ما كشفت عنه صحيفة "هآرتس" عن إقرار جيش الاحتلال الاسرائيلي أمراً عسكرياً جديداً يمكن سلطات الاحتلال من طرد آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، وتقديمهم للمحاكمة بتهمة "التسلل"،
جاء ليؤكد أن الضفة الغربية بالكامل واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي، وأن الاطمئنان الأمني الذي يعيشه المحتلون في الضفة الغربية قد شجع قيادة الجيش لإقرار الأمر العسكري، وتجاهل وجود السلطة الفلسطينية والاتفاقات الموقعة بين "اسرائيل" منظمة التحرير الفلسطينية.
وفور دخول الأمر العسكري الجديد حيز التنفيذ فإن عشرات الاف الفلسطينيين في الضفة الغربية سيصبحون بصورة فورية إلى "مقيمين غير شرعيين". وذكرت مراسلة الصحيفة، عميرة هس، أن أول المستهدفين في القانون هم فلسطينيون من مواليد غزة أو مسجلين كسكان غزة وانتهى تصريح اقامتهم في الضفة الغربية.
وحسب الأمر العسكري الجديد فإن تعريف "متسلل" هو كل من يقيم في الضفة دون تصريح حسب القانون، وهو تعريف وصفته الصحيفة على انه فضفاض وغامض، إذ يمكن اعتبار سكان القدس كمتسللين. كذلك أجانب أو فلسطينيين يجملون جوازات أجنبية وحتى أميركية. وأضافت ان الأمر الجديد يبقي تعريف "متسلل" لإعتبارات ضباط الجيش. ويسمح أيضا لقائد الجيش الإسرائيلي باحتجاز "المتسلل" وطرده وتغريمه ما مجموعه 7،500 شيكل.
وعليه، سوف يحتاج الفلسطينيون إلى تصاريح خاصة لدخول المناطق القريبة من الجدار الفاصل، ومنذ فترة طويلة منع الفلسطينيين من وادي الأردن الدخول دون الحصول على إذن خاص. كما يحتاج سكان القدس الشرقية الى إذن لدخول المنطقة (أ)، الأراضي الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية بالكامل.
ووفقا للقرار الجديد الذي تدعمه التشريعات العسكرية ، منذ عام 2007 ، يجب على الفلسطينيين الذين يحملون عناوين غزة طلب إذنا بالبقاء في الضفة الغربية. ومنذ عام 2000 ، قد تم تحديد أنهم نزلاء غير قانونيين كما لو كانوا مواطنين لدولة أجنبية حيث تم ترحيل الكثير منهم إلى قطاع غزة ، بما في ذلك أولئك الذين ولدوا في الضفة الغربية. وسيلحق الاذى كذلك بالفلسطينيين الذين انتقلوا إلى الضفة الغربية بموجب أحكام جمع شمل الأسرة .

وطالبت منظمات حقوق الإنسان وزير الحرب ايهود باراك بمراجعة هذه التعليمات لأنها غامضة وشاملة وتخضع عمليا كل سكان الضفة الغربية لمخاطر الطرد. ورأت أن المستهدفين بهذه التعليمات والقوانين الجديدة يشملون أهل غزة المقيمين في الضفة والأجانب المتزوجين من أهالي الضفة، وذلك ينطبق على عشرات الآلاف من الأشخاص في هاتين الفئتين.

وكان مركز "هموكيد للدفاع عن الفرد" هو أول مركز حقوقي اصدر تحذيرات ضد النظام الجديد، وأرسلت مديرته داليا كرستين طلبا لقائد المنطقة الوسطى آفي مزراحي لتأخير هذا الأمر، بالنظر إلى انه يمس بحقوق عدد هائل من الناس.

ودعت "مؤسسة المقدسي" إلى ضرورة العمل على كافة الأصعدة القانونية لمواجهة الخطر المحدق بالفلسطينيين جراء الأمر العسكري الجديد رقم 1650 والذي تمت المصادقة عليه من قبل قيادة جيش الاحتلال العليا في 13/10/2009، معتبرة أنه ويعني إعادة العمل بما كانت قد اتخذته سلطات الاحتلال في عام 1969 عندما كانت تعامل أي فلسطيني تواجد في "دول العدو" كمتسلل وإبعاده عن الضفة الغربية.
ووفقا للمؤسسة فان هذا الامر سيؤدي إلى ضرورة حصول الفلسطينيين في مختلف المناطق ومن ضمنها الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة على تصاريح خاصة للدخول إلى أراضيهم في مناطق زعيم والعيسوية ضمن المشروع الاستيطاني E1 كما هو حاصل حاليا مع المواطنين من قرية العيسوية، وسيكون من نتائج هذا الأمر العسكري الجديد وجوب حصول الفلسطينيين المتواجدين بمحاذاة جدار الفصل أو الذين أراضيهم داخل جدار الفصل على تصاريح خاصة. كما سيؤثر هذا الأمر العسكري الجديد على الفلسطينيين الذين تواجدوا في الضفة الغربية والقدس المحتلة لغاية الاستماع لطلباتهم المتعلقة بجمع الشمل وما يعنيه ذلك، من تفكيك المئات بل الآلاف من الأسر الفلسطينية بسبب هذا الأمر العسكري الجائر والذي يخالف كافة القوانين والمواثيق والأعراف الدولية التي تمنع دولة الاحتلال من تشريد والإبعاد القسري للشعب الذي يرزح تحت سلطة احتلالها. وسيتم التعامل بحزم مع كل فلسطيني أو فلسطينية متزوجة من أجنبي كما يدعون مما سيؤدي إلى المزيد من تفكك الأسر الفلسطينية وإجبارهم على الرحيل إلى خارج فلسطين المحتلة.
وحذرت المقدسي من خطورة تنفيذ هذا القرار وتدعو الدول العربية وجامعتهم العربية والإسلامية للتدخل الفوري، والمجتمع الدولي إلى الضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي لإلغاء هذا القرار نهائيا ودعت السلطة الفلسطينية إلى للتحرك الفوري على جميع الأصعدة الدولية والإقليمية لمنع تنفيذ هذا القرار .

بدوره قال مدير "مؤسسة الضمير" خليل ابو شمالة في حديث لوكالة "معا" الاخبارية ان القرار الاسرائيلي يعتبر تهجيرا قسريا ومخالفا لاتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على عدم طرد السكان المدنيين من مكان اقامتهم الى اي مكان اخر، معتبرا أنه استمرار للسياسة الاسرائيلية في تهجير الفلسطينيين وترسيخ السيادة الاسرائيلية على الارض الفلسطينية، وياتي في اطار السياسية العنصرية في التمييز بين الفلسطينيين .


وفي إطار ردود الفعل،  دعا مجلس الجامعة العربية في بيان اصدره، عقب اجتماع عقده الثلاثاء 13-10-2010 على مستوى المندوبين الدائمين للدول العربية، الفلسطينيين الى "عدم الانصياع" لامر الطرد الاسرائيلي من الضفة الغربية.
واكد البيان "الدعم الكامل لتحرك الشعب الفلسطيني في الاراضي العربية المحتلة للتصدي لهذا القرار ومطالبته برفضه وعدم التعامل معه او الانصياع اليه والوقوف الى جانب السلطة الفلسطينية في رفضه وعدم التعامل مع نتائجه تحت اي غطاء او مبرر".
ووصف مجلس الجامعة العربية، الذي انعقد بمشاركة الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى، القرار الاسرائيلي بانه "عنصري ويستهدف تطبيق سياسة التهجير القسري على الفلسطينيين من قبل القوة القائمة بالاحتلال" واعتبر انه "يخرق الاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل بما فيها اتفاق اوسلو ويخالف مسؤوليات الدولة القائمة بالاحتلال التي تنص عليها مبادئ القانون الدولي".
وشدد البيان على ان هذا القرار "يجعل اقامة الدولة الفلسطينية وحل الدولتين امرا مستحيلا وبالتالي يكون استئناف المفاوضات (الفلسطينية - الاسرائيليية) بأي شكل امرا لا فائدة منه".
وقرر مجلس الجامعة "تكليف المجموعة العربية في الامم المتحدة باتخاذ الاجراءات اللازمة لعقد جلسة عاجلة للجمعية العامة للامم المتحدة لبحث مخاطر هذا القرار واتخاذ الاجراءات اللازمة لوقفه فورا".
كما قرر المجلس "اتخاذ الاجراءات اللازمة لعرض هذا القرار الاسرائيلي امام المحاكم الدولية المختصة بما فيها محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية".
في غضون ذلك، تواصلت ردود الفعل الغاضبة على القرار الإسرائيلي الذي يجيز طرد آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية. إذ حمل الناطق باسم حركة "فتح" فايز أبو عيطة، الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن "التداعيات الخطيرة" التي ستنجم عن تنفيذ قرار الجيش الإسرائيلي بتهجير الآلاف من المواطنين الفلسطينيين من الضفة الغربية، معتبراً أن القرار جاء في سياق "مخطط التطهير العرقي الذي انتهجته حكومات إسرائيل".
وقال أبو عيطة في بيان تلقت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) نسخة منه إن الحركة "ستقاوم بكل الوسائل المشروعة قرارات ومخططات تهجير المواطنين من أرض فلسطين، وستبقى تناضل لإنهاء الانقسام السياسي الذي تسعى حكومة إسرائيل لدعمه بإنقسام جغرافي واجتماعي"، مشددا على أن "فتح" تعتبر الضفة وقطاع غزة "وحدة جغرافية واحدة" وأن "الولاية والسيادة عليها للفلسطينيين أصحاب الحق التاريخي والطبيعي في فلسطين".
وأعتبر أن صدور القرار في هذا الوقت هو محاولة ابتزاز إسرائيلية سياسية للقيادة الفلسطينية، مؤكداً قدرة "فتح" على مقاومة قرارات "التطهير العرقي والتصدي للاحتلال واستيطانه وقراراه العنصري" بأساليب المقاومة الشعبية وكذلك استمرارها التمسك بالثوابت الفلسطينية، مردفا  ان قرار الجيش الإسرائيلي ذاك "ينسف أسس الاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير وحكومة رابين الإسرائيلية، ويوجه ضربة قاضية لعملية السلام"، محذرا في الوقت عينه "سلطات الاحتلال من الإقدام فعليا"ً على تنفيذ القرار، لافتاً إلى "النزعة التميزية العنصرية الحاكمة لتوجهات سياسة قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي وحكومته".

عريقات: القرار يشكل نسفا للمفاوضات وسيؤدي الى المزيد من العنف والفوضى
واعتبر مسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات ان القرار العسكري الإسرائيلي الأخير هو جزء من قرارات التطهير العرقي التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية، معتبرا القرار نسفا للمحادثات وللمفاوضات وللاتفاقيات، مؤكدا على ان مثل هذه القرارات تؤدي إلى مزيد من العنف والفوضى والتطرف وإراقة الدماء.

أبو ردينة: ترحيل فلسطينيين من الضفة مرفوض ويتناقض مع الاتفاقات الموقعة
وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، ان ما نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن ترحيل فلسطينيين من الضفة الغربية هو أمر مرفوض ويتناقض مع الاتفاقات الموقعة، مضيفا "ان من حق الفلسطينيين الإقامة في أي مكان من الأرض الفلسطينية".

شعث: القرار يشكل حلقة من حلقات التطهير العنصري في ظل نظام الابارتهايد الاسرايلي
و قال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" والمفوض العام للعلاقات الدولية فيها الدكتور نبيل شعث "ان الأمر العسكري الإسرائيلي الجديد والذي يمكن سلطات الاحتلال من ابعاد الالاف من الفلسطينيين وتقديمهم للمحاكمة بتهمة التسلل الى الضفة الغربية، يشكل حلقة جديدة من حلقات التطهير العنصري في ظل نظام الابارتهايد الذي تمارسه اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني"، معتبرا ان هذا الاجراء مكمل لاجراءات العدو بالابعاد والترحيل وتضيق الخناق بكافة السبل في الاقامة والتنقل والحصار ضد الفلسطينيين".

واضاف شعث ان هذه الاجراءات التعسفية العنصرية وغير القانونية تتعارض مع القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة للحفاظ على المدنيين تحت الاحتلال،  كما تتعارض مع اتفاقيات اوسلو والالتزامات الدولية باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتتنافي مع جميع القيم الانسانية في الحرية والديمقراطية والتعايش السلمي بين الشعوب، داعيا المجتمع الدولي إلى التصدي لهذه السياسة الاسرائيلية الجديدة ووقفها، محذرا من خطورة تنفيذها على الامن والاستقرار في المنطقة. كما طالب جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والامم المتحدة بالتحرك لاتخاذ الاجراءات المناسبة لوقف هذه الاجراءات العنصرية الخطيرة .

البرغوثي: الاحتلال يسعى الى تحويل الاراضي الفلسطينية الى كانتونات ومعازل وسجون
اعتبر الامين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية النائب الدكتور مصطفى البرغوثي الامر العسكري الاسرائيلي الجديد بانه قرار بالغ الخطورة لانه يكرس نظام التمييز العنصري ويمهد لعملية تطهير عرقي جديدة ضد الاف الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلة، الى جانب تكريس فصل القدس عن سائر الاراضي المحتلة وفصل الضفة عن غزة ورفع عقوبة السجن لتصل الى سبع سنوات بحق الالاف من ابناء شعبنا بذريعة التسلل الى الضفة الغربية.

واضاف البرغوثي ان القرار عنصري وان ما تقوم به "اسرائيل" مخالف للقوانين التي تعطي ابناء الشعب الفلسطيني من غزة او الضفة او القدس حق العيش والاقامة في أي بقعة من الاراضي المحتلة دون اذن من الاحتلال الذي يسعى بشكل منهجي الى تحويل الاراضي الفلسطينية الى كانتونات ومعازل وسجون، مؤكدا ان القرار الاسرائيلي هو بمثابة الغاء لكل ما تبقى من ترتيبات اوسلو كون "اسرائيل" لا تعترف باي نفوذ اوسيطرة للسلطة الفلسطينية وتلغي دور كل المؤسسات الفلسطينية التشريعية والتنفيذية والقضائية.
واوضح البرغوثي ان القرار هو خطوة مقصودة لتصعيد الوضع واستهتار جديد بالمجتمع الدولي الذي ما زال يتحدث عن عملية السلام، داعيا الى مجابهة القرار العنصري الاسرائيلي من خلال المقاومة الشعبية وفرض حملة مقاطعة وعقوبات على اسرائيل الساعية الى تكريس الابارتهايد وتصفية عناصر القضية الفلسطينية.

وقال البرغوثي انه ما من شك ان هذا الامر العسكري الاسرائيلي هو جزء من مخطط شامل يستهدف التصفية التدريجية لكل عناصر القضية الفلسطينية بما في ذلك حق عودة اللاجئين وحق الفلسطينيين في القدس والسيادة الفلسطينية على الحدود ومنطقة الاغوار ومصادر المياه والان مصادرة حق شعبنا في الحركة داخل اراضيه وتحويله بكل مكوناته الى مجموعة من الاسرى في سجون معزولة، مشيرا أن ذلك يؤكد على استحالة قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة دون انهاء الاحتلال بالكامل والغاء أي سيطرة تشريعية او قانونية اسرائيلية على كل شبر من الاراضي المحتلة.


ابو ختلة: "فتح" ستقف ضد القرار العسكري الاسرائيلي العنصري بكل قوة
بدوره أكد مفوض العلاقات الوطنية لحركة "فتح" في قطاع غزة الدكتور صلاح ابو ختلة تصميم الحركة على الوقوف ضد القرار الاسرائيلي رقم 1650 ، مؤكدا على ان مثل هذا القرار لن يدفعها للتنازل عن الثوابت الوطنية. وأشار ان خطورة القرار العسكري للاحتلال تكمن في مخالفته لاتفاق المبادئ الذي وقعته منظمة التحرير والذي يعتبر الاراضي الفلسطينية وحدة جغرافية واحدة.
وأكد أن "فتح" ستواصل عملها النضالى الجاد وعلى كافة الاصعدة لحماية ثوابتنا الوطنية التي لن نساوم عليها ولن نتنازل عن اي جزء منها مهما حاول الاحتلال، مشيرا الى ان قرارات الرئيس واللجنة المركزية دعت لمواجهة القرار الاسرائيلي تتطلب ترتيب الصفوف والعمل الجاد ضد القرار .
واضاف أن الانقسام شكل دافعا للاحتلال للاقدام على هذه الخطوة غير الشرعية والتي تتناقض مع كافة الاعراف والقوانين، داعيا  الى الاسراع في انهاء الانقسام والتصدي لقرارات الاحتلال واجراءاته في القدس المحتلة وفي كافة المناطق الفلسطينية.