عربيان من الجنسين، كل منهما حمل راية الثورة الفلسطينية بطريقته ومن موقعه الكفاحي. واصلا درب الثورة دون تردد او تلكؤ، عاشا محطات الكفاح البطولي للشعب الفلسطيني بآمالها وألامها، انتصاراتها ومرارات تراجعها. كل منهما دفع حياته لتحيا وتنتصر فلسطين ويزول الاحتلال الاسرائيلي.
المناضلة البطلة نجلاء ياسين، إلتحقت بالثورة باكرا، وتخلت عن حياتها الخاصة، لتجعل من مكاتب وقواعد الثورة بيتها وعالمها. ام ناصر العربية الاصيلة، التي عملت لسنين طويلة من دمشق لبيروت لتونس لغزة، مديرة مكتب الرئيس الخالد ياسر عرفات، كانت عنوانا للمحبة والعطاء، لم تبخل على اي شخص بالمساعدة، بل كانت توفر الطمأنينة للداخل والخارج من عند الرئيس ابو عمار.
امين سر الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، كانت عنوانا من عناوين الدفاع عن المرأة ومكانتها في الثورة الفلسطينية، وعملت بكل ما اوتيت من قوة على رفع مكانة المرأة، كيف لا وهي المناضلة المتجذرة في خنادق الكفاح البطولي للشعب الفلسطيني، وفي عرين الرمز القائد ياسر عرفات. اللبنانية الاصل، سورية المولد وفلسطينية الولاء والكفاح ولصيقة الصلة بالناصرية المصرية وشخص الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، مما دفعها لتسمي نفسها (ام ناصر) وفاء له، وكونها كذلك، فانها عميقة الانتماء للعروبة الام، التي جسدتها في معمان الكفاح التحرري الوطني الفلسطيني.
ام ناصر غادرت بعد مشوار طويل دروب الحياة، وأسلمت الروح لبارئها. غير ان سجلها البطولي المضيء، ما زال ساطعا في سجل الشعب العربي الفلسطيني. وستبقى الشهيدة نجلاء الياسين، رمزا نسائيا مميزا في كفاح الشعب التحرري..
*********
المناضل العربي اللبناني سمير قنطار، التحق بالكفاح الوطني الفلسطيني منذ نعومة اظفاره عندما التحق بجبهة التحرير الفلسطينية، وتميز سمير بالشجاعة والاقدام، واصل مشوار الكفاح فقام في نيسان 1979 بالنزول على شاطئ نهاريا عبر البحر، ونفذ عمليته آنذاك، التي سقط فيها خمسة قتلى إسرائيليين وعدد من الاصابات، حكم عليه بأربعة مؤبدات و47 عاما أخرى، وكأن المؤبدات الاربعة لا تكفي القاضي الاسرائيلي. لكن احكام الجلاد الاسرائيلي لم تثنِ عزيمته. واصل مشوار الكفاح في سجون الاحتلال، التي قضى فيها تسعة وعشرين عاما، افرج عنه عام 2008 في اعقاب عملية التبادل مع حزب الله. واحتل ابن قرية عبية في جبل لبنان عن جدارة عميد الاسرى العرب.
سمير قنطار، الذي لم يؤمن يوما بالطائفة والمذهب، كان دائم الولاء لشعبه وامته العربية. ووضع كل طاقاته الكفاحية في نهر النضال الفلسطيني قبل الاعتقال لثلاثة عقود، اكملها بعد التحرر من سجون الاحتلال الاسرائيلي في صفوف حزب الله. غير عابئ بالحسابات الدينية، وهو دليل على اصالة الانتماء لخيار التحرر الوطني والقومي. ومناضل بني معروف، كرس حياته منذ الولادة عام 1962 حتى التاسع عشر من ديسمبر الحالي للدفاع عن الاهداف الكبيرة. وما اغتيال إسرائيل له في جرمانا شرق دمشق، إلا لتصفية حسابها معه، لأنها كانت تفترض ان يموت سمير في السجن، او تموت روح الكفاح فيه، لكن مواصلته دوره القومي في ساحات جديدة دون الانخراط في متاهة الحروب الدينية والطائفية والمذهبية الاميركية الاسرائيلية ومن لفهم من العرب والمسلمين، سرع من إصرار دولة الموت الاسرائيلية على ملاحقته واغتياله.
غاب جسد سمير القنطار، ولكن روح وعبر ودروس تجربته الريادية باقية في السجل الوطني الفلسطيني، وفي السجل اللبناني والعربي عموما. وستبقى روح عضو اللجنة المركزية لجبهة التحرير الفلسطينية مشعل نور لعطاء الثوريين العرب عموما..
رحم الله ام ناصر .. رحم الله سمير القنطار، ووداعا لهما، وسلاما لروحيهما.. ووعدا لهما ولكل شهداء الشعب والامة سنبقى نواصل مشوار الكفاح حتى نحقق كامل اهداف الشعب والامة على حد سواء.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها