لفلسطين عبر شاشتها الفضائية في تلفزيونها الوطني، صورة الواقع وحقيقته، وكلمة الحق وصوتها، بالموضوعية والنزاهة المهنية والمعرفية والحضارية، التي لم تعد إسرائيل اليمين العنصري المتطرف، تحتمل لا هذه الصورة، ولا هذه الكلمة، لأنها وببساطة، وبِحكم بقانون يهودية الدولة العنصري، لم تعد دولة من هذا العصر، ولأنها باتت كذلك، فإنها لم تعد تحتمل لغة هذا العصر، خاصة الفلسطينية منها، فتطارد كلمة هذه اللغة وصورتها، بقراراتها العنصرية، دون أي مسوغ  حضاري أو أخلاقي، وقبل ذلك، والأهم من ذلك، دون أي مسوغ قانوني لأن إسرائيل تريد منع تلفزيون فلسطين من العمل في عاصمة دولته المحتلة، خلافًا لكل قرارات الشرعية الدولية، التي لا تجيز لها ذلك، فالقدس مدينة محتلة، ولا يحق للمحتل أن يمارس أيّة سياسات تعارض هذا الواقع، وكذلك وخلافًا لكل القيم الإنسانية والديمقراطية، لا تريد إسرائيل لتلفزيون فلسطين، العمل بين أوساط أهله داخل الخط الأخضر، لقطع التواصل الطبيعي بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد، وحتى يصبح الخط الأخضر، خطًا أحمر مثلما يريد قانون يهودية الدولة العنصري!!

المنع والإقصاء لم يعد ممكنًا في هذا العصر، وعالم الاتصالات بات يتخطى كل الحدود والموانع،  غير أن إسرائيل اليمين العنصري المتطرف، ولأنها باتت دولة خارج العصر، ما زالت ترى المنع في هذا الإطار ممكنًا ، وبِكونها دولة احتلال، وتسعى لمزيد من الاحتلال، في مشروع الضم الاستيطاني، فإنها لا تحتمل ولن تحتمل صورة واقعها الإحتلالي، التي تفضح ممارساتها التعسفية ضد شعبنا، وانتهاكاتها للقانون الدولي، ولابسط حقوق الإنسان، كما أنها لا تحتمل ولن تحتمل، كلمة الحق الفلسطينية، التي لا تحدث بغير العدل، ولا تدعو لِغير السلام.

وما لا يعرفه وزير "الأمن" الإسرائيلي جلعاد أردان صاحب قرار المنع، أن تلفزيون فلسطين ليس محطة تسلوية ولا تجارية، وإنما هو منصة للمعرفة والحقيقة، بخطابها الوطني والإنساني بتطلعاته المشروعة والعادلة، وهو في هذه الحال، وبهذا السبب، في مهمة وطنية ومعرفية، وبقدر ما يتصدى لهذه المهمة، بقدر ما يعرف جيدًا تحدياتها، ويستجيب لها على نحو مهني وإبداعي، ولهذا فان قرار المنع لا يمكن له أن يوقف مهمته هذه، وما ينبغي أن يعرفه أردان أيضًا، أن الطبيعة لا تعرف التكلس، والقانون الوحيد الذي يظل عاملاً فيها هو قانون التطور، والتاريخ لا يعرف التوقف، وأن دولة فلسطين اليوم هي دلالة هذا القانون، وحتمية التاريخ في مسيرته، وهذا يعني أن المستقبل لها، ولا مستقبل للعنصرية وقراراتها، ولأن إسرائيل اليمين العنصري المتطرف تتوهم إمكانية معاندة قانون التطور وحتمية التاريخ فإنها لا تريد لدولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية وجودًا، ولأن تلفزيون فلسطين هو تلفزيون الدولة، فإنها لا تريد أيضًا لهذا التلفزيون أي وجود، كي لا يواصل مهمته الوطنية والمعرفية، التي تعمل على تخليق وعي الدولة الذي يعجل من قيامتها، بِحكم أن وعي الدولة، هو وعي الضرورة، الذي هو وعي  الحرية والحياة الحرة، ولأن الحقيقة هي هذه بلا أي جدال، فانه لا يمكن لأي  قرار أن يوقف مهمة  كهذه طالما، أنها مهمة قانون التطور الذي لا مناص من الهروب منه، ولا بأي حال من الأحوال.