أليس لا بد من السؤال الآن: ما الذي فعلته رشقة الصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان على بعض مستوطنات الاحتلال الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، التي أنكرتها حماس ولم يأتِ على ذكرها الجهاد الاسلامي، فيما قال "حزب الله" إنه غير مسؤول عنها، ولا يعلم من أمرها شيئا...!! وهكذا باتت هذه الصواريخ مجهولة الأب (...!!) حتى إن المتحدث الرسمي باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، الكولونيل "ريتشارد هيشت" لم يجزم ما إذا كانت "حماس" أو "الجهاد" وراء هذه الرشقة، لكنه قال إن هذه النيران كانت فلسطينية، ولم يطلقها "حزب الله" ....!!
نقول ونسأل: ما الذي فعلته رشقة الصواريخ هذه مجهولة الأب إذا لمعركة القدس، وللنضال الوطني الفلسطيني التحرري بصفة عامة...؟؟ يقول البعض: إن مجرد إطلاق النار، أية نار، باتجاه إسرائيل يعد مكسباً لهذا النضال، وينسى هذا البعض حكاية الدب الذي قتل صاحبه ليطرد ذبابة كانت تقف على رأسه..!! طبعًا لم تكن رشقة الصواريخ تلك هي الدب، ولم يكن ولن يكون النضال الوطني، هو صاحبه الذي تقف على رأسه تلك الذبابة، لكنها الأمثال التي تضرب ولا تقاس، لكن يظل صحيحًا أن الأمور تقاس بخواتيمها، فأية خواتيم، آنية على الأقل، جاءت بها هذه الرشقة من الصواريخ ..؟؟
وفيما يتعلق بلبنان، بحكم أن الصواريخ انطلقت من أراضيه، فإن الرد الإسرائيلي لم يكن ليعبر عن معركة حقيقية، طالما أن حزب الله لم يكن هو مطلق الصواريخ طبقاً للمتحدث الرسمي باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، وما يتعلق بحماس أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو يوم أمس الأول في خطابه الذي قال إنه "للأمة": "إن حماس استوعبت ما يمكن أن تتعرض له مستقبلاً" بعد خمسين طناً من المتفجرات ألقيت على غزة مثلما قال...!! وأن يقول نتنياهو ذلك، معناه أن التفاهمات مع حماس باتت أكثر تفصيلاً وتطورا..!! ما يلفت الانتباه في كل هذا الإطار أن إسرائيل لم ترَ بكلمات واضحة في رشقة الصواريخ هذه، أنها رد على ما ترتكب في القدس والأقصى من عدوان متواصل على شعبنا الفسطيني، وإنما رأتها بتلميحات لافتة، أنها رد على غاراتها على العديد من الأهداف الإيرانية، على الأراضي السورية، بدلالة تهديدات نتنياهو لسوريا بأنها "ستدفع ثمناً باهظاً إذا سمحت لأحد بالعمل ضدنا" كما قال بالحرف الواحد، في خطابه يوم أمس الأول.
يبقى أن نشير كملاحظة لها علاقة بالوضع اللبناني بكون الصواريخ تلك لم تكن فلسطينية تمامًا، من حيث ما رأى كتّاب في الصحافة اللبنانية، وقالوا إنها لتأكيد سطوة حزب الله على الدولة اللبنانية، سطوة القرار والموقف، من خلال استخدام إسماعيل هنية كبندقية للإيجار مثلما كان أبو نضال الذي انشق عن حركة "فتح" في سبعينيات القرن الماضي...!! ويا لها من مقاربة تكشف الكثير من غايات تلك الصواريخ الدخانية.
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها