هناك رسائل تقرأ تلقائيًا دون حتى كتابتها أو بثها علنيًا وقد تكون هذه الرسائل أكثر عمقًا ووضوحًا حتى من الرسائل والتصريحات المصرح بها والمعلن، بقي أن يُعمل المتلقي عقله ويحسن قراءتها بالشكل الصحيح المجرد من ارتباطاته وخلفياته الفكرية والسياسية، وإسرائيل الدولة المحتلة ورئيس وزرائها الحالي من أكثر الدول استخدامًا لهذا الأسلوب وهي تحسن استخدامه بشكل جيد خاصة في القضايا الاستراتيجية الحساسة لا سيما قضية السلاح النووي الإسرائيلي الذي تلمح مرارًا بامتلاكه غير أنها غير مستعدة إطلاقًا التصريح بوجوده لديها لأن من شأن ذلك أن يجلب لها الكثير من الأعباء التي هي في غنى عنها، كذلك فإن إسرائيل تمارس الاغتيال والقتل خارج نطاق القانون لا سيما العمليات السرية خارج الحدود وداخل حدود دول أخرى دونما التصريح بقيامها بمثل هذه العمليات الاستخبارية المعقدة، وحتى وإن أشارت كل التقارير الصحفية والإعلامية على ارتكابها مثل هذه العمليات تلتزم هي الصمت ولا تصرح بذلك علنًا ومن جملة ما يلفت الانتباه أكثر وأكثر هو إصرار رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو على الخروج والتصريح الإعلامي من أمام خريطة العالم العربي ففي كل مناسبة يقوم نتنياهو بإعطاء موقف أو تصريح إعلامي تكون خريطة العالم العربي من خلفه ويتكرر هذا المشهد عشرات المرات، وتكون الخريطة بشكل واضح وجلي فهي تضم كل منطقة الخليج العربي وبلاد الشام كافة وهو لا يكتفي بخريطة فلسطين التاريخية حتى أن الملاحظة الأهم أن خريطة فلسطين غير واضحة وبعيدة وما يبرز من خلفه في كل مرة هي خريطة المملكة العربية السعودية والخليج العربي بالإضافة لبلاد الشام كافة. هذا الأمر الذي أصبح الآن جزءًا أساسيًا من الشكل العادي الذي يطل به نتنياهو على العالم وشعوب المنطقة بشكل خاص.

من هنا فهو يود إيصال رسائل عديدة لمختلف القوى في المنطقة والعالم أهمها أن هذه المنطقة المحددة في الخريطة هي منطقة نفوذ إسرائيل والتي لم ولن تتخلى عنها أبدًا، وأن مشروعها بالمنطقة لم ينته بفلسطين بل هو يبدأ منها فهذه المنطقة التي تتوسط العالم أجمع هي منطقة حيوية ومصيرية لأي قوة تود الاحتفاظ بقدراتها الحاسمة في مواجهة قوى العالم المختلفة، أما على صعيد المستقبل القريب والبعيد فإسرائيل تعتبر نفسها جزءًا من هذه المنطقة وهي تسعى بكل جهد وطاقة من أجل السيطرة عليها والمقصود ليس فقط بالسيطرة ليس لفقط السيطرة العسكرية وشبه العسكرية داخل هذه الأماكن فهناك أنواع متعددة وكثيرة من أنواع السيطرة، أما الرسالة الأوضح التي تود إسرائيل إيصالها لكل دول المنطقة هي أن هذه الدولة الصغيرة جغرافيًا وديموغرافيًا لها الباع الطولى في المنطقة ككل وهي تستطيع الوصول لأي هدف تريد وهي قادرة على التقرير والتحكم بمصير هذه المنطقة بشكل عام وهذا فعلًا ما تحاول إسرائيل القيام به.