لا مجال أمام حكومة السلطة الوطنية، وكل مؤمن بعقيدة الانتماء الوطني إلا تطبيق القانون وتنفيذ القرارات بحزم وشجاعة وحكمة وصبر ودقة حتى لا تتخذ (الفئة المتآمرة) سبيلًا إلى تعزيز دعايتها عبر طابورها الخامس، وتأليب قطاعات إضافية من الجمهور الذي كما يبدو تؤثر عمليات غسل الدماغ النفسية والدعائية على نسبة لا يستهان بحجمها في المجتمع، وهنا يتجلى دور الوطنيين الحقيقيين السياسيين منهم والاجتماعيين والمثقفين وأصحاب المنابر العلمائية والروحية في الوقوف كسد منيع أمام مؤامرة قد تقضم من المشروع الوطني أكبر منطقة في فلسطين من حيث المساحة وعدد السكان ومن حيث البنية الاقتصادية والموارد الطبيعية الاستراتيجية، حيث يجب ألا يغيب عن بال أحد أن النمو السريع لجماعات وتنظيمات وأحزاب مرتبطة بأجندات خارجية، وتعمل وتتسلح تحت سمع وبصر الاحتلال، يعني أن المرحلة الأخطر على المشروع الوطني قد بدأ بتنفيذها، وعلينا تذكر مخطط منظومة الاحتلال بفصل جنوب الضفة الغربية عن شمالها، عبر مشروع (A1) الاستيطاني القاتل لمشروع قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة والقدس مشروع مخطط منذ 1977 يبدأ من شرق القدس حتى البحر الميت وفصل مدن الجنوب عن بعضها كفصل بيت لحم عن الخليل، فالانهيار قد يبدأ بزحزحة حجر صغير وهذا ما يحاول المتآمرون فعله، لكن مع تقصد جعلنا نعتقد أن الأمر متعلق بطموحات شخص دعمتها سياسة رؤساء حكومات الاحتلال ومازالت تعمل على استخدامها كفزاعة لإجبار السلطة الوطنية على الجلوس على طاولة مفاوضات تحت رهبة الفزع من انفراط عقدها وذوبان هيبتها وشرعيتها... ولكن هل سيسمح الوطنيون بمرور مؤامرة ستنال هذه المرة القلب بعد أن كسرت حماس جناح مشروعنا الوطني؟!. 
ما حدث خلال الأيام الماضية مرتبط بهدف خطة منظومة الاحتلال العنصرية التي تسعى لترويجه لدى دول العالم وحكوماتها بأن السلطة الوطنية الفلسطينية تعيش حالة خصام وصراع مع الشعب الفلسطيني في الوطن، وأن الشعب الفلسطيني يرغب بالتعايش (إسرائيل) لكن السلطة تقف ضد هذه الطموحات!! ويستدل مروجو هذه المقولة بأحداث يختلقها ويصنعها قادة الاستخبارات الإسرائيلية ولكن بأدوات محلية فلسطينية بكل أسف وصفتها بيانات وطنية (بالفئة الضالة)، ونحن لا نحتاج لدليل أكثر من ظهور سلاح هؤلاء، وإطلاق الرصاص منه على الشرطة الفلسطينية على مرأى ومسمع قوات الاحتلال التي تبدو قوات صديقة للدعم والحماية بصورة غير مباشرة، فالقضية الآن كما نراها أبعد من ارتباطها بشخص ما أو كرد فعل على إجراء تنفذه سلطة القانون لتنفيذ قرار لجنة الطوارئ الوطنية المتعلق بالإغلاقات لمواجهة تفشي جائحة كورونا وضرورة تقيد المواطنين بقرارات وإرشادات الحكومة التي ما كانت إلا لصالح المواطنين وتأمين سلامتهم وحمايتهم من الوباء.
جيسون غرينبلات الأميركي اليهودي، يحمل شهادة دكتوراه وهو كبير الموظفين القانونيين لدونالد ترامب ومنظمة ترامب، ومستشاره لشؤون إسرائيل وممثله الخاص والذي يعتقد أن "مستوطنات الضفة الغربية لا تشكل عقبة أمام السلام" كتب يوما: "إنّ "رجال أعمال فلسطينيين عاديين أحبوا الفكرة ولكن تم فقدان الفرصة بسبب رفض القيادة الفلسطينية لها بذريعة أنّ هذا تطبيع وأن الإسرائيليين يريدون عمالة رخيصة وحسب". ويزعم غرينبلات بوجود "فلسطينيين موهوبين توّاقين للعمل مع مستثمرين إسرائيليين، وربما مستثمرين وشركات خليجية، للمساعدة في بناء الفرصة". 
نلاحظ - وهذا لعناية الخبراء والمعنيين بتحليل الأحداث - وجود خيط متين رابط بين العقلية الأميركية المسوقة لصفقة القرن اقتصاديا وسياسيا وبين تسارع وتيرة التطبيع بين منظومة الاحتلال ودول عربية في الخليج وبين ما يحدث على الأرض عندنا في الوطن خاصة إذا علمنا حجم المصالح المادية لأشخاص باتوا في موضع مكشوف لبصيرة المواطن الفلسطيني، وإصرار هؤلاء على العمل - حتى مع الشيطان - من أجل استمرار مكاسبهم ومصالحهم التي يعتقدون بارتباطها الأبدي مع مشروع الاحتلال وليس بالمشروع الوطني الفلسطيني !! لذا فإنهم لا يوفرون فرصة لتأليب أتباعهم وجمهورهم الضيق الذي لا يملك إلا السمع والطاعة لهم بحكم منظومة اجتماعية عشائرية قاهرة يحرصون على استمرار سطوتها وسلطتها على حساب سلطة القانون. 
لا يمكن لمجموعة خارجة على القانون – كما وصفهم رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة، و"أصوات النشاز والمتجاوزين لمنظومة العمل الرسمية"- كما وصفهم محافظ الخليل التي تسعى لخلق الفتنة وضرب السلم الأهلي و"لفئة ضالة"- كما وصفهم المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بعد تهديد هذه الفئة للصحفي الحر رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين وعضو المجلس محمد اللحام، لا يمكن للمصنفين تحت هذه العناوين أن يطمسوا التاريخ والحاضر المجيد لجزء من الوطن مقدس، فالانتماء الوطني، وأعمدة الثقافة والسياسة والبناء والاقتصاد والكفاح والنضال مازالت رؤوسها تناطح السحاب، وستبقى أعلى وأسمى وأطهر من قدرة واستطاعة هؤلاء على مسها أو الطغيان عليها. 
حدث خطأ جسيم مريع في تاريخ السلطة الوطنية الفتية، كانت نتيجته استيلاء جماعة الاخوان المسلمين فرع فلسطين المسمى حماس على قطاع غزة بقوة السلاح، يوم نفذت انقلابا دمويا على سلطة القانون والنظام الفلسطيني، وكرست سلطة أمر واقع قائمة منذ العام 2007، واليوم وبعد مرور ثلاثة عشر عاما ونيف على الانقلاب يدرك القاصي والداني حرص منظومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني العنصري (إسرائيل) على بقاء آثار الانقلاب الذي ما كان لينجح لولا حالة فلتان أمني اختلقها المعنيون بالانقلاب والمتآمرون على تنفيذه، والمرتبطون بأجندة منظومة الاحتلال وأجندات اقليمية، والذين استفادوا ومازالوا يحصدون ثماره، ومن هؤلاء من كان مسؤولًا أمنيًا رسميًا تماهى بشكل أو بآخر مع حالة الفلتان لأمر في نفسه اليعقوبية، ومنهم من غض الطرف خشية مضاعفات وارتدادات تحدثها عشائر وعائلات كانت تستقوي بالسلاح كانت تدعي زورا وبهتانا أنه سلاح مقاومة، فإذا بهم يخرجونه من خزائنهم لضرب ركائز وقواعد وبنيان السلطة الوطنية في لحظة صمم الوصول اليها بعناية ودقة فائقة تحتاج إلى عقل استخباراتي اسرائيلي ودعم مباشر ولوجستي غير مباشر، وما شهدناه في اليومين الماضيين في الخليل ومخيم بلاطة في الضفة الفلسطينية علامات أولية تنذر بوقائع مشابهة لمقدمات تفجير الجناح الجنوبي للمشروع الوطني (دولة فلسطين) التي شهدناها بالعين المجردة في قطاع غزة.