على بعد أقل من أسبوعين من الانتخابات الإسرائيلية التي هرب إليها بنيامين نتنياهو وحزب الليكود بعد الفشل الذريع الذي تجرّعاه في انتخابات نيسان الماضي، حين عجزت كل مناورتهما عن تشكيل ائتلاف حكومي ينال ثقة الكنيست، وكان البعض يعتقد أنَّ حزب الليكود سيتمرد على رئيسه نتنياهو الفاسد والعاجز، ولكنَّ أمل البعض في حزب الليكود خاب إلى درجة الانكشاف، واليأس عند نتنياهو تضاعف، فحوَّل حملته الانتخابية إلى موجات متصاعدة من العنف ضدّ الفلسطينيين، استيطان مهووس لا يستثني شيئًا، مع أنَّ الاستيطان كله غير شرعي بموجب القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وآخرها قرار مجلس الأمن رقم 2334، واعتداءات إجرامية بما فيها الاعتداء على أسرانا البواسل، والاعتداء على أطفالنا الذين يضاعف من غراماتهم المالية، والإعلان الرسمي الذي يشجعه الرئيس الفاشل الآخر وهو دونالد ترامب، وهو ضمُّ المستوطنات في عموم الضفة إلى (إسرائيل)، فهذا جزءٌ أصيل من صفقة القرن الكاذبة والغبية والفاشلة، ثُمّ توسيع لعبة العنف وصولًا إلى لبنان، والطائرات المسيَّرة الإسرائيلية التي سقطت فوق الضاحية الجنوبية، واحدة أسقطت والأخرى فجِّرت من قِبَل (إسرائيل) حتى لا تعرف حقيقتها التكنولوجية، بل إنَّ اللعبة الاستعراضية وصلت إلى سوريا و العراق، وظهر نتنياهو للحظات في دور الملك الذي يستطيع أن يفعل ما يريد، ويوجه الاتهامات الزائفة إلى من يشاء، لكن رياح الحقائق ومجريات الأحداث لم تكن على هواه، ولا على هوى حليفه دونالد ترامب، فقد جاء الرد سريعًا ومعلنًا ودقيقًا من لبنان، بتوافق لبناني شامل وكامل وقوي، من الرئاسات الثلاث اللبنانية، ومن الجيش، ومن النُّخب السياسية اللبنانية، ردٌّ يقول: "إنَّ قوة لبنان ليست في ضعفه، ولكنَّ قوته تكمن في وحدته وقوته الموضوعية"، وكان الردُّ موثقًا بصورة غير مسبوقة، حتى أبواب الكذب أغلقها "حزب الله" ضد نتنياهو، وهكذا يشعر نتنياهو وحليفه ترامب أنَّ اللعبة أكبر ممّا يظنون، وأنَّ الصراع العربي الإسرائيلي أعمق امتدادًا، وأن مركزه المتمثّل في القضية الفلسطينية له أبعاد أكثر عمقًا، وهذا ما ظهر من اللحظة الأولى، فحين قالت القيادة الفلسطينية لا لصفقة القرن وكل مفرداتها، ولا للتطبيع الذي يتعرَّى فيه المطبِّعون بالمجان، ويسجدون لإسرائيل بدلًا من السجود لله، وهو أمر لا تدَّعيه (إسرائيل) نفسها.
المشهد دقيق جدًا، نتنياهو يدفع (إسرائيل) إلى الانتحار، شكرًا له على ذلك، يجرِّدها من كل ادعاءاتها، وهو أعرف بها، يقول لها بالفم الملآن "أنا أو الطوفان" ولكنَّ الحقائق التي تتجمَّع تقول غير ذلك، ليس له إلّا دونالد ترامب الفاشل بامتياز على كل صعيد، العنف الأبيض يتزايد، والحرب التجارية ليست على مستوى أوهامه، والتغيير المناخي الذي هرب منه يعربد في أميركا وينذر بالمزيد، ويصرخ في نتنياهو من يساعدنا فلا يستجيب له أحد إلا هندوراس، اللعنة" الوضع في المنطقة والعالم أكثر تعقيدًا، فهل يتمرَّد الإسرائيليون على عنصريّته أم يضع رأسه بين الرؤوس ويقول يا قطاع الرؤوس؟!
نحنُ فلسطينيًّا نتابع بكل الدقة المطلوبة، كلمتنا في الميزان وازنة لأنّها كلمة حق، وكلمة النضال، وكلمة الانبثاق النضالي المبدع.