مازال الرهان على الجماهير العربية الإماراتية لتعيد الاعتبار لمكانة الدولة والنظام السياسي في بلادها، خاصة وأن أهل النظام انساقوا بعيدًا في خيارهم مع صفقة القرن والتطبيع المجاني مع دولة الاستعمار الإسرائيلية، حتى بدا لأي مراقب أن القيادة الإماراتية تسابق الزمن للغرق أكثر فأكثر في المتاهة الصهيو أميركية، وفتحت كل أبواب وقطاعات الدولة العربية، التي أسسها الشيخ الأب المغفور له زايد بن سلطان، واحد حكماء العرب، أمام أعداء الإمارات نفسها والدول العربية عمومًا، وفلسطين وشعبها خصوصًا.
وعندما تتحدث بلغة العقل والمنطق بعيدًا عن الردح والخطاب الشعاراتي ضد حالة التدهور والسقوط غير المبرر، واللا مفهوم، والمرفوض في الأوساط الشعبية العربية من المحيط إلى الخليج بما في ذلك دولة الامارات الشقيقة، رغم تكميم الافواه، والملاحقات البوليسية ضد الاشقاء الرافضين للتطبيع المجاني مع الدولة الصهيونية اللقيطة، يخرج عليك بعض المندفعين مع سياسة النظام من الاماراتين، ليقولوا لك: ها هي القيادة الفلسطينية مطبعة، ويلتقي قادتها وممثليها مع الإسرائيليين، ويتجاهلون عن سابق عمد وإصرار واقع الشعب الرازح تحت نير الاستعمار، والحصار الذي فرض علي الثورة في لبنان ثم في غير عاصمة عربية، وملاحقة التمثيل السياسي للسطو عليه والمقايضة به لحسابات وأجندات خاصة وعلى حساب الحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية، وحتى التطاول من بعض الرؤساء على الهواء مباشرة على الزعيم الفلسطيني الخالد أبو عمار، لأنه أراد تصويب الخرائط، بعدما إكتشف العبث بها... ألخ من أشكال الحصار للثورة
أردت مما تقدم، أن أؤكد أن النظام السياسي الإماراتي لم يكن مضطرًا للغرق في مستنقع ترامب ونتنياهو وبايدن وبن غفير وسموتيريش وكل أركان العصابة الصهيو أميركية، ومع ذلك، فإن تورط النظام في التوقيع على اتفاقية التطبيع المجاني لا يلزم الجماهير الإماراتية بما وقع عليه أسوة بأنظمة عربية أخرى سبقته للتوقيع على اتفاقيات مع إسرائيل المارقة. لكن القيادة السياسية في أبو ظبي انتهجت سياسة فرض أجندتها وخطيئتها على الجماهير العربية، وعملت وتعمل على تدجين الشعب الإماراتي الطيب والنبيل، وتلاحق كل من يهاجم دولة الأبرتهايد والتطهير العرقي الإسرائيلية أينما كان في المطارات أو في الفنادق أو في الشوارع أو المطاعم أو في المولات إذا كان إماراتيًا أو عربيًا.
كما حصل مع المواطن العربي الكويتي الأصيل، وليد المطيري، الذي هتف بأعلى صوته يوم الخميس الموافق 27 إبريل الماضي في مطار دبي، أثناء وجوده في صالة الانتظار "فلسطين حرة. هذه البلد للمواطنيين الفلسطينيين، وليس للجميع. الله اعطاكم فرصتين لتصبحوا جيدين. ولكنكم لم تعملوا لتصلحوا أنفسكم". فقامت الدنيا ولم تقعد داخل المنظومة الأمنية الإماراتية ضد المواطن الكويتي الشجاع، الرافض فكرة التطبيع من حيث المبدأ مع الدولة الصهيونية، دولة الجريمة المنظمة والإرهاب، والقائمة على نكبة الشعب العربي الفلسطيني، وكل العرب بما فيهم الإماراتيين.
وقامت أجهزة الأمن الإماراتية بتسريب شريط المطيري للصهيوني الفاشي أيدي كوهين، الذي طالب دولة الامارات بوضع اسمه على القوائم السوداء والأشخاص الخطرين، الذين يبثوا الكراهية والتحريض، على اعتبار أن الإسرائيليين المستعمرين والقتلة أبرياء من دم العرب جميعًا، وليس الفلسطينيين لوحدهم. وكأنه شاء الإملاء على الحكومة الاتحادية بملاحقة المطيري، وطالب المتورط بجرائم الحرب ضد الشعب العربي الفلسطيني بالتحقيق معه. فما كان من ممثل وزارة الداخلية الاماراتي إلا التعليق ب"الشكر لاهتمامه" وأبلغه "سيتم تحويل الموضوع لجهات الاختصاص". بدل ان يرد عليه، لا شأن لك، وهذه قضية داخلية وسيادية، وتخص الجهات المعنية، والنظام ليس وصيًا على مشاعر ومواقف الشعوب. لكنه جاء من تحت، خافضًا صوته، ومستجيبًا لاملاءات الفاشي المعيبة، ليس هذا فحسب، بل أن الدولة الإماراتية أقامت الدنيا ولم تقعدها ضد المواطن العربي الكويتي المطيري، الذي أرعب حلفائهم الصهاينة، وخدش مشاعرهم الإجرامية. كما أثارت أزمة دبلوماسية غير معلنة مع دولة الكويت الشقيقة، التي رفضت وترفض التطبيع مع دولة الإرهاب المنظم الإسرائيلية ما لم تلتزم باستحقاقات السلام الممكن والمقبول.
وهذا ناتج عن قناعة القيادة السياسية الكويتية والسعودية بأن إسرائيل التي تستبيح صباح مساء الدم الفلسطيني، وقامت من بداية العام الحالي (2023) بإعدام 110 فلسطينيين من الأبرياء، وجرحت المئات، واعتقلت ما يزيد عن الألف مواطن فلسطيني، وصادرت وهودت آلاف الدونمات، ودمرت عشرات المباني والورش والمدارس والمؤسسات وحرق بلدة حوارة وغيرها من القرى والبلدات الفلسطينية، فضلاً عن حصارها لمحافظات الجنوب، لا يجوز رفع الغطاء عن جرائمها، والتنازل المجاني لها، بل المطلوب عربيًا الالتزام بمبادرة السلام العربية وفق أولوياتها ومحدداتها الأربع لحماية الحد الأدنى من الحقوق السياسية والقانونية الفلسطيية والاقرار بالانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة في الخامس من حزيران عام 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، تأمين حق العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي 194 والمساواة الكاملة لأبناء الشعب في ال48.
شكرًا للمواطن العربي الكويتي النبيل وليد المطيري، وشكرًا لكل مواطن عربي وقف، ويقف مع فلسطين وقضايا العرب كلها، وشكرًا لكل مواطن اماراتي دافع ويدافع عن قضايا العرب وفي المقدمة منها قضية فلسطين، قضية العرب المركزية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها