فكرة أن تقوم حركة "فتح" من خلال كبار كُتّابها بالحوار، والمخالفة بالموقف أو الفكرة والنقد هي فكرة الديمقراطية الحقيقية لدينا.
 وإن كان للحوار معنى مستحدث هو أن نفكّر معًا وباعتباره قوة التفكير الجمعي أو استراتيجية مساعدة الناس للحوار معًا، فالحوار لا يفترض حصول الموافقة بل يشجّع الناس للمشاركة في مساحة المعاني المشتركة ما يقود للقرار ولخطة مشتركة أو لعمل مشترك.
حركة "فتح" لا تختفي وراء الأزمات، فلا تنكرها ولا تدَّعي أنّها فوق النقد.
 إنَّ تلك التنظيمات الفكرانية (الأيديولوجية) التي اختفت وراء أزماتها وفشلها في مفاصل ومواقف وسياسات بل وفي ذات أفكارها امتهنت المظلومية والمحنة وبالتالي نزعت نحو الطهورية والاختصاص بالحق في مقابل الاتهام والإقصاء للمخالف عوضًا عن دراسة التجربة والاعتراف بالأخطاء والأمراض وتعديلها.
"فتح" لا تنكر أخطاءها ومتسلقيها وانتهازييها الكُثُر مطلقًا، بل تعمل على أن تتطهّر من ذنوبها دوريًّا فتغتسل.
حركة "فتح" كما أراها ما كانت يومًا عصيّة على الاعتراض، والصوت الصارخ، بل ظلّت بابًا مفتوحًا لصراع الأفكار والإرادات والمفاهيم تلك التي تمهد نحو الهدف الرئيس وهو التحرير لفلسطين وفق أفضل الوسائل التي نختلف بها، ولا نختلف بتاتًا على الحوار بشأنها مهما اختلفنا.
"فتح" ظلَّت بابًا مفتوحًا للولوج إليها بالعطاء والعمل والوعي والإبداع هذا في يد، وباليد الأخرى النقد الإيجابي أي المقرون بالعمل أو وضع الخيارات التي ينخرط فيها صاحب الفكرة.
حركة "فتح" في مولجها تتقبَّل النقد سواء من كوادرها أو من جميع فئات الشعب باعتباره مساحة غير مغلقة بل مرحابة للتعددية بالفكرة وصولا للمسار أو السبيل أو بعرض مجموع السبل والمسارات في سياق التفضيل أو الأولوية ما يعني أنَّ في ذلك قطعًا قبول ورفض وموافقة واعتراض وهو صلب مضمون النقد والنقد الذاتي في الحركة.
هناك من الآراء التي تفترض أنَّ هذا الموضوع أو ذاك مكانه الإطار التنظيمي الداخلي أو البيت الوطني، أو بالمقابل مكانه العلن والجمهور وهذا قابل للنقاش، ويفترض الالتزام بالمبادئ والقرار والالتزام بأدب الحوار والاختلاف من الجميع المتحاورين.
وقد يخطئ البعض في العلن لما هو في سياق الإطار وقد يخطئون بالإطار إن قمعوا حرية التعبير وإعطاء أدوار العمل ضمن الخطة.
إنَّ في عقلية الباب المفتوح والتدفُّق في منظومة النقد والإبداع معًا في حركة "فتح" إعلاء للكلمة الحرة في سياق الاجتهاد.
متى ما انقطعت أدوات الحوار والنقد والإبداع في الحركة تنقطع مياه النهر عن الجريان وهي التي مازالت متدفقة، ومن هنا تأتي القدرة الكامنة في قلب وعقل كل فلسطيني وكل فتحوي صميم حين يعلم ويدرك بكليّته أنَّ الانتماء والولاء هو لفلسطين كما تعلّمنا "فتح"، لذا فإنَّ أبواب التدفق لا تنقطع، فالروافد مازالت سليمة، ومصب النهر مازال يتلقى تحية الغيمات الماطرة.