لموقف اندونيسيا المناهض للتطبيع بحاله الراهن قبل تحقيق السلام العادل، أهمية كبيرة بكبر ما تمثله هذه الدولة، بوصفها الدولة الإسلامية الأكبر في العالم الإسلامي، وتكمن أهمية هذا الموقف بسلامة لغته السياسية، وقوتها التي لا تقبل أي تأويل، التي تؤكد أولًا بين سطورها احترامها لمبادرة السلام العربية، من حيث ضرورة الالتزام بتطبيق بنودها كما هي من الألف حتى الياء، وبالنص الصريح "أن اندونيسيا لن تقوم بأي خطوات للتطبيع مع إسرائيل إلى حين تحقيق السلام الدائم والشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين" وبما يعني أن السلام لا يمكن أن يكون دون أن يحصل الشعب الفلسطيني على حريته واستقلاله.
لن يمضي التطبيع في العالم الإسلامي في دروب سالكة مع هذا الموقف، ولن ننسى في هذا العالم بالطبع وللأهمية، أن العربية السعودية أكدت غير مرة أنها لن تذهب إلى التطبيع، قبل أن يسترد الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، وكان هذا الموقف وما زال موضع تقدير من قبل القيادة الفلسطينية، وباختصار فإن كل ذلك يعني أن التطبيع بحاله الراهن، يواجه مأزقًا سياسيًا باحتمالات التفاقم، وليس بسواها على أقل تقدير.
لسنا نتوهم واقعًا سياسيًا لا وجود له، ولطالما كنا نرى أن فلسطين هي الواقع السياسي في هذا الاقليم الذي يظل، وسيبقى، الواقع الحقيقي الذي لا يمكن تجاوزه، والأهم الذي لا يقبل بغير الامتثال لمتطلبات حراكه نحو تطوره الأمثل في ازدهاره بالسلام العادل.
لا يخطئ الرئيس أبو مازن الموقف الأخلاقي، ولا السياسي بطبيعة الحال، وهو يقدر أهمية هذا الموقف الاندونيسي، ما استوجب الشكر والتقدير لأصحابه الذي عبر عنه الرئيس في الاتصال الهاتفي مع نظيره الأندونيسي "جوكو ويدودو" الذي جرى يوم أمس، الذي أكد فيه الرئيس "ويدودو" ان بلاده بوصفها كبرى الدول الإسلامية "ستواصل جهودها في دعم تحقيق السلام، ولعب دور أكبر في هذا المجال".
إنها القضية الفلسطينية التي تظل قضية العدل والسلام والحق والحرية، التي تظل عصية على التغييب والطمس والتدمير، بقوة صمود وتضحيات ونضالات أهلها، بقيادتهم الشرعية في منظمة التحرير الفلسطينية، ولطالما وهم يرفعون راية الحق، الذي لا يمكن أن يضيع، وهم يرددون ويؤكدون منذ النكبة وحتى اللحظة، ما ضاع حق وراءه مطالب، وهو الهتاف الذي سيبقى حتى انتصار قضيتهم، واسترداد كامل حقوقهم المشروعة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها