وعلى رأس ما يشجعني للكتابة عن إنهيار السلطة، ليس إلا ما نشاهده من تسارع في تصريحات الاحتلال حول الانهيار دون أن يحدد ما معنى الانهيار، وفي نفس الوقت استغرب جدا من مجموعة الأقلام التي تدعم هذه الافكار الاحتلالية بقصد او بدون قصد، ونلاحظ انه في بعض ورش العمل التي تتناول العنوان نجد أن هناك "غوص" في منعطفات جانبية وهوامش دون الوقوف حقيقة على معنى الانهيار، وتداعياته وتأثيره المباشر وغير المباشر على المجتمع الفلسطيني وما وصل له من نتائج وإنجازات مشهودة دولياً.
مَن لديهم مواقف خاصة من السلطة سواء دول عربية أو دولية، ناهيك عن الاحتلال، لا يتمنون زوالها ولكنهم يتمنون أن تضعف وتفقد قدرتها على العمل والحراك الدولي، وسيبدؤون كما كل مرة في نشر الاحصائيات المدبلجة بما يريدون إقناع العالم به، وأغراقنا فيه أيضا، وهم يعلمون أننا شعب أُنهك من تجاهل المجتمع الدولي وتعقيد القضية والحصار والعنجهية الاسرائيلية، بالتالي فإن مفهوم "إنهيار السلطة" لا يمكن أن يكون برنامج للتحسين، ولا يمكن أن يكون هناك بديل جاهز، فالاحتلال هو الاحتلال والمجتمع الدولي هو المجتمع الدولي، بالاضافة الى ان الظروف التي قامت على إثرها السلطة قبل عشرين عاما تختلف عن الظروف اليوم، ولو عُدنا الى السنوات السابقة قبل قيام السلطة وتم مقارنتها بما عليه الأمر اليوم من وضع إقليمي ينذر بالحرب، ووضع عربي متفكك، وواقع دولي يضع حسابات مصالحه فوق كل إعتبار، وأيضا إفرازات النزاعات الداخلية في البلاد العربية الغير مستقرة في نظامها بعد التغيير، كل ذلك يقول لنا أنه لن يكرر قيام السلطة الوطنية.
بكل الأحوال يحتاج المجتمع الفلسطيني الى واقع أفضل، ووحدة في المواقف والبرامج، وإنهاء كل واقع الانقسام ومعالجة تداعياته، لأن الاحتلال الاسرائيلي يراهن على أوضاعنا السياسية، وما وصل له الاقتصاد الفلسطيني من تراجع في جوانبه المختلفة، وتأثير الحصار على جوانب شاملة .
ان (اسرائيل) لا تريد إنهيار السلطة، ولكنها تريد إنهيار الانجازات التي تمت منذ قيام السلطة الفلسطينية وحتى اليوم، وتعمل على عدم الوصول الى الدولة الفلسطينية، وإعاقة أي إمكانية للتقدم، وفي نفس الوقت تريد إغراق المجتمع الفلسطيني بأزمات إضافية، وتصريحات قادتها حول الانهيار هو قراءة لما يدور في الداخل الفلسطيني من ردود أفعال وفي بعض الأحيان تعمل على زيادة الخلاف السياسي، وتضخمه، وتفتح شهية البعض المتسرع لكي يدور في فلك التصريحات الباطلة والغير مقبولة عربيا واقليما ودوليا.
أختم مقالتي بالقول أن حركة فتح بخير وهي الحركة التي نسجت البدايات، وتحمل الصعاب من أجل تثبيت أركان السلطة وبناء المؤسسات، وعانت من هذا الامر ومن التداخل الاجباري بين السلطة وبين الحركة والتنظيم.
إن من يخرجون بالاشاعات ويحللون وينشرون الاحصائيات والكثير من البيانات الخاصة بهم والتي تتحدث عن قُرب إنهيار السلطة أو شيخوخة حركة فتح، أو عجز قيادتها، وما خُرج به قبل أيام من سيناريو مشبوه عن "مرض الرئيس وسفره المفاجيء والطاري للعلاج"، كل هذا لن يفيد في تخلي قيادتنا وجماهيرنا عن مشروعنا الوطني، ولن يفيد أيضا هذا الضغط على السلطة الفلسطينية والقيادة والرئيس أبومازن ليوافق على المشروع الاقليمي والدولي والاسرائيلي الذي يراد به إنهاء القضية الفلسطينية دون الوصول الى الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، ومن هنا جاء خطاب الأخ الرئيس أبومازن ليضع النقاط على الحروف، وكما يتم تفسير واستخدام بالون الاختبار الاسرائيلي المعرَّف بـ "إنهيار السلطة" فإن هناك من يفسر ما ورد في الخطاب بنفس القياس