مع قرار الكونغرس الأميركي الداعم لحل الدولتين، والرافض لسياسة الضم والاستيطان الاسرائيلية، بوسعنا ان نرى اليوم وبوضوح، ان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإدارته الراهنة، بات خارج الإرادة البرلمانية للولايات المتحدة، هذا إذا لم نقل انه لم يكن يوما غير ذلك.
قرار الكونغرس الأميركي، الذي هو قرار الحزبين الديمقراطي والجمهوري، بمئتين وستة وعشرين صوتا، هو بمثابة اعتذار من قرارات الشرعية الدولية، ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، التي تعامل معها الرئيس الأميركي بازدراء وغطرسة، حين تجاوزها لصالح صفقته التي تجاهلت تماما التطلعات العادلة للشعب الفلسطيني، في الوقت الذي لم تنطو فيه على غير ما تستهدف اسرائيل اليمين العنصري المتطرف، تحقيقه من تصفية مطلقة للقضية الفلسطينية...!!! كما ان هذا الاعتذار موصول للرؤية الأميركية بحد ذاتها، الرؤية التي قالت بحل الدولتين، لتسوية ممكنة للصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
وبقدر ما في هذا الاعتذار من تطلع اخلاقي، لمعالجة ما ارتكب الرئيس الأميركي وطاقمه الصهيوني من أخطاء وخطايا، أساءت أولا لنزاهة الولايات المتحدة ومصداقيتها، بقدر ما في قرار الكونغرس ذاته من رسالة واضحة، مفادها كما جاء في ترحيب الرئاسة بهذا القرار "ان السلام يأتي فقط عن طريق اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني".
وبالقطع ما كان ممكنا ان يتبنى الكونغرس الأميركي مثل هذا القرار، وبمثل هذه الصياغة بالغة الوضوح، لو لم يكن موقف الشرعية الفلسطينية، حازما برفضه الإعلانات الصهيونية للرئيس ترامب وادارته، من إعلانه القدس عاصمة لدولة الاحتلال، الى إعلانات ورشة البحرين، وحتى اعلان بومبيو بشأن الاستيطان الاستعماري الاسرائيلي.
وبكلمات لا لبس فيها ولا مبالغة، ها هو موقف الشرعية الفلسطينية بقيادة الرئيس أبو مازن، يتجلى موقفا منتجا ومثمرا، بقدر ما فيه من صواب وصلابة، وتمسك لا يقبل الجدل بالثوابت الوطنية المبدئية، ولأنه قبل وبعد كل قول، الموقف المستند الى صمود شعبنا البطولي وتضحياته العظيمة التي لا تزهر ولن تزهر بغير وردة الحرية والاستقلال.
ويبقى ان نتطلع ان يدفع قرار الكونغرس الأميركي، إدارة الرئيس ترامب الى مراجعة سياساتها الخاطئة والتراجع عنها، والاعتراف كبرلمان بلادها ان الحل الممكن للصراع الفلسطيني الاسرائيلي يظل هو حل الدولتين، وان السلام الحقيقي لن يتحقق خارج إطار القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها