هو قلق وخائف جدًّا، ويحقّ له أن يقلق وأن يخاف وهو يرى شمس الأصيل على شرفة بيته في شارع بلفور، أو من شبّاك قصره في مدينة قيساريا، ولا بدّ عندئذٍ للحاوي أن يُخرج الأرانب أرنبًا وراء أرنب من معطفه الرّماديّ، فقد فعلها قبل سنوات عندما نجح في دبّ الرّعب في قلوب أبناء القبيلة وهو يصرخ مستنجدًا "العرب يتدفّقون إلى صناديق الاقتراع في الحافلات" فالغاية تبرّر الوسيلة، وكلّ أمر جائز للمحافظة على الكرسيّ، فالتّحريض مسموح، والعنصريّة مفيدة، وملعونٌ أبو الدّيمقراطيّة والمساواة والحرّيّة والقانون، اذا كان الطّرف المحرَّض عليه عربيًّا، فالعرب هم كيس الخيش المملوء بالتّبن كي يتلقى الضّربات واللكمات، وما أشبه الأرنب الأبيض بالأرنب الرّماديّ، فالرّجل القويّ الذّكيّ السّاحر في شارع بلفور يسعى اليوم الى أن يضرب عصفورين بحجرٍ واحد: زيادة الناخبين اليهود لحزبه وتراجع عدد الناخبين العرب المشاركين في الانتخابات، فبدأ منذ أيّامٍ يصرخ "العرب يزوّرون الانتخابات واليسار يريد أن يسرق السّلطة بأصوات العرب، وسوف نضع كاميرات للتصوير في كل صندوق اقتراع منعًا للتّزوير".
قد ينجح الرّجل في تخويف النّاخبين اليهود في الأرياف والمستوطنات والمدن بالبعبع العربيّ فيتدفّقون على صناديق الاقتراع لإنقاذه، وقد يصيبه– والاحتمال ضئيل– ما أصاب الرّاعي الّذي صرخ "ذئب ذئب!" بعد أن تبيّن للقاصي والدّاني أن العرب لم يتدفّقوا يومئذٍ إلى الصّناديق سواءً بالحافلات أو العربات أو على الخيول والحمير.
والسؤال المهمّ اليوم: هل سيخاف العرب من الكاميرات فلن يقبلوا على صناديق الاقتراع كما يرغب الحاوي؟
الجيل الكبير سنًّا من أبناء وبنات شعبنا ذو تجربة غنيّة فقد عرف موبقات الحكم العسكريّ وعرف ظلم حزب الماباي وأيّامه السّوداء ويقول: يا خوف عكّا من هدير البحر. والجيل الشّابّ واعٍ ومتعلّم ويفهمها على الطّاير وهو جيلٌ منتصب القامة مرفوع الهامة ولن يخاف.
شعبنا أصيل وطيّب وسوف يرد على التّهديد والتّخويف بالتدّفق زرافات زرافات إلى صناديق الاقتراع.
نتنياهو يحرّض ويخوّف ولن نخاف.
قانون القوميّة وراءنا وصفقة القرن أمامنا ونحن مليون صوت عربيّ فكيف لا يخاف السّاحر منّا؟
نحن قادرون على تغييره ولن نتنازل عن حقّنا في الاقتراع.