كلمة الرئيس محمود عبّاس، أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب، كانت قاطعة في الموقف والتفاصيل، والكلمة الفاصلة، والتي وحّدت الدول العربية، عندما قال لن نقبل بصفقة القرن بأي شكل أو مرجعية أو واحدة من مرجعيات المفاوضات أي مفاوضات.

هذا الموقف القاطع جعل البيان الختامي بهذا الوضوح برفض الصفقة، فلا مجال للعب على الكلمات بهدف أن توضع الصفقة على الطاولة، الرئيس قال لن نقبل بهذه الصفقة كمرجعية، فأغلق الملف أقله في الموقف العربي الرسمي الجماعي، ودون أي تحفّظ من أي دولة.

النظر لخطاب الرئيس يجب أن يتم بما تضمنه من موقف وعرضه التاريخي، الذي يجيب لماذا هذا الموقف، فالمقصود ألّا يغيب عن العرب جوهر المشروع الصهيوني والذي هو مشروع أنجلو-أميركي استعماري ولا يزال كذلك. المتصيّدون بالماء العكر لبعض المفردات والتوضيحات، التي تهدف إلى إرسال رسائل للمجتمع الدولي بأنَّ الموقف الفلسطيني ليس عدميًّا أو أنّنا نهوى خسارة الفرص، فإنَّ هؤلاء المتصيّدين ومهما سيقول الرئيس أو يأخذ موقفًا فإنّهم يمارسون هواية الصيد التي لا مهمة لهم سوى زرع الشك وعدم الثقة بالذات.

أنا شخصيًّا لم اتوقع موقفًا عربيًّا رسميًّا بهذا الوضوح، كنت أتوقع موقفًا عامًا يؤكد على الحقوق الفلسطينية وعلى القانون الدولي والشرعية الدولية والمبادرة العربية، إنما أن يأتي الموقف بهذا الوضوح فهذا يعتبر إنجازًا للموقف الفلسطيني الصلب. أسباب هذا الموقف معروفة، منها أن العرب مجتمعون لا يمكن أن يتخذوا موقفًا خارج الشرعية العربية والدولية التاريخية، بالإضافة إلى الواقع الموضوعي في المنطقة وما تشهده من صراعات حادة والخوف من أن يلتف طرف إقليمي ليستغل الثغرة في الموقف العربي ويخطف القضية الفلسطينية لمصلحة مشروعه.

وبغض النظر فإنَّ الموقف العربي أعطى الشعب الفلسطيني الأمل، كما أعطى الشعوب العربية الأمل بإمكانية إحياء التضامن العربي حول القضية المركزية. واتفق هنا مع ما كتبه الزميل عريب الرنتاوي بأن الفرصة قد تولد من الكارثة بمعنى أن يولد من جديد التضامن العربي واستنهاض الجماهير العربية حول قضيتهم المركزية بدل الصراعات والفتن التي تعيشها الأمة من رحم الصفقة.