حكومة الثلاثي نتنياهو- بن غفير- سموتيرتش، مفيدة جدا بالنسبة لنا، فهي برهاننا على أن منظومة الاحتلال والاستيطان (إسرائيل) كانت منذ تشكيلها (أم الإرهاب الديني) في منطقة الشرق الأوسط، ومثالاً للدارسين والباحثين عن إرهاب وعنصرية الدولة، ونموذجًا للدولة السائرة بالاتجاه المعاكس للتطور الفكري والثقافي والاجتماعي والسياسي المتنامي لدى شعوب العالم، فهذه (الإسرائيل) التي أنشئت بقرار وإرادة دول استعمارية وفرضت كأمر واقع على العالم الذي كان منشغلاً برفع ركام الحرب العالمية الثانية، يبرهن ساستها، وما زالوا يبرهنون بأفعالهم وجرائمهم وقوانينهم وعدوانهم المستمر على الشعب الفلسطيني منذ حوالي ثمانية عقود على الحقيقة غير القابلة للتزوير أو الطمس، وهي أن الشعب الفلسطيني هو حصريًا صاحب الحق التاريخي والطبيعي في أرض وطنه، وأن هذه (الإسرائيل) مجرد مشروع استعماري مسير، كان الهدف منه وضع الشعب الفلسطيني خارج سياق التاريخ والجغرافيا، ليكتشف العالم بفضل صموده وثباته ونضاله وتمسكه بحقه وتجذره في أرض وطنه، أن الدول الاستعمارية قد زرعت في المنطقة نظامًا دكتاتوريًا مجرمًا عنصريًا مقنعًا بديمقراطية خاصة. وما حكومة الثلاثي الإرهابي العنصري التي أعلن نتنياهو تشكيلها، إلا تجسيم للعنصرية، تستخدم القوة الكامنة في كلمة السر (61) ليس لتغيير شكل ومضمون المنظومة وحسب، بل لفرض منطق السيطرة والسيادة (اليهودية)، والإبقاء على نظام التفوق اليهودي، خشية تنامي مشاركة الفلسطينيين في الحياة السياسية في إسرائيل (النواب العرب في الكنيست) وبالتوازي –حسب ظنهم- إخضاع الشعب الفلسطيني بالقوة المسلحة، تمهيدًا لتنفيذ مشروع التوسع الاحتلالي والاستيطاني وكذلك دوائر النفوذ الاقتصادي والأمني في الشرق الأوسط، والتهيؤ لمواجهة حاسمة مع الشرعية الدولية، الأمر الذي يحتاج لوزراء، يكون الإجرام والإرهاب مكونًا رئيساً لشخصيتها مثل ايتمار بن غفير الذي عيّره ناحوم برنياع بقوله: "لقد بزغ عهدٌ آخر، مُعادٍ للبرالية، حريدي، قومي، هدّام".، فبن غفير-وهو محل إجماع- مجرمٌ ومُدانٌ بالإرهاب".

 ما حدث وسيحدث فصل جديد بدأ فعليًا بريقه في المجتمع السياسي لمنظومة الاحتلال والاستيطان والفصل العنصري (إسرائيل) الذي لن تكون نتائجه علينا أسوأ من فصول المجازر والمذابح والتهجير وجرائم الحرب وضد الإنسانية التي ارتكبتها المنظمات الصهيونية قبل إنشاء (إسرائيل) وارتكبتها دولتهم التي سوقت في العالم، وروج لها على أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. فالرقم 61 هو عدد أصوات اعضاء الكنيست (الأغلبية المطلقة) التي يحتاجها الثلاثي: (الصهيونية الدينية والليكود والعظمة اليهودية) -لاحظوا أسماء الأحزاب- وهو الرقم الذي سيتم تحويله إلى أعتى سلاح يمكن لحكومة دولة ما استخدامه لإرهاب معارضيها، فالقوانين التي سيشرعها الثلاثي العنصري ستكون الوسيلة لضمان تفوق وسيطرة وسيادة يهودية على أكثر من سبعة ملايين فلسطيني على أرض فلسطين التاريخية بما فيهم حوالي مليوني فلسطيني في المدن والبلدات والقرى المحتلة في سنة 1948.. فحكومة الإرهاب الديني المثلثة الأضلاع، ستعمل حسب تقديراتنا على استخدام القوانين كسلاح إرهاب لإبعاد المواطنين الفلسطينيين –مالكي حق الانتخاب والترشح للكنيست- الذين يرفضون الولاء لإسرائيل! وبذلك يعرف العالم أن الارهاب الديني العنصري لم يعد حكرًا على جماعات وتنظيمات واحزاب، بل صار منهجًا لدولة ناقصة مصنفة على أنها عنصرية بسياستها، اسمها (اسرائيل).

 لاشك أن خطر هذا الثلاثي على مجتمعاتهم السياسية سيكون حتميًا، ونعتقد أن الضرر الأعظم والأشد وطأة سيلحق بها، وقد يكون مأساويًا أيضاً، ذلك أن العنصريين يجلبون الدمار لأنفسهم وكياناتهم مهما تحصنت بالقوة المسلحة أو الاقتصادية، أما نحن فليس أمامنا إلا الاستعداد للأسوأ المحتمل، ولكن بإمكاننا الاستفادة من جنوح وانقلاب (الثلاثي العنصري الارهابي الديني) وهذا يتطلب تفعيل قوانا الشعبية الميدانية، بالتوازي مع قدراتنا السياسية والدبلوماسية والإعلامية في الاتجاهات كافة، ونظم عملها وفق منهج مدروس خال من الانفعالات والمواقف المعلومة سلفًا، فنحن بحاجة إلى أقصى درجات العناية في صياغة خطابنا وتحقيق أهداف روايتنا الوطنية، فحكومة الصهيونية الدينية والعظمة اليهودية والليكود ستساهم قراراتها وقوانينها وجرائمها المتوقعة (إجراءاتها) في إسقاط قناع (الديمقراطية) الذي استطاعت منظومة الاحتلال والاستيطان (إسرائيل) استخدامه كأهم سلاح ضدنا، وأهم رافعة لدعايتها، وتثبيت كذبتها التاريخية في الذاكرة الجمعية لمعظم شعوب العالم.. فنحن والعالم الآن أمام وحش مفترس لم يعد ممكنًا له التخفي بجلد الحمل!