يوم الأربعاء الماضي في 18 كانون الأول/ديسمبر نشرت صحيفة "هآرتس" تحقيقًا صادمًا يكشف عن همجية ووحشية الضباط والجنود الإسرائيليين ضد الإنسان الفلسطيني بغض النظر عن عمره وجنسه ولونه في قطاع غزة، وتدمير ما تبقى من قطاع غزة، ليس هذا فحسب، بل إن أولئك الضباط والجنود يستمتعون ويتسابقون في عمليات القتل والإبادة للأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء عمومًا دون أي وازع أخلاقي أو قانوني، ونقلت عن ضابط احتياط قوله: إن "هناك سباقًا وتحديًا بين فرق الجيش لقتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين في مختلف المحافظات شمال وجنوب ووسط القطاع".

وأوردت تصريحًا لضابط خدم في محور نتساريم، أن ضباط وجنود الجيش يتصرفون كمليشيا مسلحة، ومن تلقاء أنفسهم يقومون بقتل المدنيين الأبرياء دون العودة لأية قوانين أو تعليمات. وأوضح أن "الأوامر هي أن كل من يخترق الحد في نتساريم يجب أن يتلقى رصاصة في رأسه"، وأضاف: "لدينا أوامر بإرسال صور الجثث، وقد أرسلنا صور 200 قتيل، وتبين أن منهم فقط 10 من حماس".

وفي السياق أكد قائد الفرقة 252 في محور نتساريم ما ذكره من سبقوه، وعمق جرائمهم جميعًا بالقول: "بعد إطلاق النار على الفلسطينيين نترك الجثث لتأكلها الكلاب".
وتابع: إن "على الإسرائيليين أن يعرفوا كيف تبدو الحرب، وأفعال بعض الضباط والجنود الخطيرة بغزة". وأردف القول: "نحن في مكان بلا قوانين وحياة البشر لا قيمة لها"، مشددًا على أن هذه أول حرب يفعل كل قائد فيها ما يحلو له في منطقته، وهناك عمليات تجري دون أوامر.
وتابع: "نحن والجنود نتحمل مسؤولية جزء من الرعب الذي يجري في غزة"، كما أن الجنود كشفوا عن "أحد القادة قوله: إن صورة النصر لفرقته ستتحقق بعد إفراغ شمال غزة من سكانه"، ولم يعترف قائد الفرقة 252 تمامًا، أنهم وقيادتهم السياسية والعسكرية يتحملون كامل المسؤولية عن الإبادة الجماعية، ومع ذلك، فإن اعترافه يمثل إقرارًا بالإبادة الجماعية، وإن قانون الغاب وحرب الأرض المحروقة غير المسبوقة في العصر الحديث هو السائد ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني. ولكن زميله القائد الآخر، الذي عكس "نصر نتنياهو الكامل" بإبادة المواطنين أو إجبارهم على النزوح من شمال قطاع غزة.

وبعد يومين من هذا التحقيق الخطير لضباط وجنود الجيش الإسرائيلي، تقوم جريدة "يسرائيل هيوم" يوم أمس الأول الجمعة 20 كانون الأول/ديسمبر الحالي بالتحريض على مواصلة الإبادة وعمليات التدمير الكامل لما تبقى من وحدات سكانية ومستشفيات ومدارس وجامعات وآثار وطرق وصرف صحي، في تقرير لها، حيث دعت المستوى السياسي إلى اتخاذ القرارات المتوافقة مع التوجه المذكور لاستكمال عمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية.

وقال معد التقرير أرييل كاهانا، وهو مستعمر يميني، وكبير المراسلين في الصحيفة اليمينية: إنه "لم يعد في جباليا أي منزل أو مبنى أو حتى شقة سكنية لم تتعرض لأضرار جسيمة، وكأن زلزالاً بقوة 900 درجة أصاب تلك المنطقة". ورأى المستعمر كاهانا، أن ما تقوم به قوات الجيش الإسرائيلي في جباليا، يجب أن يكون نموذجًا يستنسخ في باقي مناطق القطاع، التي دخلها الجيش في البدايات بهدف تطهيرها من السكان.

هذه التحقيقات والتقارير تقدم المزيد من الأدلة الدامغة على الإبادة الجماعية، وهي ليست تقارير ولا تحقيقات فلسطينية أو أممية، وإنما تقارير واعترافات ممن ارتكبوا الإبادة الجماعية بألسنتهم، وعكسوا فيها ممارساتهم وجرائمهم اللا إنسانية القذرة، الأمر الذي يتطلب من محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية أولاً الإقرار بدعوى جنوب أفريقيا القضائية المرفوعة للعدل الدولية في نهاية عام 2023، وتبنيها، واعتبار إسرائيل كدولة إبادة جماعية، ومطالبة المجتمع الدولي بعزلها ونبذها، كدولة سرطانية تهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي، واعتبارها خطرًا جاثمًا على الإنسانية ومستقبلها، وتحميل الإدارة الأميركية الحالية بقيادة جو بايدن المسؤولية الكاملة عن الإبادة الجماعية، ويفترض أن تطالها العقوبات الأممية. لأنها داعمة الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، الذي فقد حتى الآن ما يزيد عن 160 ألف شهيد وجريح والدمار الجهنمي للمدن والمخيمات الفلسطينية على مدار 443 يومًا من حرب الأرض المحروقة، وأيضًا على محكمة الجنائية الدولية إصدار المزيد من مذكرات الاعتقال ضد الضباط والجنود الإسرائيليين الذين اعترفوا بتلك الجرائم الوحشية. وعلى مجلس الأمن الدولي أن يتحمل مسؤولياته في إصدار قرار، استنادًا إلى الفصل السابع لإلزام إسرائيل بوقف الإبادة الجماعية فورًا، وإسقاط شرعيتها في المنظمة الدولية، لأنها لم تستوف شروط عضويتها حتى الآن.