ثلاثة أسابيع مرت على الصراع المحتدم في السودان الشقيق بين قوات الجيش بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان والفريق أول محمد حمدان دقلو / حميدتي، ورغم اعلان الطرفان الموافقة على الهدنة المتعاقبة، إلا أن الواقع يؤكد أن كليهما لم يلتزم بوقف إطلاق النار، لا بل العكس صحيح، منذ 21 يومًا والصراع يتسع ويتمدد من ولاية لأخرى، ومن مدينة لمدينة، حتى طال صراعهم السودان كله، ودمر كلا الطرفين البنى التحتية، والمستشفيات والمدارس والمطارات والموانىء والبنوك والمؤسسات العامة والخاصة، وحتى بيوت الشخصيات العامة، مع زيادة اعداد الضحايا والجرحى والمنكوبين من أبناء الشعب الأعزل، الذين افتقدوا للماء والغذاء والدواء والعلاج، وحوصروا في بيوتهم التي لم تعد تحميهم من قذائف المدافع والقصف الجوي وإطلاق الرصاص من الرشاشات الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، فضلا عن مئات الآلاف من النازحين لتشاد وجنوب السودان ومصر والسعودية وغيرها من دول الجوار، والهائمون على وجوههم بلا مأوى أو مأكل ومشرب. 

ورغم تحرك الجهات الرسمية العربية، وعقد عدد من اللقاءات على مستوى المندوبين والوزراء في الجامعة العربية وغيرها، وعلى مستوى الاتحاد الأفريقي والأممي، إلا أن الصراع لم يتوقف. لأن القوى الصهيو أميركية وحلفاءها المتربصين بالسودان والمستهدفة الدول العربية المختلفة وفي مقدمتها مصر الشقيقة مازالوا يصبون الزيت والنفط على الصراع، ويسعون لتأجيجه بين مركزي الصراع المأجورين، والتابعين لإسرائيل والولايات المتحدة حتى بلوغ أهدافهم في تمزيق وحدة السودان الشقيق بذرائع وحجج واهية. 

ومع إدعاء الرئيس بايدن الحرص على السودان ووقف الصراع إلا أنها كذبة كبيرة لا تنطلي على أحد ممن يعرفون أميركا ومخططاتها التدميرية لكل الدول العربية بما فيها دول الخليج، وقبلهم مصر المحروسة. لأن ادواتها من الإخوان المسلمين وقوات الدعم السريع وقائدها حميدتي، الذي شرع وجوده الرئيس السابق عمر حسن البشير، وغيرهم من الأدوات الصهيونية يواصلون حرق الأرض والإنسان السوداني العربي، وكلما تكاد تهدأ المدافع، تعود دوامة الصراع تحتدم وتتفاقم في مختلف جبهات الصراع، ولن تهدأ الا بتحقيق أهداف العدو الصهيو أميركي.

أمام هذا التصعيد الخطير على الأرض السودانية العربية مازالت القوى الشعبية العربية تدور في حلقة مفرغة، تنتظر من الأنظمة العربية ودول الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة وقف الصراع بين الطرفين المتورطين في الحرب الداخلية، مع أن الضرورة تملي على القوى الشعبية العربية وأطرها في مختلف أرجاء الوطن العربي الكبير من المحيط إلى الخليج وفي المهاجر والمغتربات بالخروج إلى الشوارع وإعلان موقف واضح ضد الحرب الدائرة بين الجنرالين العميلين اليرهان وحميدتي، وانخراط القوى الفاعلة منها على خط التهدئة إن أمكن، وعقد المؤامرات الشعبية الوطنية والقومية دعمًا للشعب السوداني الشقيق ولقواه الوطنية والقومية والديمقراطية، ومغادرة حالة البكاء والندب على الأطلال، وكتابة البوستات والتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي. 

السودان العربي بحاجة ماسة لإطلاق كل الجهود العربية الشعبية قبل الرسمية لوقف الحرب، وقطع الطريق على مخطط الأعداء الصهيو أميركيين، وحماية وحدة الأرض والشعب والدولة السودانية، وفي السياق حماية مصر ودول الخليج العربي وكل دولة مدرجة على اجندة الأعداء، وإعادة الاعتبار للدولة الوطنية في محتلف البلدان وفي المقدمة منها السودان. وعلى القوى السودانية الوطنية والقومية والديمقراطية الخروج من دائرة الذهول والانتظار أيضًا، والاندفاع للشارع للتصدي بصدورهم العارية للقتلة والمرتزقة من كلا الجانبين المتصارعين، والدعوة الشجاعة لجنرالات الجيش الوطنيين بالتمرد على الأوامر العسكرية الجبانة، وبذات السياق دعوة القيادات العسكرية الوطنية من الجنجاويد/ الدعم السريع التمرد على حميدتي وتوجهاته الانفصالية، ودعم خيار وحدة الأرض والشعب والدولة السودانية، وبناء نظام مدني يؤمن السلم الأهلي، ويعزز المواطنة والديمقراطية، ويرسخ التنمية المستدامة. 

آن الأوان على الكل العربي الوطني والمهموم بهموم السودان المنكوب بقياداته العميلة رفع الصوت عاليًا، وعدم الصمت عن جريمة ذبح السودان الشقيق، لأن المؤامرة ضد السودان، مؤامرة ضد الكل العربي، وعلى الأنظمة المتورطة مع أميركا وإسرائيل من العرب العاربة، أن يعيدوا النظر بسياساتهم وأجنداتهم الفئوية الضيقة، ويعودوا لرشدهم، لأنهم سيأكلون كما أكلت فلسطين وغيرها من الدول المتشظية، ولا أمن ولا أمان لاي نظام عربي مما يتعرض له السودان اليوم، وسيأكلون كما أكل الثور الأبيض دولة تلو الأخرى.