لطالما كانت الجريمة هي إحدى ركائز الكيان الإسرائيلي لتنفيذ مشروع دولته على أرض فلسطين فأبدع في ممارساته العدائية ضد شعبها رافضًا جهارًا الالتزام بالقوانين الإنسانية والدولية التي لا تمنحه وطنًا بالسلب والقوة.

بعد 72 عامًا من التوتر السياسي والأمني الذي ساهم هذا الاحتلال بفرضه في وطننا العربي وفي فلسطين تحديدًا فإن الحق يقال إن الأوطان لا توهب ولا تعطى بالادعاءات المزيفة ولو أن هذا الإسرائيلي يملك أدنى حق على هذه الأرض لأخذه ودفعة واحدة ومن دون اللجوء إلى مناوراته على مدى قرن من الزمن.

 وكما ادعوا إن المسجد الأقصى قد بُني على أنقاض هيكل سليمان المزعوم فما زالوا يحفرون الأنفاق عند أسفل أساساته لعلهم يعثرون على أثر ما للهيكل ولكن دون جدوى، وتحت حجج تطوير الحرم الإبراهيمي الذي يعتبر من أهم المعالم الإسلامية الموجودة في العالم والمدرج على لائحة المعالم التاريخية لليونسكو كمعلم فلسطيني يجب حمايته، تسعى إسرائيل الى تهويده عبر مشروع استيطاني في مدينة الخليل يتضمن الإستيلاء على أراض فلسطينية لإقامة طريق تسهل اقتحامه من قبل المستوطنين.

وزادهم ترامب آمالاً، فكما ظنوا وهمًا أن مساعيه في نقل سفارة من هنا إلى هناك تغير هوية القدس العاصمة الأبدية لِفلسطين، اليوم يظنون أن ضم الضفة يغير هوية فلسطين بأكملها... وهم المقتنعون بعد 72 عامًا أن تمزيق الجغرافيا لا يغير التاريخ الحقيقي لِفلسطين فيصوبون من جديد على إرادة أهلها لانتزاع رضوخهم وإذعانهم وفرض واقع جديد عليهم.

أن اعتبار دولة الاحتلال رواتب الأسرى الفلسطينيين أموالاً على علاقة بـ "الارهاب" والطلب من البنوك توقيف حساباتهم تحت طائلة الملاحقة وفرض الغرامات عليها علاوة على أنه يستهدف القطاع المصرفي أحد ركائز ومقومات اقتصاد الدولة الفلسطينية  وأيضًا الأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم فإن الاحتلال يسعى الى تشويه قضية الإنسان الفلسطيني النضالية ضد عدوه  وصبغها باللاشرعية تحت عناوين مضللة أبرزها الإرهاب.

وقد استبق العدو هجمته على الأسرى قبل أيام بِعرضه أسماء جنوده الذين قتلوا في حروبه،  مضاءة على سور البلده القديمه من القدس المحتلة، في محاولة لِطمس تاريخه الدموي والعنصري ورفع شأن قتلاه على سور بناه الأنبياء وليس للاحتلال شأن به إلا شاهدًا على جرائمه بِحق فلسطين وأهلها، ومن هنا لا تجوز المقارنة بين الشهيد أو الأسير الفلسطيني الذي يدافع عن قضيته وبين القتيل الإسرائيلي المعتدي.

وأمام العدالة لا مفر من نهجه في التشويه الذي صوبه الاحتلال مؤخرًا على المحكمة الجنائية الدولية والتي علقت عليه المدعية العامة بنسودا بالقول: "إن حملات التشويه التي تستهدف المحكمة حول حياديتها من خلال الأنباء المتداولة في الإعلام الإسرائيلي لن تؤثر على مجريات التحقيق بشأن فلسطين التي تتسم بالحيادية والاستقلالية".

 يحضر بومبيو الى إسرائيل أو يحرض فريدمان عنصريًا منها،  فان الفلسطينيين مقتنعون بأن الجانب الأميركي لن يأتي بِجديد لهم وهو الذي يعلم (الأميركي) أنه طرف وليس وسيطًا في أي عملية سلام تخص فلسطين وشعبها ودوره بات مقتصرًا على  تقديم شحنات الدعم للإسرائيليين من أجل استكمال خططهم الاستعمارية بموجب صكوك الهبات الممنوحة في صفقة السرقات، وبالتالي، أن المشاريع التي يستعجل الكيان المحتل تطبيقها ومن دون أن يدرك نتائج الغوص هذه المرة في "وحل الضفة وأجزائها" إنما تستند مواجهتها والرد عليها بالدرجة الأولى الى قرار الشعب الفلسطيني وقيادته وحكومته ومؤسساته الرافضين لأي شكل من أشكال الهيمنة التي يحاول الاحتلال فرضها عليهم وبعده فإن المجتمع الدولي وبالأخص العربي معني بصون آخر ما تبقى من تراثه وتاريخه الحضاري والديني على أرض فلسطين.. أم لم يحن الأوان بعد؟!