الخطاب السياسي تعبير واضح ومكثّف عن برنامج التحرر والنماء والتقدم عند أي شعب. وعلى هذا الأساس يكون الخطاب السياسي هو خطة عمل متفق عليها لترجمة السعي بأفضل الأدوات المشروعة (شرط أن يكون التغيير تقدمي) التي تضمن استعداد المجتمعات لمواجهة الأحوال، والأهوال القادمة بتحضير كاف يضمن تخطي العقبات والانتصار على الظروف الصعبة.
الخطاب السياسي الفلسطيني المعاصر فقد قدرته على التأثير الإيجابي ويتحوّل إلى معادلة داخلية مريضة بالأنانية الحزبية. ويتحول إلى مرثية سقيمة عاجزة عن تحديد الهدف. وحين نقول الخطاب السياسي نقصد الخطاب السياسي الجمعي الذي لا يستثني أحدًا .
إن تشبث القيادات الفلسطينية بالخطابات العريضة مثل الخطاب القومي والخطاب الإسلامي أو الخطاب الليبرالي الغربي ليس ذنبًا، ولكنه لا يعفيها من المسؤولية المحلية ولا يحميها من الذنوب. فالخطاب السياسي الفلسطيني في هذا الحال يبقى أمام خيارين : إما أن يكون غائب وفقير ومتذلل.
وإما أن يكون عاطفي عالي الصوت وفارغ من المحتوى وبعيد عن الواقع .
العيب الأول هو الانفصال عن الواقع – فالجمهور الفلسطيني ليس صاحب قرار ولا يتم التشاور معه في أية قرارات مصيرية سواء في السلم او في الحرب. من ناحية خطاب الموالاة منفصل عن الواقع ومن ناحية أخرى خطاب المعارضة منفصل عن الواقع. وكل طرف يقول عكس ما يفعل ويفعل عكس ما يقول بلا حسيب ولا رقيب.
العيب الثاني عدم الاتفاق على تحديد معسكر الأصدقاء ولا معسكر الأعداء، وكل حزب اصبح له حلفاء ظاهرين ومخفيين ، وقوى دخيلة تشارك في صناعة القرار الفلسطيني اكثر من الجمهور الفلسطيني نفسه. ما يترك هامشًا خطيرًا على حتى الخطاب السياسي. كل طرف يتحالف مع أي طرف يضمن له مصلته الحزبية دون خطوط حمراء . حتى وصل الامر الى حالة الاستباحة التامة والضياع الكبير .
العيب الثالث هو تحطم المؤسسة العامة، والدخول في حالة عشوائية لا سيادة للقانون فيها ما يجعل صمود الناس أصعب الف مرة، ويدفع بالكفاءات للتفكير بالهجرة ويمنح السفهاء فرصة للسيطرة على المال العام وعلى المنظمات والمؤسسات.
لم يكن من أهداف أية حكومة من الحكومات التي تشكلت أن تحرر القدس، ولكن على الأقل أن تعمل بنجاح على تنظيم حياة الناس وحماية ارزاقهم ومنح المواطن الأمل بإمكانية وجود حكم رشيد في يوم من الأيام. ولو ان كل حكومة تم تشكيلها في فلسطين قامت بعمل حديقة عامة واحدة في مدن قطاع غزة وفي مدن الضفة لكان في جميع المدن الفلسطينية حدائق عامة مجانية للأطفال. ولكنها حكومات سياسية خائفة لا يوجهها خطاب سياسي شامل بل رؤية لطرف ما أي جهة ما .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها