حملة التصعيد الحالية التي تقودها سلطات الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي وأدواته باستهداف رمز الشرعية الفلسطينية الزعيم محمود عباس، مستغلة الوصف الذي أطلقه على عشرات المجازر التي ارتكبتها دولة العصابات الصهيونية الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني مدنيين أطفالاً وشبابًا وشيوخاً ونساء بالهولوكوست دون أية إشارة إنكار لجريمة الدولة الألمانية التي أصابت اليهود، مرسلاً بذلك إشارة واضحة ودعوة صريحة مزدوجة لكل من قادة الكيان الاستعماري الإسرائيلي الدموي العنصري بأن من يدعي تعرضه لأعمال القتل الأولى بعد تمكنه من عناصر القوة العسكرية الغاشمة أن يحترم حق الشعب الفلسطيني بالحياة والحرية والعدالة والاستقلال لا بإعمال جرائم الطرد والتهجير لملايين الشعب الفلسطيني خارج وطنهم التاريخي، وبارتكاب المجازر والجرائم على مدار ثمانية عقود بحق أبناء فلسطين دون توقف. والرسالة الأخرى موجهة للمجتمع الدولي عبر ألمانيا للاضطلاع بدورها لتأمين الحماية والدعم للشعب الفلسطيني بتمكينه من التمتع بحقوقه الأساس وفي مقدمتها الحق بالحياة الآمنة والحرية وتقرير المصير.
أهداف الحملة إسرائيليا:
تهدف سلطات الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي بقواها الحاكمة والمعارضة إلى تحقيق عدد من الأهداف منها:
أولا: إرهاب الدولة الألمانية للعودة عن رؤيتها السياسية بأن حل الدولتين، أي إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 حزيران لعام 1967 أساس لإقامة السلام وإنهاءا للصراع .
ثانيا: العمل على إضعاف الدبلوماسية الفلسطينية العاملة بتوجيهات سيادة الرئيس أبو مازن، التي تمكنت من فضح وتعرية السياسة الإسرائيلية العدوانية وسعيها لفرض أمر واقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحشد رأي عالمي واسع مؤيد وداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، والذي تجلى عبر عشرات القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في دوراتها السنوية العادية والطارئة وعن مجلس الأمن.
ثالثا: العمل على محاولة إضفاء صفة الدفاع عن النفس إزاء الجرائم التي ترتكبها ولم تزل عصاباتها الاستيطانية بدعم وحماية وتمكين من قواتها العسكرية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح والتي صنف العديد منها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أو ترقى لذلك.
رابعا: الخوف من العزلة الدولية مع تصاعد الرأي العام العالمي الرسمي والشعبي والحقوقي الآخذ بالاتساع باعتبار الجرائم الممنهجة المرتكبة بحق فلسطين وشعبها تشكل الوجه الثاني من جرائم التطهير العرقي وتحتل القدر نفسه من الإدانة والتنديد والشجب لجريمة الهولوكوست.
خامسا: محاولة إيجاد بيئة معادية قبيل خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول المقبل، مع انتهاء السنة التي حددها للمجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته بالضغط على سلطات الإحتلال الإسرائيلي لإنهاء استعمارها تنفيذا للقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وتحميلها المسؤولية لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري لأراضي الدولة الفلسطينية المحتلة بعدم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإرغام "إسرائيل" على الانصياع لإرادة المجتمع الدولي ولمبادئ وأهداف الأمم المتحدة.
سادسا: إظهار وإثبات مدى التطرف لحكومة لبيد- غانتس بهدف حشد وكسب أصوات الجمهور العدواني المتطرف في الانتخابات القادمة في الأول من تشرين الثاني.
سابعا: محاولة بائسة لدفع دول نافذة كأميركا لرفع مستوى ضغوطها على القيادة الفلسطينية ورمزها أبو مازن بعد فشل جميع أشكال الضغوط التي مارستها سلطات الاحتلال الإسرائيلي لدفعه القبول بالحلول المؤقتة ذات الطابع الإنساني المعيشي.
إذن، يمكننا القول إن حملة إاستهداف الشرعية الفلسطينية من خلال استهداف رمزها الرئيس محمود عباس لم تأت بمعزل عن الأوضاع الداخلية للكيان الاستعماري الإسرائيلي والصراع على السلطة بين التيارات العنصرية المتطرفة التي تتنافس فيما بينها على من هو الأقدر لاحتلال موقع الصدارة في من يكون الأعظم إرهابا وعنفا ودموية بحق الشعب الفلسطيني الذي يرضخ تحت نير وسطوة الكيان الإسرائيلي الاستعماري الإحلالي لعقود طويلة مضت في ظل غياب إرادة دولية جادة للانتصار لحقوق الشعب الفلسطيني ولمبادئ الأمم المتحدة، لم يتمكن خلالها العدو من فرض إرادته أو النيل من إرادة الشعب الفلسطيني النضالية بقيادة (م .ت .ف) الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .
ردود الأفعال الألمانية:
لقد أثبتت ألمانيا أنها دولة كرتونية أسيرة ومستعبدة للحركة الصهيونية المدموغة بالعنصرية والتطرف والإرهاب.
إلا أن ردود فعل المستشار الألماني شولتس وإدارته وأحزابه اللاحقة، تعقيبا على الموقف الفلسطيني الشجاع والحكيم للرئيس والزعيم الفلسطيني محمود عباس الذي حدد من خلاله بصراحة أمام المستشار الألماني الموقف الفلسطيني إزاء استدامة العدوان الإسرائيلي والاستعصاء السياسي نتيجة التعنت الإسرائيلي وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من معاناة على الأصعدة كافة جراء استمرار الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي دللت وكشفت عن:
أولا: إنحياز السياسة الألمانية لإسرائيل بسياستها الاستعمارية الإرهابية والعنصرية والعدوانية والتوسعية ترسيخا لمبدأ حق القوة المنبوذ لدى غالبية دول العالم.
ثانيا: عدم التحرر من سطوة الحركة الصهيونية المدعومة أميركيا خوفا من اتهامها بمعاداة السامية التي أصبح الكيان الإسرائيلي يستغلها سلاحا يهدف إلى تكميم الأصوات كافة التي تنتقد أو تندد بنهجه العدواني والعنصري وممارساته داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، وما الموقف من تقرير منظمة العفو الدولية الذي دعا إلى تفكيك نظام الفصل العنصري الإسرائيلي إلا دليل على ذلك.
ثالثا: الازدواجية في الموقف، ففي الوقت الذي تقوم الحكومة الألمانية بدعم أوكرانيا وتزويدها بالسلاح وتصف مقاومة الشعب الأوكراني للقوات الروسية بالشجاعة والدفاع عن النفس، نجد أنها تقف على النقيض من ذلك بالتعامل مع نضال الشعب الفلسطيني المناضل من أجل الحرية والتحرر من المستعمر الإسرائيلي والاستقلال وتقرير المصير ودعمها للكيان الاستعماري الإسرائيلي خلافا للمعايير الدولية ولمبادئ وميثاق الأمم المتحدة وللاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تحظر الاحتلال الخارجي وتكفل حق تقرير المصير للشعوب وهنا حق الشعب الفلسطيني بالحرية وتقرير المصير.
الرئيس أبو مازن بموقفه الحكيم والشجاع المتمسك بالثوابت الفلسطينية المتوافق عليها في قرارات المجلس الوطني الفلسطيني، مثل صوت شعب فلسطين في نضاله بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وعمودها الفقري حركة فتح داخل الأرض المحتلة وخارجها. الشعب الفلسطيني وقواه يدعون القيادة الألمانية للعودة عن مسيرتها المنحازة للعدوان الاستعماري الإسرائيلي، وأن تحتكم لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة بقراراتها وتوجهاتها، وأن تنتصر لحق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وأن تخرج من عباءة وسطوة الحركة الصهيونية العدوانية التوسعية والمتطرفة، وأن تتحرر من تبعات الحرب العالمية الثانية.
الشعب الفلسطيني مؤمن بحقه التاريخي في وطنه..لن يخضع ولن يستسلم.. وماض في نضاله بكافة الوسائل المكفولة دوليا حتى النصر والتحرير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 بإذن الله.
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها