يعتبر تغيير نمط التفكير والتخطيط أولى الفوائد الإيجابية  التي ستجنيها الدول القائمة مؤسساتها على توظيف العقل التجريبي بقصد التطور والنمو، ما يعني بالنسبة لنا انسجامًا رأسيًا وقاعديًا بين القطاعين نظرًا لِحجم ومكانة القطاع الخاص في قاعدة الدولة الاقتصادية، بحيث يتم تحميل الأعباء والجهود بعدل ومساواة وفقًا للخصائص والسمات والقدرات، كما يتم أخذ الأدوار في الأماكن المناسبة باعتبار القدرة على الإنتاج، وتحقيق أهداف الخطط الموضوعة سلفا، واعتبار التنافس والسباق بين القطاعين في صالح الدولة وسلطاتها التي تمثل إرادة الشعب وأهدافه وطموحاته وآماله في التقدم والازدهار والتحرر والسلام.

شراكة القطاعين العام والخاص وجهدهما المخطط والمبرمج، ورؤية الخبراء المرتكزة على البحوث والدراسات خلال أزمة وباء الكورونا أمر حتمي يجب تعزيزه إلى حد يمكننا القول إن الدولة تقف وتمضي على ساقين متينتين تساعد الواحدة الأخرى في حالات الصعود الصعبة، وكذلك أثناء النزول والهبوط الاضطراري في المنحدرات الحادة، فالدولة الحديثة لا تستطيع الوقوف على قدم وساق القطاع العام وحده مهما بلغت كفاءة وخبرة رجالها وإنتاجية مؤسساتها.

والسؤال الأهم الآن هو: هل بالإمكان الاعتماد على وعي الجمهور لتشكيل مناعة جمعية تمكن الحكومة من إقرار حالة طوارئ اقتصادية موازية لحالة الطوارئ الصحية والأمنية التي تنفذها الحكومة، إعلان رئيس الدولة محمود عباس ابو مازن حالة الطوارئ وتمديدها فيما بعد؟.

 علينا التذكر دائما أن الرئيس أبو مازن ومعه رئيس الحكومة د. محمد اشتية اعتبرا صحة وسلامة الناس في المقام الأول، وحفظهم وتوفير أسباب المناعة من جائحة الكورونا الهدف الأول لِقرارات الحكومة الوقائية الصحية وإجراءاتها التي بسببها توقفت معظم دواليب عجلة الحياة الاقتصادية في البلد، فيما أبقي على دوران عجلة المتطلبات الضرورية تحت الرقابة الصحية الشديدة من مؤسسات الدولة الصحية والأمنية والاقتصادية وهنا بيت القصيد، حيث بات على قطبي عجلة الدولة الاقتصادية العام والخاص البحث في انجع الوسائل، لضمان دوران عجلة الاقتصاد ضمن حدود تمكن دولتنا الواقعة ضمن نفوذ الاحتلال الإسرائيلي وسيطرته على منافذها ومواردها من الصمود وتكسير أهداف سلطات الاحتلال على صخرة إبداعاتنا في هذا المجال، صخرة استشعر صلابتها عند أول إمتحان بيولوجي نخر في أركان دول عظمى كما نخر عميقا في أركان دولة الاحتلال التي تعتبر الأقوى في الشرق الأوسط ليس من الناحية العسكرية وحسب بل من الناحيتين الاقتصادية والعلمية.

تفرض جائحة الكورونا على الجميع العمل ضمن خطة محكمة مضبوطة بمسؤوليات وتبعات قانونية حال الإخلال ولو ببند واحد، وهذا يتطلب مسؤولية عالية في أعلى درجاتها، فالدولة التي بإمكانها توفير الأمن العام، يستطيع القطاع الخاص استثمار هذا الأمن في تشغيل منظومة رقابة صحية خاصة تكفل بقاء الأفراد في مأمن، وإجراءات عملية تساعد الدولة في تحقيق المناعة بالوعي أي الوعي الفردي والجمعي، ويتحقق هذا بتحمل القطاع الخاص العبء المادي التشغيلي لهذه المنظومة المرتبطة تماما بغرفة عمليات الدولة (قيادة الطوارئ)، وبإمكاننا تخيل النتائج الإيجابية العظيمة التي سيجنيها الجمهور نتيجة التنافس الإيجابي بين القطاعين الخاص والعام في الحرص على بقاء عجلة الاقتصاد دائرة ولو في الحد الذي يمنع وقوعنا في جائحة اقتصادية قد يكون لها انعكاسات سلبية على الأمن الاجتماعي في البلاد.

لن يكون بيننا خاسر، حتى لو اعتقد البعض للوهلة الأولى أنه سيتكلف كثيرًا على خطة وبرنامج عمل في ظل جائحة الوباء، وسنربح كلنا عندما نتمتع بمناعة اقتصادية تساعدنا على الوقوف والصمود لمواجهة تفشي وباء الكورونا الذي يقهره وعي الفرد والتزامه وعمل المجتمع كخلية نحل على أساس هذا الوعي.

لقد أولت حكومة د.اشتية الأهمية لهذه الشراكة وبرز ذلك جليا في خطة اقتصادية قصيرة الأجل لأول مئة يوم تحت عنوان التمكين الاقتصادي حيث قال رئيس الوزراء: "تحظى التنمية باهتمام الحكومة بهدف الانتقال من الاحتياج إلى الإنتاج حيث تم تشكيل وتفعيل الفريق الوطني الاقتصادي لتعزيز دور ( القطاع الخاص) بالتنمية الاقتصادية وخلق بيئة محفزة للاستثمار وإنشاء بنك الاستثمار للتنمية، والنهوض بمشاريع الريادة والتمكين الاقتصادي، والعمل على حوكمة صناديق التمكين الاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي تحت مظلة موحدة جامعة تحول دون شرذمة القطاع، وتعمل بتكامل مع المجتمع المدني".