دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، ولدت من رحم العنصرية، وقامت ركائزها على نفي شعب البلاد الأصلي، زوروا لها شهادة ميلاد في اروقة الغرب الاستعماري وخاصة وعد بلفور البريطاني، وأمدوها بكل مقومات الوجود: هجرة وتمويلا وتسليحا وصناعة. لبست الدولة الطارئة ثوب اليسار والاشتراكية في البدايات عبر الكيبوتس، تلك "الكومانات" الاستعمارية لتضليل شعوب الارض، واشتقوا شعارات كاذبة، لا اساس لها في الواقع، وأنشأوا لها رواية مزورة، ثم تدريجيا كشفت كليا عن انيابها الاجرامية، حتى لم يعد امر عنصريتها وفاشيتها سرا على شعوب الأرض.
كان الفلسطينيون، الذين اكتووا بالمجازر والمذابح منذ عشرينيات وثلاثينيات واربعينيات القرن العشرين، واكتووا بالنكبة الصهيونية وتآمر الرأسمالية الغربية وتواطؤ الاشقاء عام 1948، يعرفون من هي إسرائيل، وماذا تمثل بالنسبة لهم. لكن لم يكن أمر معرفتها من الفلسطينيين وابناء الشعوب العربية ذات شأن كبير. لان الامر الهام، هو إدراك شعوب اميركا واوروبا واميركا اللاتينية وباقي شعوب الارض حقيقة الدولة الدموية، ليرتقوا لمستوى الجريمة، التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني، ويعيدون الحقوق السياسية والاقتصادية كاملة له من خلال الدعم غير المشروط بضمان حرية واستقلال دولة فلسطين على كامل الاراضي المحتلة وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194.
ما تقدم ليس سردا إنشائيا لتدبيج الكلام، ولكن لتذكير كل شعوب الارض، بأن دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، ومظاهر العنصرية والفاشية، التي تنضح منها على مرآى ومسمع العالم، ليست وليدة اليوم او الامس القريب، بل هي متجذرة في الوعي الصهيوني، الذي تفوق على الفاشيين الايطاليين والنازيين الالمان، والدليل سلسلة طويلة من مذابح ومجازر نفذتها عصاباتها وجيش الموت اللاأخلاقي في قبية ودير ياسين وكفر قاسم والدوايمة وصبرا وشاتيلا وبحر البقر وغزة وخان يونس ومخيم جنين وفي كل بقعة من الارض الفلسطينية وآخرها حرق ثم قتل الشهيد محمد ابو خضير مطلع تموز 2014 وحرق عائلة دوابشة في نهاية تموز 2015. وما زالت حكومة نتنياهو ومجموعات "تدفيع الثمن" و"لهباه" و"شباب التلال" وغيرها من المسميات القميئة للوحوش الآدمية الصهيونية اليهودية، تنتج مزيدا من التغول والإيغال في مستنقع المجزرة والمحارق الجديدة.
وما شريط الفيديو، الذي بث قبل ايام عن عرس الجماعات الصهيونية المتطرفة، التي كانت ترقص على طبول العنصرية والمحرقة في دوما جنوب نابلس إلا خير دليل على المستوى، الذي وصل اليه اولئك الفاشيون الصهاينة من الوحشية المنفلتة من عقال اي وعي بشري، على مرآى ومسمع من حكومة نتنياهو، التي شكلت الغطاء والحامي لاولئك القطعان المستعمرين الذين حملوا السكاكين وهم يمزقون صورة الطفل علي شلالدة، ابن العام ونصف العام، الذي حرقوه مع والديه في بيته. اين هو العالم الحر مما يشاهد؟ اين اوباما وكيري واعضاء المجلسين من العنصرية الصهيونية؟ واين اوروبا وروسيا والصين واليابان والعرب الاشقاء؟ والى متى سيتم الصمت والاختباء خلف عبارات تافهة لا تساوي شيئا أمام جرائم مجرمي الحرب الاسرائيليين؟
لا نريد العدالة كاملة، لاننا نعلم ان العدالة المطلقة صعبة المنال، وحتى النسبية، ولكن نريد الحياد الايجابي لانصاف شعبنا من محارق الصهاينة وحكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، المنتجة لكل مظاهر الفاشية، والداعمة لخيار الاستعمار وقتل خيار السلام، وابقاء الشعب العربي الفلسطيني أسير لمشيئة خططهم الجهنمية ومجازرهم ومذابحهم.
دولة ترفض خيار التسوية السياسية، وتُصر على العيش في مستنقع المحرقة لابادة الشعب الفلسطيني، لن تفلح في البقاء مهما كان حجم وثقل الدول، التي تدعمها وتقف خلفها. لان إرادة البقاء والدفاع عن الذات الفلسطينية اعظم من كل اسلحة موتهم العنصرية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها