«كنا في عداد الموتى وأصبحنا الآن أحياء. لم أكن أتوقع أن أكون حرا طليقا بعد الحكم بالمؤبد، لم اصدق أنني عانقت الرئيس ابو مازن».
يختصر الأسير المحرر خالد عساكرة فلسفة الرئيس ابو مازن السياسية ومنهجه في القيادة، فإحياء نفس انسان وتحقيق الحرية لإنسان قيّد الظالم حريته اقدس من النظريات والشعارات.
وحدهم المتحجرة قلوبهم، والجافة عقولهم لا يؤمنون بقداسة الحرية، فمن رأى دموع الأمهات والأخوات والبنات والآباء والأبناء الشيوخ والعجائز فجر امس تطير كالحمائم في فضاء الحرية، تسبقهم لاحتضان أحبائهم، ويتخذ جانب المنظرين، السفسطائيين، المجادلين، يحتاج لإعادة صقل لثقافته الانسانية، ومراجعة في اقرب مركز متخصص لأمراض القلب السياسية وانسداد الشرايين الاجتماعية !!.
لا ادري كم تساوي هذه اللحظة التاريخية، ومبلغ الثمن الذي دفعناه ويجب ان ندفعه من أجل حرية الأسرى الآخرين من اجل صورة انسانية تعجز عن صنع مثيل لها كل أدوات الابداع السينمائي في العالم، فصاحب القلب الحي يرى في دمعة فرح لأم اسير، او ابن وبنت اسير فرح الشعب كله، أبناء وأحباء وأقارب المحررين كاليمامات، يحاولن الطيران للوصول الى احبابهن الأحرار وللفوز بعناق... وتسجيل سبق تذوق الحرية المقدسة، فقد تجسمت امامهم روحا ولحما ودما بعد صبر عظيم.
لا يحق لأحد تحليل هذا المشهد التاريخي او تلويثه برذاذ كلام رغبوي مسيس، فبعد هذه اللحظة لا مجال إلا للتفكير بكيفية صنع مشهد تلو الآخر حتى تحرير آخر أسير من معتقلات الاحتلال الاسرائيلي، أما الانشغال بتأليف جمل العرافين والعرافات، والتخريف والتنظير الفضائي فانه لن يحرر انسانا ولا حتى شبرا من ارض.
كسر ابو مازن المستقوي دائما بقوة وصبر وارادة الشعب معايير اسرائيل الظالمة وأبطل قرارات محاكم الاحتلال اللا شرعية قبل ان يذهب الى مؤسسات الأمم المتحدة..فإطلاق حرية الدفعة الأولى من قائمة الأسرى القدامى (قبل اتفاق اوسلو) انتصار جديد للإرادة الشعبية الفلسطينية، التي اكملت وجهها الآخر في غزة حيث فرضت فرحة الفلسطينيين الوطنيين نفسها، فأرغمت نفوسا محبطة منكسرة على التراجع والانكفاء، أمام انبعاث وقيامة اسرى، اغفلهم من كان بيده مفتاح حريتهم، لكنه اختار الأنا المقيتة وتركهم في زوايا الزنازين، معتقدا ان عنكبوت النسيان سيغلفهم !!.
كان لصبر الأسرى في معتقلات الاحتلال فضل عظيم في تعزيز موقف القيادة، فحريتهم حق لا يحتمل المساومة، وبقاؤهم في وطنهم جزء من عقيدة العودة، فهم مناضلون من اجل الحرية، وإطلاق حريتهم استحقاق كان واجبا على حكومات دولة الاحتلال المتتالية تنفيذه منذ العام 1999»..
نجح المنهج السياسي الوطني، وانتصر القائد والشعب المرفوع الراس على المستحيل، فالمناضل الفلسطيني الأسير الذي يشعر الآن انه كمولود جديد، هو اليقين الذي نريده ليكون دستور نضالنا لتحقيق هدف الحرية والاستقلال، فالمحبطون، والقاعدون، المراوغون بألسنتهم مكانهم « مقاعد الحكواتيين».