عند الضريح، ضريح ياسر عرفات، تجمع الفلسطينيون في ذكرى النكبة، جاءوا من كل حدب وصوب، يرفعون علم فلسطين، وراية سوداء لأن النكبة ما زالت تلقي بواقعها المعتم على حياتهم، ومن عند الضريح انطلقوا في مسيرة هتافها الوطني، عائدون طال الزمن أم قصر، فلسطينيون من مختلف الأعمار، رجالاً، ونساء، شبابًا، وفتيات، وأطفالا تتفتح معهم طاقات الأمل وهم يحملون لافتات بأسماء مدنهم الفلسطينية التي هجر منها آباؤهم وأجدادهم، وعلى نحو ما يسقط مرة أخرى مقولة أول رئيس وزراء لإسرائيل ديفيد بن غوريون" الكبار يموتون والصغار ينسون" .
 

ليست مجرد ذاكرة حية هذه لدى الفلسطينيين، إنها رواية الواقع الذي يقاومون، نعني واقع النكبة، مثلما هي رواية الحيوية الوطنية، في فصولها النضالية، ولا شك أنهن الأمهات الماجدات وقد أرضعن أولادهن حليب الرواية دافئًا بحب الوطن وسلالاته النبوية، وباعثًا في عروقهم دم التحدي والمقاومة . 
 

لايعرف الفلسطينيون النسيان ولن يعرفوه طالما النكبة لا تزال تتوالى بمظالم فادحة ما زالت إسرائيل الاحتلال والعدوان تنتج أنواعها المختلفة، ومنها احتفالها بذكرى النكبة تحت مسمى مغاير للواقع، وعلى نحو بهيج كمثل ما يرقص القاتل على جسد الضحية ..!!
 

غير أن لشعب فلسطين قصيدته الملحمية، المفعمة بالحياة لا بالموت، نُقتل نعم، ولكنا لا نموت، نحاصر، ولكنا لا نضيق بالأرض، ولا الأرض تضيق بنا، نقاوم ولا نتراجع ولا نساوم وبهذه القصيدة نحيي ذكرى النكبة نترحم على شهدائنا ونؤكد لهم أننا على دروبهم سائرون، حتى تصبح النكبة مجرد فصل تراجيدي في رواية الحضارة الفلسطينية، حضارة المقاومة، والثبات والتحدي، بسيرتها الأسطورية .
 

وعند الضريح تعلق الفلسطينيون بالرمز الذي بات عليه ياسر عرفات، دلالة على التمسك بالثوابت الوطنية وتأكيدًا على المضي في طريقه الذي شقه مع إخوته من قادة الكتيبة الأولى المؤسسة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" وكان سيادة الرئيس أبو مازن قد ألقى عليه، وعلى الحشد الشعبي الفلسطيني، التحية من فضاء مقر الرئاسة، وهو يغادر لأداء الواجب الإنساني والأخلاقي، بالحضور في مراسم تشييع جنازة المغفور له رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وهؤلاء هم الفلسطينيون أولياء القيم الأخلاقية النبيلة، وصناع التاريخ بالسيرة النضالية.
 

النكبة فصل معتم سيطويه شعبنا حتمًا وهو في كل عام وفي ذكراها يردد العهد والقسم ذاته معًا وسويًا حتى القدس حتى القدس حتى القدس . 

 

المصدر: الحياة الجديدة