نصف قرن ونّيفَ مّر على انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، والتي تعتبر أنبل وأشرف ظاهرة عرفها التاريخ المعاصر، وذلك أن أجندتها كانت فلسطينية الوجه وعربية العمق وعالمية البعد ونقية وصافية النبع، وقبلتها هو الجهاد والكفاح والمقاومة المسلحة لتحرير أرض الطُهر والقداسة، أرض الرباط فلسطين مسري النبي صل الله عليه وسلم؛ ارض المحشر والمنشر وكانت انطلاقة الحركة بمثابة الأيقونة ومفتاح الأمل لشعبنا الذي خرج بعد النكبة مشردًا مُشتت الشمل لاجئًا في كل أصقاع الأرض؛ ووجد تنظيمات كثيرة أنداك لكن كل تنظيم وحركة كانت لها أجندتها الخاصة البعيدة عن حلم تحرير كل فلسطين من بحرها لنهرها؛ وكان كل إنسان يحمل فكر وأيدولوجية؛ سواء من الفكر اليساري أو الشيوعي، أو القومي، أو البعثي، أو الإخوانية، الخ... وكان الكفاح المسلم هو الطريق الأقرب لتحرير فلسطين في ذلك الوقت الذي كانت لنا الكثير من المؤيدين والمناصرين والداعمين للقضية الفلسطينية؛ وكان فكر فتح يقول أنها: الاطار الأعم والأشمل الذي يعمل على استقطاب كافة أبناء الشعب الفلسطيني وكافة أحرار العالم، بغض النظر عن أفكارهم الأيديولوجية، فكل إنسان يحتفظ بفكره لنفسه سواء العلماني أو المسلم أو اليساري أو البعثي أو القومي وله حرية الفكر والمعتقد؛ لكن البوصلة الحقيقية والهدف الوحيد هو تحرير فلسطين مع استقلالية القرار الوطني الفلسطيني المستقل، وأن لا نكون تبعًا لأحد ولا لأجندات لدول عربية أو غربية، بل أجندة الحركة كانت نقية وشعارها لا للاحتواء أو التبعية لأحد، ونعم للقرار الوطني الفلسطيني المستُقل.؛ تأتي ذكري انطلاقة الحركة اليوم في ظل هبة وانتفاضة القدس المباركة؛ وفي ظروف صعبة ومعقدة للغاية وفي ظل متغيرات عربية وعالمية ومحلية كثيرة، وتأتي الذكري ال51 وشعبنا الفلسطيني ينتفض بوجه الاحتلال الصهيوني المُجرم؛ ينتفض شعبنا البطل مقاومًا مشروع التهويد والاستيطان وضد ممارسات الاحتلال واضطهاده لشعبنا الفلسطيني وهو ينتصر على كل الإجراءات القمعية والقتل والاعتقال السياسي وهدم البيوت لان الفلسطينيين أصحاب حق ولن يقبلوا أن يضحوا بحقوقهم الوطنية والتاريخية عبر سنوات نضالهم الطويل والمرير دون تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي ، هذه المسيرة التي خُطت مسيرتها بدماء الشهداء والجرحى وأهات الأسري والثكالى واليتامى والمحرومين، ولا يزال شعبنا يدافع عن كرامة وشرف الأمة العربية والإسلامية وعن المسرى والأسري، عن المسجد الأقصى المبارك قبلة المسلمين الأولي وتأتي الذكرى الواحد والخمسين لتتوج في نجاح الديبلوماسية الفلسطينية للرئيس محمود عباس في اختراق معاقل إسرائيل في أوروبا حيث البرلمان اليوناني يعترف قبل يومين بدولة فلسطين وهذه ثاني دوله أوروبية بعد النرويج تعترف بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وتعترف بكامل الحقوق الوطنية و بحقنا في إقامة الدولة الفلسطينية؛ في وقت يحاول البعض المزاودة والانتقاص من منجزات ومكتسبات حركة فتح، وذلك ضمن محاولات بث الانقسام في صفوف حركة فتح خدمة لأهداف وأجندات خارجية وغير فلسطينية تتعارض مع الثورة الفلسطينية التي حينما نذكرها أي فتح التي بدأت مسيرتها النضالية الفعلية من خمسينات وستينات القرن الماضي؛ في وقت لم يكن قد ولدوا من رحم أُمهاتهم ولم يكونوا قد خُلقوا على هذه الأرض الذين يزاودون ويتشدقون على الحركة؛ ونحن هنا لا نقول بأننا ملائكة لا نخطأ بل بشر نصيب ونخطأ لكن أجندتها إسلامية ووطنية ونبتغي مرضاة رب العالمين اولاً ومن ثم تحرير أرض المقدسات والبركات فلسطين؛ فإن كانت فتح بخير فالوطن بخير؛ والعكس صحيح؛ ولا شك أن الحركة بحاجة لتفعيل كافة الأطر التنظيمية والحركية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وتحتاج لإعادة رص الصفوف والوحدة واللحمة الواحدة والترابط والتماسك وبحاجة ماسة لرسم استراتيجية وطنية جامعة شاملة وخطط للفترة القادة، ولعقد المؤتمر الحركي وكذلك لعدم استثناء أحد من حقه في الترشح والانتخابات الحركية وخاصة العسكريين أعتقد استبعادهم من العملية الديمقراطية بالحركة كان خطأ لأن جُل كوادر الحركة وقيادتها من العسكريين والعاملين في الأجهزة الأمنية الفلسطينية؛ وإن فتح أكبر من محاولات البعض للانقضاض عليها وشق وحدة صفوفها لأنهم تناسوا أن فتح انطلقت من رحم الشعب الفلسطيني وهي وعاء الفلسطينيين تتسع للجميع ولا تقبل الانحراف أو العصيان من أحد عليها، وكل محاولات لتفسخ الحركة على مر تاريخها الطويل باءت بالفشل بقيت فتح وانكسر من حاول الانشقاق؛ لأن فتح كانت وستبقي ديمومة النضال والكفاح والجهاد والمقاومة الفلسطينية وهي شعلة الكفاح الوطني الفلسطيني المسلح والشعبي ولن يتخلى الفتحاويين الشرفاء عن ميثاق ومبادئ حركة فتح ، واليوم وإن كانت فتح قد تبنت الخط السياسي بعد اتفاقية أوسلوا سيئة السمعة و السيط ؛ لكن الظروف الاقليمية والربيع العربي والظروف الدولية قد تغيرت من حولنا؛ واليوم الانتفاضة والحرب الشعبية الفلسطينية بالحجارة والسكاكين وبالدهس والمقلاع، قد تحققت فعلاً فإن تصور فتح كان وما يزال أن تكتسب القضية الفلسطينية اهتماما إقليميا ودوليا وان تبقى القضية الفلسطينية في أولوية الصراع العربي الإسرائيلي، وبعد خطاب الرئيس أبو مازن الأخير في الأمم المتحدة كانت الشرارة الواضحة لانطلاقة الانتفاضة والحرب الشعبية ضد الاحتلال؛ وجاءت لتصحح الربيع العربي وبوصلتهِ التي انحرفت عن طريق تحرير فلسطين، إلى تقسيم الدول العربية وتدميرها خدمة لإسرائيل وان أحداث ما تشهده ألامه العربية يقتضي الحفاظ على وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة الإطار التمثيلي للشعب الفلسطيني ممثلاً بمنظمة التحرير الفلسطينية الجامعة لكافة ألوان الطيف الفلسطيني، وذلك ضمن الحفاظ على الحقوق الوطنية الفلسطينية والحفاظ على ثوابت العمل النضالي والوطني الفلسطيني الذي أخطته حركة فتح عبر تاريخ نضالها حيث تحتفل بانطلاقتها الواحد والخمسين وفي جعبتها الكثير مما يجب أن يتحقق لإقامة دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، ونحن نقول أننا نريد فلسطين كلها من بحرها لنهرها وأننا لنا الحق الشروع في الكفاح والجهاد والمقاومة والنضال بكافة السبل والطرق التي أقرتها الشرائع السماوية قبل الأرضية بما في ذلك حقنا في الكفاح المسلح لتحرير فلسطين؛ وهنا دعوة صادقة للأخوة في حركة حماس لند أيدينا لبعضنا البعض إخوة متحابين متسامحين لينتهي الانقسام البغيض وعدونا واحد ووحيد هو العدو الصهيوني الذي اغتصب أرضنا وقتل شعبنا؛ عاشت الذكري، المجد والخلود لشهداؤنا الأبرار، والحرية لأسرانا البواسل والشفاء العاجل للجرحى وإنها لثورة حتي النصر .
حتي النصر. حتي النصر إن شاء الله.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها