يقول رجال الإدارة المدنية الإسرائيلية: التعاون من جانب حماس "مذهل"، حيث تلبّي حماس كلّ المطالب الأمنية الإسرائيلية في الجانب الفلسطيني ويرى الإسرائيليون ذلك بوضوح في كل لحظة

مثلّث الحدود الإسرائيلية المصرية الغزّاوية يبدو مختلفاً، فمجموعة الجنود المصريين الذين يحرسون الحدود تبدو مختلفة عن تلك التي حرست وقُتل منها 11 جندياً قبل عدة أسابيع. ويبدو أنّ الجنود الجدد من الوحدات المصرية الخاصة، وأنهم مجهّزون بأحدث الأسلحة وأيديهم على الزناد، والفرق الأساسي هو أنّ الجنود الجدد أقلّ ودّاً من سابقيهم.

وسبق أن وردت أخبار من مصر تشير إلى أنّ القوات المصرية وقّعت اتفاقاً لوقف إطلاق النار مع الجهاديّين بواسطة من سجناء إسلاميّين سابقين. ويبدو أنّ مرسي يذكّرنا بنموذج تعامل حماس مع الجهاديّين المتواجدين في غزة، فإذا أوقف العمليّة العسكرية في سيناء اليوم فإنّ ذلك يشبه الشخص الذي ينام مع الكلاب، بحيث لا يمكنه الاستيقاظ من دون أن ينهشه البرغوث، بكلمات أخرى عدم تنظيف سيناء من الجهاديّين يعني عمليات عسكرية في القاهرة والإسكندرية. وربما يفضّل مرسي عمليات ضدّ إسرائيل. وعلى بعد 1 كم من مثلّث الحدود باتجاه الغرب، تواصل الجرّافات المصرية هدم الأنفاق من رفح المصرية إلى سيناء، حيث تركّزت الأعمال على الأنفاق غير الشرعية، وهي أنفاق لا تخضع لسلطة حماس، حيث دُمّر حتى الآن 120 نفقاً من بين 1200 نفق فاعلة. المسّ بالأنفاق مسّ فوراً بالتجارة المصرية في القطاع وعزّز دور البضائع القادمة من إسرائيل عن طريق معبر كرم أبو سالم.

وعندما تجري عمليّات التهريب من الأنفاق إلى القطاع من دون إزعاج، يتراجع الطلب على البضائع الإسرائيليّة، وأيّ توقّف في حركة الأنفاق (مثل إغلاقها على يد حماس) يؤدّي إلى ارتفاع الطلب على البضائع الإسرائيلية. وفي الأيام الأخيرة، عاود تجّار الطحين والسكر شراء منتجاتهم من إسرائيل، بعد أشهر طويلة من شرائها من مصر عبر الأنفاق.

ويعتبر معبر كيرم شالوم هو المعبر الوحيد لنقل البضائع من إسرائيل إلى غزة، ومن الصعب أن تجد نموذجاً أفضل من العلاقات المعقّدة بين حماس وإسرائيل. ومن الأعمال اليومية التي تجري هناك بهدوء ومن دون لفت الانتباه، تجري نشاطات تجارية مذهلة. ما يجري بالتأكيد ليس حصاراً ولا إغلاقاً. فالأرقام تتحدّث عن ذاتها. فعشيّة حملة سفينة مرمرة كان يدخل إلى القطاع من 50-70 شاحنة يومياً، أمّا اليوم فيدخل القطاع 250 شاحنة يومياً وفق تصريح رئيس الإدارة المدنية في قطاع غزة.

كذلك تستثمر إسرائيل 75 مليون شيكل لتطوير المعبر، حيث نجحت في تحويله إلى معبر قادر على استيعاب 450 شاحنة يومياً. وفي الجانب الإسرائيلي يصرّحون اليوم أنّ الجانب الفلسطيني لن يحتاج إلى أكثر من 250 شاحنة في اليوم، بسبب البضائع الواردة من الأنفاق .

ويثبت النشاط التجاري في المعبر إلى أيّ مستوىً تحوّلت شعارات حماس إلى شعارات فارغة بخصوص الجهاد أو القتال ضدّ إسرائيل. وبكلّ المفاهيم، تتعاون حماس مع إسرائيل بطريقة غير مباشرة من أجل المحافظة على الهدوء في قطاع غزة وعلى نشاط اقتصادي معقول. ورغم عدم وجود عناصر من حماس على المعبر بشكل مباشر، إلا أنّها تسيطر على طرق الوصول إليها ومسؤولة عن الأمن فيه. ويقول عامل فلسطيني يعمل في المعبر أنه ومن أجل العمل في المعبر عليه أخذ تصريح خاص من حماس، وحماس تحتاج المعبر مفتوحاً، كما هو الحال مع الأنفاق.

ويشغّل المعبر أفراد عائلتين في غزة هما شحيبر وعقل، اللتان أخذتا إذناً خاصاً من السلطة في رام الله، لكنّها قبل أن تقدم على ذلك تلقّت موافقة مسبقة من حماس على تشغيله. وتتولى العائلتان المسؤولية الأمنية عن المعبر من دون سلاح وذلك في الجانب الفلسطيني فقط، في حين تحافظ حماس على الأمن خارج منطقة المعبر، والتنسيق مع الجانب الإسرائيلي يقوم به ممثل وزارة التجارة والصناعة رائد فتوح مع إسرائيل وهو في نفس الوقت منسق العلاقات مع حكومة حماس ومبعوثيها في غزة.

ويتحدّث الإسرائيليون عن أنّ التعاون من جانب حماس "مذهل"، حيث تلبي حماس كلّ المطالب الأمنية الإسرائيلية في الجانب الفلسطيني ويتمكّن الإسرائيليون من رؤية ذلك في كل لحظة، ومن أجل توسيع المعبر في الجانب الفلسطيني دخلت الجرافات الإسرائيلية إلى قطاع غزة بعد موافقة حماس على ذلك.