لقاؤنا مع العالم كله في الجمعية العامة للأمم المتحدة،للتصويت لصالح عضوية غير كاملة لفلسطين، هو لقاء رئيسي ومستمر ولا رجعة عنه، بغض النظرعن السلوك الاسرائيلي الذي يزرع الطريق بالأشواك وبالألغام أيضا، حيث لا يقتصر الأمرعلى السلوك الاجرامي للمستوطنين ضد أبناء شعبنا بحراسة الجيش الاسرائيلي!!! أو استمرارتصعيد الغارات والاغتيالات، أو تصعيب حياة الفلسطينيين بسبب الحصار، والحواجز، ونقاطالتفتيش الى حد الاستحالة، بل الأمر تعدى كل ذلك الى حد اتهام القيادة الفلسطينية بأنهابهذه الخطوة، أي الذهاب الى التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنها تتخلى عنالسلام، وتقطع الطريق عن المفاوضات بشكل نهائي.

هذا المنطق الاسرائيلي لا يصدقه أحد، حتى أكثر المتطرفين،في انحيازهم لاسرائيل لا يمكنهم أن يصدقوا هذه الاتهامات الرعناء التي تصدر عن نتنياهو،وائتلافه الأعمى، فالجميع يعلمون أن القيادة الفلسطينية تعاملت مع المفاوضات دائمابجدية عالية، وبأكبر قدر من الالتزام ومن أجل أن يظل الطريق سالكا فان الطرف الفلسطينينفذ كل الاستحقاقات المطلوبة، وهذه ليست شهادتنا لصالح أنفسنا، بل هذا ما شهد عليهالعالم، سواء على مستوى الرباعية، أو الأمم المتحدة أو بقية أطراف المجتمع الدولي،ولكن الطرف الذي لا ينفذ التزاماته هو الطرف الاسرائيلي، بل ان الائتلاف الحاكم حاليافي اسرائيل تنكر حتى للتفاهمات التي جرت بيننا وبين حكومات اسرائيلية سابقة، وآخر التفاهماتمع أولمرت في عام 2008، وبعد أن جاء نتنياهو وشكل هذا الائتلاف تنكر لكل شيء وتنصلمن كل شيء، وهكذا أصبحت المفاوضات عقيمة، بلا معنى، بلا نتائج من أي نوع.

الرئيس أبو مازن الذي يخاطب العالم كله بان المفاوضاتخيار أساسي لنا، بذل جهدا خارقا لكي تصبح لهذه المفاوضات درجة جدوى بمرجعيات لها هدف،ولها سقف زمني، ولها آليات تنفيذ.

و ذهابنا الى التصويت في الجمعية العامة، هو في الأساسلتأكيد هذه المرجعيات، ولتأكيد أن المفاوضات لها مرجعيات، وهذا ما يرفضه ائتلاف نتنياهورفضا قاطعا، هذا الائتلاف الاسرائيلي يضع على عينيه عصابة سوداء حتى لا يرى سوى مايجيش في أعماقه ويدور في عقله ليس الا، وهذا المنهج السياسي في التعامل مع الأخريينهو العربدة نفسها، أن لا يرى طرف سوى نفسه، ومصالحه، وينكر حقوق الطرف الأخر الشريكفي القضية والشريك في السلام وفي الهدف.

اعتقد أن الاستعداد للانتخابات المبكرة في اسرائيل سوفتكشف حتما أن هناك أطرافاً اسرائيلية ليست مصابة بالعمى المصاب به نتنياهو، أطراف تقرأالصورة جيدا ومن زوايا متعددة، وليس فقط زاوية العربدة والاستهتار بطرحه الحقائق بالعنفالدموي كما تفعل حكومة نتنياهو.

واجبنا وطنيناً أن نعبر هذه اللحظة المخنوقة، وأن نجتازهذه المخاضة الصعبة، بأكبر مساحة من التوافق، والقدرة على انتاج الرؤى والبدائل ورفعوتيرة التضامن الوطني، وعدم السماح لأطراف داخليا أن تبقى متربصة بمشروعنا الوطني،ومتوهمة أن سقوط المشروع الوطني سيصعد بها الى القمة!!! هذا وهم كبير يصل الى حد الخطيئة،ونحن نثق بشعبنا انه عميق في وعيه الجمعي بحيث يتمكن من تجاوز لحظات الصعوبة الراهنةالى أفق جديد.