حدث في زمان الترللي بعدما هاجمت انكشارية الوزير بن غفير، المعتكفين في أولى القبلتين وثالث الحرمين لأنهم "يتحصنون" في المسجد القبلي ويواصلون الصلاة من صلاة التراويح حتى صلاة الفجر، الأمر الذي يشكل خطرا على أمن الدولة اليهودية الديمقراطية وبخاصة أن الضابط المسؤول سمع المصلين يقولون بصوتٍ عالٍ "الله أكبر الله أكبر" التي تعني في القاموس الإسرائيلي "اطبح اليهود"، في حين كان أصدقاء إسرائيل من جماعة أبراهام يصلون بخشوعٍ لله تعالى من أجل براءة العم دونالد ترامب الذي تدل التهمة الموجهة إليه على أنه فحل الرؤساء، الذي يرفع رأس الأمة الأميركية.

ذهل الباشمهندس، الموظف الكبير في مكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية في قاهرة المعز لدين الله عندما سمع المتحدث على الخط الهاتفي الدولي يعرف نفسه بثقة بأنه من ديوان السيد نتنياهو، رئيس حكومة إسرائيل، ويؤكد على أن حكومة بلاده برهنت على أن دولة إسرائيل تخلت عن أخلاقها وقيمها الغربية النشاز كي تكون دولة شرق أوسطية وقد بدأ هذا عندما اغتال يغئال عمير الشاب اليهودي المتدين إسحاق رابين رئيس حكومة إسرائيل وصارت دولة إسرائيل تماما مثل مصر وسوريا والعراق والأردن، ولا أحد أفضل من أحد، وفي الفترة الأخيرة قرر حزبنا الحاكم، وهو توأم حزبكم الحاكم، أن يتخلص من هذا الوباء الغربي المسمى ديموقراطية، يلعن أبوك ديمو، وبدأ برلماننا، أعني مجلس الشعب الذي نسميه الكنيست بسن القوانين التي تقطع من جسد الديموقراطية شقفة شقفة مثلما نقطع النقانق على مائدة الطعام.

شرعنا قانونا يجيز للشرطة مداهمة البيوت ليلا بدون إذنٍ من قاضٍ، وشرعنا قانونا آخر يسمح بتشكيل ميليشيا تأتمر بأوامر وزير الأمن القومي وسوف يسن برلماننا قانونا لتعديل الانتخابات كي يكون البرلمان نظيفا من اليسار ومن الكفار ومن الأقليات ومن الذين يؤيدون الإرهاب وداعش وماركس ولينين. نحن في الطريق الصحيح كي نخصي محكمة العدل العليا ويفهم القضاة الذين عيناهم أن من يأكل من خبز السلطان يضرب بسيفه.

منذ زمن أنبياء إسرائيل ونحن نحكم بالعدل، ولا شيء سوى العدل، ومعناه العدل لبني إسرائيل فقط الذين فضلهم الله على العالمين، على كل ما خلق الله، وعلى فرعون ونسله، وعلى هامان وذريته ولذلك قرر رئيس حكومتنا، حفظه الله وأطال عمره، ومن منطلق حرصه على العدل، أن يعين القضاء في قصور القضاء، في المحاكم المركزية ومحكمة العدل العليا كي يحكموا بالعدل كما يريد الرئيس.

هناك فرق بيننا وبينكم يا باشمهندس حيث إنكم تحاكمون رؤساءكم بعد خلعهم وسجنهم وأما نحن فنحاكم الرئيس وهو جالس على عرشه مثل العريس.

تصور أن قضاة محاكمنا سجنوا رئيس دولتنا قبل سنوات بحجة علاقته بموظفة في مكتبه، وسجنوا رئيس حكومة سابق لأنه منح أخاه نقودا فراطة من خزينة الدولة، وسجنوا وزير مالية لأنه ساعد ابنه ببعض الدولارات من وزارته، وسجنوا وزير الداخلية على أمورٍ تافهة ولكن هذا لن يعود ولن يحدث مرة أخرى لأن مجلس الشعب الذي نسميه في بلادنا الكنيست سيتمتع بصلاحية التلاعب في تعيين القضاة مثلما يلعب أعضاؤه بحجارة الشطرنج.

وكي نبرهن لكم يا باشمهندس على أننا دولة شرقية وأن السلطة فيها وراثية فرئيس دولتنا هو ابن رئيس سابق، لذلك بدأ سيدنا بنيامين نتنياهو منذ سنوات يعد العدة ويجهز الساحة والميدان كي يكون ابنه يائير، حفظه الله ورعاه الوريث الشرعي له بعد عمرٍ طويل.

أرجو أن توافقوا على طلب انتسابنا كي نكون عضوًا فعالاً في جامعة الدول العربية.

رفع الباشمهندس رأسه وقال: يؤسفني يا جارنا فقد خرجتم من مصر قبل قرونٍ عديدة ولن ندعكم تدخلون إليها من جديد.

المصدر: الحياة الجديدة