نحن أبناء الشَّعب الفلسطيني داخل حدود فلسطين التاريخية، حيث يطلق علينا أعداؤنا أسماء شتى ويضعوننا تحت حالات قانونية متناقضة، وفي الشتات القريب والبعيد، نستحضر هذه الأيام الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية، وهي فعل عدواني شامل تعرضنا له لا لذنب اقترفناه، ولا لخطيئة مارسناها، بل إنَّ الله والتاريخ والطبيعة أكرمونا، بأنَّ جعلوا الرسالات السماوية الثلاث تحضر في وطننا فلسطين الذي كان أول أرض بشرق عليها التاريخ الإنساني، بل لأن مجريات التاريخ، وتهديد بعض أدوار الدول بالانقراض، وظهور أدوار جديدة لدول جديدة، قد جعل هؤلاء الأقوياء السابقين واللاحقين يمارسون قوتهم المتوحشة ضدنا، مستخدمين الحركة الصهيونية التي أنشأها في معظم التطور أقوام من قبائل خزرية لا علاقة لهم إطلاقًا بأبناء يعقوب (إسرائيل)، وصرنا نعرف فيما بعد عناوين مثل المسألة اليهودية، وشرق السويس، وتقسيم الأمة العربية إلى أقليات دينية متناقضة، وبما أن فلسطين الكنعانية هي الجزء العضوي من الهلال الخصيب، فقد قررت القوى الاستعمارية والامبريالية، اختيار هذه الفلسطين لزرع كيان عدواني فيها يقسم الأمة العربية الواحدة إلى شرق وغرب وشمال وجنوب، وأن يكون شعب فلسطين هو الضحية. قبل سبعين سنة، اكتملت المؤامرة الدولية ضد شعبنا الصغير، فطرد من أرضه، وتم احتلال وطنه على دفعات، واحتكاما إلى معادلة وهمية ظالمة تقول (الكبار يموتون والصغار ينسون ويطوى الملف إلى الأبد) غير أن هذا الشعب الفلسطيني الصغير العدد اخترق المعادلة، وامتلك ذاكرة أقوى من النسيان، وشجاعة أقوى من التأمر، وكأن الله أراد أن يضرب به المثل ليكون شعب الجبارين بحق، ذاكرته أقوى من النسيان، ووعيه أقوى من الطمس وجدليته لا يتسع لها سوى التاريخ نفسه، فبدل أن ينسى، ورث ذاكرة إلهية، وبدل أن يذوب ويتلاشى أبدع كل ما هو خارق لكي يبقى، وأصبح حضوره هو الحق، وأصبحت ذاكرته الجمعية هي قوته التي لا تقام، وأصبح وعده بنيل حقوقه أقدس ما يضئ به الله على العالمين.
ولقد بدأنا في النكبة بمن يقول لنا، لا تفكروا نحن نفكر نيابة عنكم، ولا تقولوا شيئًا نحن نتحدث بدلاً منكم، فقلنا لهم، إنَّنا رغم شتاتنا الواسع سنكون أول التفكير وأول القول وأول الشهادة وأول الحياة.
سبعون سنة مرت على نكبتنا، هل تاهت ملامحنا؟؟؟ هل خفت ضوء حقيقتنا؟؟؟ هل ضاعت الطريق من أقدامنا؟ لا... ألف لا.. نحن مع كل بداية، نحن خلاصة الحكاية، مزيد من الألم والمعاناة والخذلان والإستقواء، ولكن الله سبحانه وتعالى حين يريد أن يدلل على عظمته اللانهائية فإنَّه يختارنا لنكون مثال الهداية، ومنطق الإعجاز.
كل أعدائنا الكبار والصغار، الذين ظنوا أنهم فازوا بالغنيمة، حين يلتفتون خلفهم، يرون أننا ما زلنا نتعقبهم، وأنهم لم يهربوا إلا قليلا، وموعدنا قائم وقادم مثل وجه الله، و"إنه وجه فلسطين الحرة، وطن الفلسطينيين إلى الأبد".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها