منذ أكثر من سنة تعلن وسائل الإعلام في (إسرائيل) عن مبادرة السلام الأمريكية. تفاصيل تُسرَّب، ولا تزال الصورة الكاملة غير واضحة، ولكن يمكن أن نُبشّر منذ الآن، قبل النشر الرسمي، بأنّ احتمالات تحقُّق صفقة القرن هزيلة بل وصفرية. وهي ستكون كذلك حتى بعد 9 نيسان، موعد الانتخابات في البلاد.

إنَّ مستشاري الرئيس ترامب جارد كوشنير والمبعوث جيسون غرينبلت هما وكيلا مبيعات يتجوّلان مؤخّرًا في مناسبات دولية في محاولة لتسويق علاج سحري للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. فضلاً عنهما – وربما اثنان – ثلاثة أشخاص آخرين – أحد لا يعرف العناصر التي تتضمنها الصفقة. ولكن يبدو أنَّه يوجد للعلاج الخفي تأثير مخيف، مفزع حقًّا، على الطرفين المخصَّص لهما.

حتى قبل كشفها يبدو أنّ هذين الطرفين يعارضانها، يرفضانها. منذ عهد ريغان، كل رئيس أمريكي وكل إدارة كانت ضالعة في الجهود لتحقيق حل سياسي للنزاع. جورج شولتس، وورن كريستوفر، جيمس بيكر، كولين باول، كونداليسا رايس، هيلاري كلينتون، جون كيري، حاولوا التوسّط وعرضوا مبادرات واقتراحات سلام. وقد فشلوا، ولكن كرامتهم ومكانتهم كوزراء خارجية مقدَّرين لم تتضرَّر.

إنَّ خطة السلام للرئيس ترامب هي فشل حتى قبل أن تخرج إلى هواء العالم. إذا كان كوشنير وغرينبلت يعتقدان أنَّ تأجيل صفقة القرن إلى ما بعد الانتخابات في البلاد سيساعد في قبولها، فإنَّهما مخطئان.

إنّ الواقع السياسي في (إسرائيل)، والوضع في قيادة السلطة الفلسطينية، والمزاج في أوساط زعماء الدول العربية المعتدلة، ولا سيما في الخليج، تشكّك مسبقًا بكل احتمال لذرة توافق حول الصفقة بحيث تؤدي إلى إنهاء النزاع.

دبلوماسي رفيع للغاية، نائب رئيس وفد عربي مركزي إلى الأمم المتحدة، بدأ يمزح في حديث عن الشرق الأوسط، إذ قال: "يبدو أن الرئيس يقصد القرن الـ22".

الانقسام السياسي الذي يظهر الآن بكل بشاعته في حملة الانتخابات في (إسرائيل) لن يساهم بالطبع في بلورة موقف إسرائيلي بالنسبة لصفقة القرن. ولا الدمج المحتمل لأعضاء قوة يهودية المتطرّفة في الائتلاف التالي. توجد في (إسرائيل) إمكانية معارضة كامنة، على حدود الثورة ضد خطة السلام لترامب، يبدو الرفض الفلسطيني إلى جانبها كخطوة سياسية واعية.

يعتزم كوشنير وغرينبلت تجنيد الكثير من الأموال من بلدان الخليج الفارسي لعرضها على الفلسطينيين مقابل موافقتهم على الخطة. ولكن يبدو أنَّ الرجلين يتجاهلان حقيقة أنَّ السعودية مثلاً لا تغفر للإدارة نقل السفارة الأمريكية. ما ليس معروفًا للكثيرين لا يزال هو أنَّ غرينبلت يبحث عن تأييد لخطة السلام حتى في أوساط الجالية اليهودية في الولايات المتحدة. فقد سبقَ أن التقى بمبادرته، سِرًّا، مع مجموعة مصلين ومتفرّغين من كنيس إصلاحي مركزي في نيويورك وطلب سماع رأيه. ليس بالضبط بالنسبة للخطة، التي لم تُنشَر بعد، بل بالنسبة لإمكانية الحصول على ظهر لحلٍّ سياسي من جانب البيت الأبيض. ولكن مرة أخرى، غرينبلت ليس على علم على ما يبدو بعمق الشرخ في العلاقات بين (إسرائيل) والجالية اليهودية في الولايات المتحدة. وحتى لو حظي في النهاية بالعطف من جانب يهود أمريكا، فإنَّ هذا لن يكون له أي معنى أو تأثير على موقف دولة (إسرائيل).

يديعوت – شلومو شمير