قصص من الواقع عن الام ،عندما نسمع هذه العبارة أول شئ يأتي في أذهاننا هو التضحية والإيثار من أجل أبنائها ،لا شك أن هذه الصفات هي أهم ما يميز أمهاتنا بارك الله لنا في أعمارهم ،ولكن في هذه المقالة سنقدم لكم قصة من الواقع عن صفة عظيمة أيضا في الأم ،وهي السعي من أجل مستقبل أفضل لأبنائها.
أخترت طريقي:
الأم زينب ،كانت قبل أن تصبح أما فتاة جميلة تعيش وسط أهلها في قرية بسيطة من صعيد مصر ،وكانت تدرس في المدرسة الإعدادية في الصف الثالث الإعدادي ،وبعد نهاية اختبارات الفصل الدراسي الثاني وبينما تستعد زينب للإنتقال للمرحلة الثانوية ،أختار الله أبويها في حادث طريق وأصبحت زينب بين عشية وضحاها طفلة يتيمة الأبوين ،ولم تكن تفهم مايجب عمله فقد تركاها أبويها بلا مال كثير ولم يكن لها أقرباء سوي عم لها .
كان عم زينب فقير وكان يعول أسرة كبيرة مكونة من ٧ أفراد ،ولم يكن يقدر علي كفالة زينب من الطعام والملابس والتعليم ،لكنه لم يكن يقوي علي تركها وحيدة بلا أبوين ،لذا قرر أن يربيها وسط أبنائه وكان يعاملها معاملة طيبة مثل ما يعامل أبنائه.
عندما تبتسم لنا الحياة :
وذات يوم بينما زينب تجلس مع بنات عمها أمام المنزل رآها تاجر ثري من تجار البلدة له ابن وحيد، ابنه هذا كان يدعى مدحت وكان متخرج من كلية التجارة ويعمل في شركة متواضعة ،فقد كان يريد شق طريقه بعيدا عن ثروة والده ،كان مدحت يبحث عن زوجة مناسبة يكمل حياته معها عندما رأي والده زينب ,فقد حسبها الرجل فتاة كبيره مستعدة للزواج لأن زينب كانت كبيرة الحجم مقارنة بسنها الصغير .
ذهب والد مدحت إلي عم زينب ليطلب يدها منه لابنه مدحت ،فلما سمع عم زينب هذا العرض فكر قليلا ،فقد كان يعلم أن والد مدحت رجل ثري وإذا تزوج ابنه من زينب ،فسيرفع حملها من علي عاتقه وفي نفس الوقت هو يعلم أن والد مدحت رجل طيب القلب وابنه حسن السمعة ،فسوف يطمئن علي زينب معهم، أفاق عم زينب من خواطره علي صوت الرجل يسأله عن رأيه ،فقال له هل تعلم أن زينب مازالت في ١٦ من عمرها ، تعجب الرجل من هذه المعلومة فهو كان يظن زينب أكبر من هذا، وكان على وشك الإعتذار وإيضاح سوء فهمه لهم زينب، فإذا بعم زينب يباغته قائلا أنه لا ينوي أن تكمل زينب تعليمها وكان ينوي أن يزوجها بالفعل .
قال له والد مدحت أنه يجب أن يتأكد أن الفتاة راضية عن هذه الزيجة ويمهلها فرصة تفكر جيدا، لذا ودع عم زينب ووعده أن يلتقيا بعد أسبوع ليعلم رأي زينب .
عندما ذهب والد مدحت لمنزله، أخبره بكل ما حدث وكان متوقع أن يلومه ولده عن نشرته بطلب يدها قبل أن يعلم سنها، ولكنه فوجئ بأن ابنه موافق على الزواج منها رغم عدم إتمامها لتعليمها إذا كانت هي راضية، فكأن الله وضع القبول في قلبه قبل أن يراها.
وفي هذه الأثناء بينما والد مدحت يخبر ابنه بما حدث،كان عم زينب يخبرها برغبة الرجل في طلب يدها منتظرا ردها، فكرت زينب مع نفسها قليلا وتوصلت لقرارها بالقبول، فهي تعلم أن عمها فقير لا يقدر على كفالتها وهي لم تتخرج فلن تجد من يوظفها، لذا لم يكن أمامها خيار آخر، فقد كانت زينب عاقلة ملمة بظروفها جيدا.
وبعد أسبوع أتي والد مدحت لبيت عم زينب ومعه ابنه كي يري العروسان بعضهما البعض، فإذا بقلب مدحت يرقص طربا عندما رأى زينب وكذلك هي، وكأن الله زرع حب كليهما في قلبهما كي يكونا عونا لبعضهما البعض .
وبالفعل تم الزواج وعاش مدحت وزينب حياة سعيدة ورزقهما الله بابن وابنة، وكان مدحت عوضا لزينب عما عاشته بعد فراق أبويها، وكانت هي خير زوجة له، فقد كان يستشيرها في أعماله وكل قراراته، فرغم عدم إتمامها لتعليمها إلا أنه كان يثق في رجاحة عقلها كثيرا، وبالفعل كانت كل آرائها سديدة وأفكارها ذات منفعة عظيمة لمدحت، فمع مرور الأعوام أصبح مدحت رجل أعمال كبير، وصاحب شركة تصدير واستيراد مرموقة بفضل الله ثم بفضل وقوف زينب بجانبه.
حلم قديم:
والآن أصبح ابن زينب الكبير في ال١٦ من عمره وهو الآن يستعد للإنتقال للمرحلة الثانوية، فإذا بزينب تراودها خواطر بأن تلتحق بالمدرسة الثانوية وتكمل تعليمها مع ابنها، فطالما كانت تحلم بإتمام تعليمها والتخرج من كلية الهندسة، وأيضا كانت تخشى أن يعاير أحد أبنائها بأن والدتهم لم تكمل تعليمها، لذا قررت أن تفاتح مدحت بخواطرها هذه وكانت تعلم أنه سيوافق، فطالما أحبها مدحت وتمني لها السعادة.
وبالفعل عندما فاتحت زينب زوجها برغبتها في إتمام تعليمها، رحب كثيرا ووعدها أن ينهي الإجراءات كلها، وأنه سيساعدها في أوقات فراغه في بعض أعمال المنزل كي تتمكن من المذاكرة .
وقد حدث والتحقت زينب بالمدرسة الثانوية مع ابنها وكانت تذاكر باجتهاد مع أبنائها، وكانت تحصل درجات عالية فقد كانت ذكية ومجتهدة بحق .
أنهت زينب المرحلة الثانوية بتفوق والتحقت بكلية الهندسة حلمها القديم وكذلك ابنها، وكان كل من يراها مع ولدها في الكلية يفتخر بها كثيرا، ويمدح إصرارها على تحقيق حلمها رغم مرور كل هذه السنين، وكان ولدها يعتبرها مصدر فخره وسط زملائه وكان ينظر لها دائما بفخر ويعتز بها أمام الكلية كلها.
كانت زينب محبوبة كثيرا وسط زميلاتها فرغم فارق السن إلا أنهم كانوا يعتبرونها أختهم الكبيرة، واستطاعت بروحها المرحة الجميلة أن تكون صديقة لهن ومصدر ثقتهن .
ومرت الخمس أعوام وتخرجت زينب من كلية الهندسة كما كانت تحلم، وأصبحت حاصلة على بكالوريوس في الهندسة الكهربائيه بعد ماكانت حاصلة علي الشهادة الأعدادية، كل هذا بفضل الله ثم بفضل إصرارها على أن تكون أما أفضل ومصدر فخر لا مصدر عار لأبنائها كي تظل رؤوسهم مرفوعة دائما.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها