هو شيئٌ من السراب والوهم، حتى وان نجح الاخوان هنا وهناك، لان العبرة ليست بالنجاح في الانتخابات، العبرة بكيفية حكم البلاد والعباد. فإن كانت تجربة الحكم نموذجها الانقلاب في غزة، وحكم عمر حسن البشير فعلى الاخوان المسلمين واميركا حليفتهم وداعمتهم السلام.
مع ذلك واي كانت العوامل المحيطة بالمصالحة، على القيادات السياسية من مختلف الفصائل وخاصة في حركتي فتح وحماس، إضاءة شمعة لانارة طريق المصالحة الوطنية، بدل لعن الاخطاء والعيوب. التي لا احد يستطيع إنكارها بدءا من المعتقلين السياسيين هنا وهناك ، الذين اعتبرهم الناطق باسم اجهزة حماس في غزة بانهم "لصوص" و"مرتكبي جرائم جنائية" ، وهي للاسف الشديد تهم ملفقة نعرفها كما نعرفهم كيف يلفقون ويكذبون كما يتنفسون.
وايضا هناك سياسة المطاردة للوطنيين والاعلاميين ، ومنهم اربعة قبل ايام اعتقلوا ولم يفرج عنهم، قد تكون تهمتهم "سرقة الدجاج" او اي شيء من هذا القبيل! وهناك احتلال مقرات النقابات الصيادلة والصحفيين قبلها، واغلاقات مراكز المنظمات الشبابية ، وحرمان ابناء فتح من حرية التنقل بين الضفة وغزة، ومنعهم ومنع الوطنيين من اقامة الفعاليات السياسية مثل ذكرى الرئيس الراحل عرفات، واحياء يوم التضامن العالمي وغيرها، وحرمان بعض المؤسسات القضائية من اقامة كونفرنسات مع الضفة، وقضايا صغيرة وكبيرة كثيرة موجودة على الارض تحتم المسؤولية معالجتها بهدوء وروية دون تسرع وايضا دون تباطؤ. لان الضرورة الوطنية تحتم شق طريق المصالحة وخلق مناخات ايجابية لاضاءة طريق الوحدة الوطنية.
الوضوح والمصارحة والكاشفة جيدة وضرورية. لايجوز لاحد لفلفة الامور، والقفز عن القضايا الاساسية. لكن قبل البوح بهذا الموقف او ذاك لنعطي فرصة للقاءات التي حددت لعرض المواقف المختلفة، وانتظار النتائج التي يمكن ان تتمخض عنها. ثم نحاكم الوقائع والامور. سهل جدا لعن الظلام. وسهل جدا القطع والتأكيد بعدم تحقيق تقدم، ولكن الافضل اما التريث او فتح الافق للتفاؤل. لذا هل يصمت المتشائمون قليلا لاعطاء فرصة للتوحيديين لبناء جسور المصالحة الوطنية؟