في مأزق العلاقة الفلسطينية- الإسرائيلية التي دخلت فيها أميركا كطرف سلبي جدًا تحت قيادة دونالد ترامب المستمر في عناده المأساوي بشأن التشبث بالبقاء بالبيت الأبيض أو الحصول على شرعية تمكنه من خوض غمار الانتخابات الأميركية في 2024، أو فليحدث الطوفان، حرب أهلية على خلفيات عنصرية، وسط هذا المأزق يكتشف الجميع من الذين يعلنون أدوارًا سلبية أو إيجابية أن منظومة الحقوق الفلسطينية هي العامل الحاسم وبدون بلورة هذه الحقوق فإن الأبواب في هذه المنطقة الهامة من العالم، وهي منطقة الشرق الأوسط، ستظل مفتوحة على حقائق الصراع الذي لا يستطيع أن ينجو منه أحد، فهذه المنطقة هي مهد البشارات المقدسة، وهي اهم طريق حيوي للتجارة الدولية، وهي مخزن الذاكرة الإنسانية، بإيجابياتها وسلبياتها، وهي ما لانهاية من المكونات الحضارية والعقائدية بما فيها حضارات سادت ثم بادت، وبالتالي فإن أي حادث صدام عرضي قد يجر الجميع إلى ما لم يكن يتوقعونه، ولهذا سمع العالم كله من جلالة الملك الأردني عبد الله الثاني تصريحه الذي يقول فيه: بدون إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه فإن هذه المنطقة ستظل مفتوحة على العنف والصراع.
ومعروف أن الحقوق الفلسطينية أصبحت منذ سنوات طويلة محفوظة في قرارات أممية هي جزء من ذاكرة العالم مثل القرار 181 الذي يريد إنشاء دولة إسرائيل، فهذا القرار نص على دولتين، إسرائيل التي قامت فعلًا، وفلسطين التي ما زالت في طور الانتظار، بالإضافة إلى بقية قرارات الشرعية الدولية ومن بينها القرار 2334 الذي يرفع الشرعية عن كل أنواع الاستيطان الصهيوني.
ومحاولة هذا اللاعب المعجب بنفسه بنيامين نتنياهو عبر تحالفه مع دونالد ترامب إثارة ضجيج كبير على أحداث تبدو وكأنها جديدة لن يحميه من السقوط مثلما سقط ترامب، بل وبطريقة أكثر بشاعة، فإن إسرائيل الذاهبة إلى انتخابات رابعة في السادس عشر من آذار المقبل، يواجه فيها نتنياهو شخصًا مجهولًا من آل بيته الليكود، وهو جدعون ساعر الذي انشق عن الليكود، وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه سيحصل على ستة عشر مقعدًا، وهكذا فإن أمل نتنياهو في حشد أصوات اليمين لتشكيل حكومة جديدة قد انهار، أما الإثارات الإعلامية عن حلقات مسلسل التطبيع العربي فهي حلقات مملة جدا، وليس فيها من جديد سوى تغيير الممثلين الذين يلعبون الدور وهم جميعا منطفئون وما عدا ذلك ليس في الأمر من جديد، فالقضية الفلسطينية بدأت في القرن الماضي مع موعد بلفور وبعد مئة سنة جاء وعد ترامب الذي هو أكثر سوءًا وغباءً وفشلًا، وليس في الأمر من جديد، ودون الحقوق الفلسطينية لن ينعم احد لتواطئه أو سرقته، وكل واحد منهم سواء شيوخ اللعبة نتنياهو أو ترامب، أو المطبعين العرب القدامى والجدد هم من الهشاشة المحزنة.
في الأيام القادمة، ربما تكون المشاهد أكثر إثارة، ولكننا نقول للجميع: كل ما تقومون به لن ينهي المسألة، فقد فشل من هم لاعبون أهم منكم، ولكنهم ذهبوا تحت الأقدام وتلاشوا، صفقوا لأنفسكم كما تريدون، ولكن نهايتكم محزنة وهي السقوط.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها