ستة أبطال من الشهداء سقطوا في نابلس جبل النار، وقرية النبي صالح، ووقعت عشرات الإصابات في صفوف المواطنين  وشبان المواجهات أجهزة الأمن في نابلس وجنين والقدس العاصمة الأبدية والخليل ورام الله والبيرة مساء أمس الأول الإثنين وفجر أمس الثلاثاء الموافق 25 أكتوبر الحالي بعد معركة المواجهة البطولية، التي فرضها جيش الموت الإسرائيلي على أبناء الشعب وكان لأبطال الأجهزة الأمنية دور مميز في اكتشاف عصابة المستعربين، الذين هدفوا إلى القضاء على فرسان المقاومة الوطنية. لكن محاولتهم باءت بالفشل. لأن الكل الوطني قاومهم بالسلاح الخفيف والبسيط، رغم ارتفاع عدد الشهداء والإصابات من الجرحى. لكنهم لم يتخلوا عن دورهم في الدفاع عن شعبهم، وتضافرت جهودهم جميعًا كتفًا إلى كتف لطردهم من البلدة القديمة.

أربع ساعات من المواجهة الباسلة مع عصابات جيش الدولة الإسرائيلية الاستعمارية، رغم اختلال موازين القوى بين المستعمرين وشبان المواجهات ولم تهن عزيمة الرجال، ولم يستسلموا أمام جبروت وغطرسة القوة الصهيونية، بل قاوموا ودافعوا عن أنفسهم، وعن حقهم في الحياة الحرة الكريمة، وعن مستقبل أطفالهم، وعن أبناء شعبهم

وكان مخطط الجيش الإسرائيلي بقيادة غانتس، وزير الجيش وكل أركان قيادته القضاء على أبطال المقاومة. لكن فطنة وسرعة بديهة عناصر الأجهزة الأمنية قطعت الطريق عليهم، وفق ما صرحت به مصادر الإعلام الإسرائيلي. وكأن حكومة لبيد غانتس وبينيت لم تكتف بالحصار الإجرامي لمدينة البطولة والفداء جبل النار طيلة الأسبوعين الماضيين، وعملية الاغتيال الإجرامية التي طالت الشهيد تامر الكيلاني قبل 24 ساعة من اقتحام البلدة القديمة، إنما أرادت استباحة أكبر كمية من دماء الشعب الفلسطيني لتزيد من رصيدها في صناديق الاقتراع المقرر فتحها بعد أسبوع، ولتنافس خصومها من الصهاينة على أيهم أكثر دموية وإجرامًا ووحشية تجاه المواطنين الأبرياء والعزل.

وكما ذكرت في زاويتي هذه العديد من المرات، جرائم الحرب والمجازر والمحارق الإسرائيلية، التي ينفذها جيش القتلة، وقطعان المستعمرين لا تقتصر على لحظة الانتخابات للكنيست، إنما هي جزء من نظريتها وفلسفتها الأمنية، القائمة على الجريمة المنظمة، وإرهاب الدولة الاستعمارية، التي تحميها دول الغرب الرأسمالي وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، وتحول دون محاكمتهم، وملاحقتهم أمام المحاكم الأممية، وتغطي جرائم حربهم بغربال ممزق ومهترئ، الذي لا يستقيم مع أي قانون وضعي، ويتنافى مع قوانين حقوق الإنسان ومعاهدات جنيف الأربع، وغيرها من المواثيق الأممية. لأن مصالحها الاستراتيجية تكمن في حماية دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، قاتلة السلام والأمن في الإقليم والعالم كله، وليس ضد الشعب الفلسطيني فقط.

جريمة نابلس الإسرائيلية الجديدة أمس الثلاثاء حرب مفتوحة ضد الشعب الفلسطيني بكافة طبقاته وشرائحه ونخبه السياسية والاقتصادية والثقافية والأكاديمية وفصائله السياسية بهدف قتل الحياة في أوساط الشعب، وتعميم وتكثيف ظلام الوحشية الإسرائيلية، وإفقار الشعب، وحرمانه من أبسط حقوقه الإنسانية والسياسية، وإغلاق بوابة ونوافذ السلام الممكن والمقبول وتأبيد استعماره وهيمنته على إرادة وقرار وحرية الشعب العربي الفلسطيني وعلى مرأى ومسمع وصمت العالم كله، الغارق في أزماته وحروبه المتعددة الأوجه والمسارات.

لكن هذه الجريمة وغيرها من الجرائم لن تمر مرور الكرام، لأن الشعب الفلسطيني وقواه الحية سيقاومون، كما قاوموا على مدار العقود الثمانية الماضية مذابح ومجازر وجرائم حرب إسرائيل المتعاقبة، وسيواصلون مشوار الدفاع عن حقوقهم السياسية والقانونية والإنسانية وصولاً لأهدافهم في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير. ولن يستسلموا مهما كانت التضحيات الجسام، ومهما أغمض العالم عمومًا والغرب الرأسمالي بقيادة أميركا أعينهم، سيبقون مدافعين دفاعًا شرسًا عن ثوابتهم الوطنية دون تردد أو تلكؤ أو خشية من الأثمان العالية والغالية التي سيقدمونها قربانًا لحريتهم وانتصارهم على النازيين الجدد الصهاينة.

 

ومع ذلك على الكل الفلسطيني دون استثناء أن يرتقوا إلى مستوى المسؤولية للدفع باتفاق الجزائر الشقيقة للأمام لتوحيد الصفوف، وتعزيز عوامل الصمود لمواجهة التحديات الصهيوأميركية وحلفائهم في الإقليم من كل الأصناف والمسميات.

 

المصدر: الحياة الجديدة