السفير الروسي أناتولي فيكتوروف نطق بخلاصته الشجاعة في قلب تل أبيب، أي من مركز منظومة (إسرائيل) الاستعمارية الاستيطانية الاحتلالية على الأقل كما نعتبرها نحن، فتصريحه قولاً: "إن إسرائيل تزعزع استقرار الشرق الأوسط أكثر من إيران".. وأن: "المشكلة في المنطقة هي نقص في التفاهم بين الدول وعدم امتثال إسرائيل لقرارات الأمم المتحدة في النزاع الإسرائيلي-العربي والصراع الإسرائيلي- الفلسطيني".. مؤشر قوي على إرادة دولية وعربية رسمية مرتكزة على صلابة موقف القيادة الفلسطينية وشجاعة الرئيس أبو مازن وحكمته وواقعيته وعقلانيته وتمسكه بثوابت الشعب الفلسطيني الذي ينطق باسمه ويمثل إرادته وطموحاته وأهدافه النبيلة، إرادة بتحرير سهم بوصلة أوقفت الحكومات الإسرائيلية رأسها وثبتته عن قصد وسوء نوايا عند مقولة (الخطر الوجودي الذي يهددها من الفلسطينيين والعرب والمسلمين) وذلك لتضليل العالم ومنعه من معرفة الاتجاهات الحقيقية للصراع الفلسطيني العربي- الإسرائيلي، فسفير روسيا الاتحادية الصديق للشعب الفلسطيني تاريخيًا فيكتوروف قد حمل حكومة منظومة تل أبيب الخارجة على القانون الدولي والرافضة لقرارات الشرعية الدولية المسئولية كافة عن تدهور الأمن في منطقة لم تهدأ الصراعات فيها، وبهذه الرؤية لسفير دولة عظمى هي روسيا الاتحادية يثبت للعالم صحة ما ذهب إليه الرئيس في خطاباته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي مجلس الأمن حول الخطر الفظيع الذي تخلفه سياسة حكومات إسرائيل القائمة على الاحتلال والاستعمار والاستيطاني والاستيلاء على موارد الشعب الفلسطيني بقوة السلاح، ومنعه من حقه في تقرير مصيره وانجاز استقلاله في دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران من العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ولعلنا هنا نذكر نصًا من كلمة الرئيس أبو مازن رئيس دولة فلسطين العضو المراقب في الأمم المتحدة في اجتماع لمجلس الأمن الدولي في 11 شباط من هذا العام 2020 اِذ قال: "واصلت حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة ومستوطنوها، تدمير كل الفرص لصنع السلام، وسرعت نشاطاتها الاستيطانية الاستعمارية، في كل مكان في الضفة وكل الأراضي التي احتلت عام 1967 وغيرت ملامح مدينة القدس المحتلة، واستمرت بالاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وصادرت الأرض، وواصلت الحرب والحصار على شعبنا في قطاع غزة، متسلحة بالمساندة القوية مع الاسف للإدارة الأميركية التي أصدرت عدداً من القرارات المخالفة للقانون الدولي، التي لم يقبلها العالم، ولم يقبلها عدد كبير من أعضاء مجلس النواب الأميركي الحالي، والعديد من منظمات السلام، بما فيها منظمات يهودية أميركية".
تصريح سفير روسيا الاتحادية لدى (إسرائيل) واحد من علامات هامة تؤكد التغيير الذي سنراه حتميا ولو بطيئًا وليس سريعًا كما يعتقد البعض خاصة أن منظومة الاحتلال ما زالت تمتلك أوراقًا سياسية وأمنية في المنطقة كرستها في اختراقات لا يمكن لأحد التقليل من شأنها، ونقصد توغلها التطبيعي الأمني الاستخباراتي في الامارات والمنامة.
يبدو أن سقوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، قد اضفى على العالم مناخًا متناسبًا مع بيئة مهيأة للتغيير في المواقف والسياسات في الشرق الأوسط تحديدًا وفي العالم عمومًا، لكن بذات الوقت نجد الذين اندفعوا بسرعة البرق لاتباع دين ترامب الجديد (التطبيع) في وضع متأرجح غير متوازن لا يحسدهم عليه أحد.
سفير روسيا أناتولي فيكتوروف، الذي نقلت تصريحاته صحيفة اسرائيلية قال بلغة التأكيد: "إن إسرائيل تزعزع استقرار الشرق الأوسط أكثر من إيران"، ونعتقد هنا بانسجام خلاصة فيكتوروف الروسية الحكيمة مع شجاعة وحكمة توصيف رئيس الاستخبارات السعودية السابق وسفير المملكة الأسبق في لندن وواشنطن الأمير تركي الفيصل في منتدى حوار المنامة وصدم بها أَحلام نتنياهو بتوسيع دائرة التطبيع لتشمل مكة قبل الرياض، فأظهره عاريًا أمام جمهوره اليميني كمسوق لأضغاث أحلام عندما كان يتحدث عن دخول المملكة العربية السعودية دائرة التطبيع مع منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري (اسرائيل) الذي قال: "جميع الحكومات الإسرائيلية تعتبر آخر قوى العالم الغربي الاستعمارية". وكتبنا مقالاً خاصًا يوم أمس الأول الثلاثاء حول أبعاد كلمته التي القاها كقنبلة في قلب العاصمة العربية الرسمية التي اطلقت منها حملة (صفقة القرن) الاستعمارية التي ابتدأها ترامب بقصف اقتصادي تشبه ألوان دخانه قوس قزح الربيعي المغري ليتبعها بقصف نال مقدساتنا وثوابتنا الوطنية وقدسنا عاصمة وطننا فلسطين الأبدية.
تصريح سفير روسيا فيكتوروف: "يجب ألا تهاجم إسرائيل أراضي دول أعضاء الأمم في المتحدة ذوي سيادة"، يعزز موقفنا وروايتنا ونضالنا الدبلوماسي والقانوني في المحافل الدولية، ويمدها برؤى مساندة تعتبر من حيث المبدأ جذوراً لمواقف سياسية ثابتة ومهمة جدًا، ففلسطين دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بصفة مراقب، وعلمها مرفوع مع اعلام الدول الأعضاء، وكثيرة جدًا هي قرارات الأمم المتحدة التي تؤكد حق الشعب الفلسطيني في سيادته على موارده الطبيعية، وحقه في انجاز استقلاله بدولة فلسطينية ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران من العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ونعتقد أن توجه الرئيس أبو مازن في تشبيك الحق القانوني مع الموقف السياسي والتسلح بهما لدخول معترك المؤتمر الدولي الذي طرح فكرة عقده مطلع العام القادم قد بدأت تباشيره تظهر رغم قساوة وشدة الأنواء السياسية التي تشهدها المنطقة والعالم على حد سواء، وفي الغد لقريب سنرى نتائج الصبر والحكمة أثناء اجتياز حقول الألغام.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها