مقدمة

نشأت حركة المستوطنات الإسرائيلية في أراضي الضفة الغربية نتيجة لمفاهيم سياسية واجتماعية ودينية خاصة بالحكومات والحركات السياسية والاجتماعية الإسرائيلية. وفتحت حرب الأيام الستة، التي استولت فيها إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة، الطريق أمام إنشاء المستوطنات في تلك المناطق. وكانت حكومة بيغن أكثر الحكومات بناءاً في المستوطنات. وعلى الرغم من ذلك، أخذت عمليات البناء مجراها بكثافة على مرّ السنين في ظلّ حكم كافة رؤساء الوزراء منذ عام 1973.

 

خطة ألون 1967-1977

بعد توقّف الحرب، ظهر فريقان يتحدّثان عن سياسة ملائمة تجاه الأراضي التي تم الاستيلاء عليها حديثاً هما: الأول، يُفضلّ ضمّ الأراضي وسكانها. والثاني، يؤيد الإبقاء على الفصل السياسي والجغرافي. في بداية الأمر، وقع الجدل داخل حزب العمل الحاكم، حيث كان على رأس الكتلة المؤيدة للاندماج السياسي والاقتصادي وزيري الدفاع موشيه دايان وشمعون بيريز (المنتميان إلى حزب رافي -قائمة عمال إسرائيل)، بينما عارضها رؤساء حزب ماباي وأحدوت هاعافودا، ورئيس الوزراء ليفي إشكول، ووزراء المالية بنحاس سابير، ويغيئال ألون والوزير من دون حقيبة ورئيس لجنة المستوطنات ويسرائيل جاليلي. واعتقد مؤيّدو الاندماج الاقتصادي أنّ حرّية تنقّل العرب في كافة أراضي إسرائيل يخدم المصالح الإسرائيلية والصهيونية. كما ينبغي احترام الثقافة والحريات الشخصية الخاصة بالفلسطينيّين، بينما لا يجب منحهم حق تقرير المصير لإقامة دولة عربية مستقلة. أمّا مؤيدو حزب ماباي (حزب عمال أرض إسرائيل) فقد طالبوا بنقل وترحيل السكان من المناطق المكتظة إلى الأردن. وساد في أوساطهم تصوّر بأنّ معظم أراضي الضفة الغربية هي أمانة سياسية تحتفظ بها إسرائيل حتى يتم التوصل إلى تسوية سلام مع الأردن.

وأثبتت خطة ألون أنها الخطة الأكثر نجاحاً، حيث قدمت للحكومة في تموز عام 1967 بهدف تعزيز ودعم الأمن الإسرائيلي وإيجاد أغلبية يهودية، من دون منح حقوق للسكان الفلسطينيّين، وإبقاء القدس وغزة تحت السيطرة الإسرائيلية، وإنشاء مستوطنات يهودية في غور الأردن وفي الأجزاء الشرقية من صحراء يهودا والسامرة.

واقترح ألون أن يصبح نهر الأردن والبحر الميت الحدّ الفاصل بين إسرائيل والمملكة الأردنية الهاشمية. وحتى يكون ذلك قيد التطبيق، أوصى بأن يتم ضم شريط حدودي بعرض 10-15 كم على امتداد غور الأردن، وأن تكون الحدود الغربية لإسرائيل على المستوطنات المقامة على الجبال المطلة على الغور البعيدة عن السكان العرب. ورغم عدم تبنّي الحكومة الإسرائيلية خطة ألون، إلاّ أنها بدأت بتحويل غور الأردن إلى منطقة استيطانية، بهدف حماية الحدود الشرقية من إمكانية وجود تحالف أردني سوري عراقي (الجبهة الشرقية). ورغب ألون بإحداث تعديل بسيط للخط الأخضر على الحدود الغربية للضفة الغربية، وامتنع عن الاستيطان في وسط الضفة الغربية المكتظة بالفلسطينيّين، حيث اعتقد أنّه يجب الحفاظ على تلك المنطقة لتصبح منطقة عربية مستقلة وذلك كجزء من اتفاقية مستقبلية دائمة. كما رغب ألون ورئيسة الوزراء غولدا مائير بتضمين تلك السياسات كافة في اتفاقية سلام يتم إبرامها مع الأردن.

بعد مرور عقد على تأسيس حكومة المعراخ وعشيّة الانقلاب السياسي الذي حدث في انتخابات عام 1977، تواجد على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة (باستثناء القدس الشرقية) 6 آلاف مستوطن يقطنون في 28 مستوطنة زراعية. وأقيمت المستوطنات في ثلاث مناطق فقط: معظمها في غور الأردن -المنطقة الأمنية الشرقية- البقية في كتلة مستوطنات عتصيون وقطاع غزة.

 

خطة شارون 1977 - 1993

عُيّن أريئيل شارون وزيراً للإسكان في أول حكومة لليكود في حزيران 1977. بعدها عُيّن في منصب رئيس مجلس وزراء الاستيطان. وأراد شارون أن يكرّس مرجعيّته على الاستيطان اليهودي في الأراضي المستولى عليها في حرب الأيام الستة. واعتقد شارون أنّ الاحتلال العسكري مؤقّت وأنّ حدود البلاد ستحدّد في النهاية وفقاً للاستيطان والسكّان. واعتبر نهجه استمراراً طبيعياً لأيديولوجية الماباي. ولم يأخذ بعين الاعتبار المفارقات القانونية والسياسية بين فترتي ما قبل وبعد إقامة دولة إسرائيل.

يُذكر أنّ شارون عرض خطّته في شهر تشرين الثاني عام 1977 على المجلس الاستشاري الأمني الذي عُقد من أجل مناقشة مستقبل يهودا والسامرة. واعتقد شارون أنّ الخطة ستساعد في حلّ المشاكل الأساسية لإسرائيل على حدودها الشرقية مثل: مواجهة مشكلة تمدّد الفلسطينيّين، الذين ينمون بشكل أسرع من السكان الإسرائيليّين ويتمدّدون نحو غرب الخط الأخضر، التحكّم والسيطرة على مرتفعات الضفة الغربية والمنحدرات الغربية للسامرة المطلة على السهل الساحلي الكثيف بالسكان اليهود، سدّ النقص الإسرائيلي بعمق استراتيجي.

وتضمّنت الخطة عدداً من العناصر بعضها أدرج مسبقاً في خطة يغيئال ألون وأنجزت، وأُخرى أدرجت في خطة موشيه ديان "خطة التجمّعات المدنيّة" التي لم يصدّق عليها عاجلا، التي تضمّنت إنشاء مستوطنات مدنيّة على المرتفعات والمنحدرات الغربية للسامرة، بهدف وقف تمدّد السكّان الفلسطينيّين لإسرائيل، ولوضع قاطع يهودي بين الفلسطينيّين وعرب إسرائيل المتواجدين في وادي عارة والمثلّث الصغير، والتحكّم بالتلال الرئيسة المطلّة على السهل الساحلي ومطار اللد.

واختار شارون المستوطنات المدنيّة لأنّها أسهل للإنشاء والتسويق، بدلاً من الاستيطان الزراعي في غور الأردن وكتلة مستوطنات غوش عتصيون وقطاع غزة، التي أُنشئت وفق خطة ألون. كما دعم هذا النهج شيمون بيريس، الذي أيّد الدمج، مثل شارون، وعارض خطة ألون، ورأى أهمّيةً معيّنةً في المنطقة الأمنية الغربية. واعتقد بيرس أنّ "الاستيطان في المنحدرات الغربية لجبال  يهودا والسامرة يحرّر إسرائيل من لعنة الخاصرة الضيقة. وتضمّنت الخطة عنصراً آخر تمثّل في استكمال سلسلة مستوطنات يهودية أقيمت وفق خطة ألون على طول غور الأردن، من بيت شان حتى البحر الميّت متضمّناً "المصطبة" غرب وادي الأردن، في سبيل إنشاء منطقة أمنية، متفرّقة، في مواجهة الجبهة الشرقية، وتوزيع اليهود في الأراضي المفرغة من الفلسطينيّين للفصل بينهم وبين الأردن، وسُمّيت بـ"المنطقة الأمنية الشرقية".

وعرض ألون توسيع ممرّ القدس، لكن لم يطبَّق. وكانت النيّة تقوية القدس وعزل الأجزاء الشمالية عن الجنوبية للضفة الغربية، باستخدام حزام من المستوطنات والأحياء اليهودية من مستوطنة عتصيون وإفرات في الجنوب، ومعاليه أدوميم في الشرق وبيت إيل وعوفرا في الشمال. وتعبيد الطرق بين الشرق والغرب لوصل المنطقة الأمنية الشرقية بالمنطقة الأمنية الغربية، ومن ضمنها نقل القوات للشرق في أوقات الطوارئ، وإنشاء مستوطنات على طول الطرق لحمايتها.

وأَقرّت الحكومة الخطة في تشرين أول عام 1977 وفي الكنيست في تشرين الثاني من نفس العام. ونتيجة لذلك، خصّصت ميزانيات لضمان أمن إسرائيل وترسيم الحدود الدائمة وفقاً لخطة شارون. وقد عارض ألون ورابين، اللذان آمنا بضرورة عدم حكم إسرائيل للمناطق الكثيفة بالفلسطينيين في وسط الضفة الغربية وقرب الخط الأخضر، وإبقائها للاتفاق الدائم، لكن شارون اعتقد أنه يجب إضعاف هذه المناطق وفصلها عن بعضها البعض، لتسهيل سيطرة إسرائيلية سياسية وعسكرية على الضفة الغربية وقطاع غزة.

وكانت حركة غوش ايمونيم شريك فعّال لشارون وحكومة الليكود التي يرأسها بيغن، حيث وُضعت مبادئ الحركة عام 1974، وفق اعتقادات الحاخام أبراهام يتسحاق هاكوهين كوك، مؤسّس الحاخامية الإسرائيلية الرئيسة، وابنه الحاخام تسفي يهودا كوك، الذي آمن بأنّ قدسيّة أرض وشعب إسرائيل أبديّة، وأنّ الحركة الصهيونية مقدّمة لقدوم المسيح. وأنّ إنشاء دولة إسرائيل هو خطوة مهمّة في طريق الخلاص، بدأت مع العودة الحديثة لصهيون. كما اعتبر انتصار حرب الأيام الستة وتوحيد القدس مرحلة مهمّة في مشروع الخلاص. وبناء على ذلك، اعتبر أعضاء هذه الحركة الاستيطان في قطاع غزة ومرتفعات الجولان والضفة الغربية وسيناء واجباً دينياً.

وخلال سبع سنوات، وبمساعدة غوش ايمونيم وورثتهم، بنى شارون سبعاً وستين مستوطنة يهودية في الضفة الغربية. وفي البداية، كان معظمها أكواخاً وخيماً، لكنها كَوّنت الأساس المادي والقانوني لتوطين ربع مليون إسرائيلي في الضفة الغربية، من دون شرقي القدس، بحلول نهاية عام 2005. وكوّنت حركة الاستيطان اليهودي سلسلة مستوطنات مبعثرة، لكنها فاصلة للتجمعات الفلسطينيّة عن بعضها البعض. وفي جميع الأحوال، لم يُهيمن الوجود اليهودي وظلّت نسبته أقلّ كثيراً من الوجود الفلسطيني، غير أنّ المستوطنات رُبطت بإسرائيل بشبكات طرق وليس بامتداد جغرافي أو إقليمي.

وعشيّة انتخابات عام 1993، التي أسقطت الليكود وجاءت برابين رئيساً للوزراء، بلغ عدد المستوطنين في الأراضي المحتلة –من دون شرقي القدس- 109,100 يعيشون في 122 مستوطنة. وخَلقت سياسة شارون الاستيطانية الأمنية الموجّهة والمستوطنات الدينية في قلب يهودا والسامرة، المأهولة بالفلسطينيّين، واقعاً جديداً، على رابين مواجهته في اتفاقيات أوسلو. شارون بنفسه واجهها عندما حاول ترسيم حدود الاستيطان اليهودي مع الحاجز الأمني.

التمدّد والاستيطان خلال المفاوضات 

وقّعت اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في شهر أيلول عام 1993. وكان من المفترض لهذه الاتفاقيات أن تضع حداً لنمو المستوطنات، للحد من التغييرات التي قد تؤثّر على الحل النهائي. ورغم امتناع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ حكومة رابين الثانية عن بناء مستوطنات جديدة، تضاعف عدد الإسرائيليّين الذين يسكنون المستوطنات. وغضّت الحكومات الإسرائيلية الطرف عن البؤر الاستيطانية المقامة برعاية دائرة الاستيطان في الحركة الصهيونية، التي تتلقّى ميزانياتها منها. ولم تتغيّر سياسة شارون تجاه المستوطنات، وفهم رسالة الرئيس جورج بوش الابن في نيسان عام 2004، التي ذكرت أنّ الإدارة الأمريكية تأخذ بعين الاعتبار واقع المستوطنات الحالي في الحل النهائي، على أنها ضوء أخضر لتعزيزها. ووفقاً لذلك، خلال حكمه وحكم خليفته أولمرت، زاد عدد سكان المستوطنات بـ100 ألف نسمة. وفي المقابل أخلى شارون جميع المستوطنات اليهودية في قطاع غزة و4 مستوطنات شمال السامرة في إطار خطة الفصل أحادي الجانب.

تَبيّن من المفاوضات التي جرت بين الحكومة الإسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية، أنّ موقع المستوطنات وحجمها شكّل الموقف الإسرائيلي تجاه حدودها المستقبلية. ويرغب الإسرائيليين بضم 8% من الضفة الغربية، تضم 82% من الإسرائيليين الذين يعيشون خارج الخط الأخضر، بما فيها القدس الشرقية. لكنّ الفلسطينيّين رضخوا فقط لـ2.5% من المساحة، مع 75% من المستوطنين تقريباً. وفي أيّ سيناريو لحلّ نهائيّ سيخضع غالبية المستوطنين للسيادة الإسرائيلية قرب الخط الأخضر، في حين يتم إخلاء مستوطنات التيار الديني القومي الواقعة في قلب الضفة الغربية من أجل السماح بالتواصل الجغرافي للدولة الفلسطينية.

البناء في الضفة الغربية 1967-2007

بُني أكثر من 56% من المستوطنات بين الأعوام 1977-1983 خلال حكومة مناحيم بيغن اليمينيّة. وبُني  العدد الأكبر من المستوطنات عام 1983، بمجموع 15 مستوطنة. وتراجع البناء بشكل دراماتيكي بعد عام 1985 مع الأخذ بعين الاعتبار عدد مشاريع البناء المكتملة سنويا. وبين أعوام 1967-1987 ارتفع عدد المستوطنات الجديدة بشكل مستمر، وتمت المحافظة على البناء بغضّ النظر عن الحزب الحاكم -سواء حزب العمل اليساري أو الليكود اليميني.

ولُوحظ بين الأعوام 1987 و1989 هبوط حاد في حجم مساحات البناء: من 945.000م2 عام 1987 إلى 749.000م2 عام 1989. ويُعتقد أنّ الانخفاض نتج عن الهبوط الحاد في الطلب على شراء الشقق السكنية في الضفة الغربية، مع بداية الانتفاضة الأولى أواخر عام 1987. وترافق هذا الانخفاض في المساحات المبنيّة مع عدم دعم الحكومة للبناء في الضفة الغربية، ولم يُعاد إلى المستوى الذي كان عليه البناء في ثمانينيات القرن العشرين. وفي الوقت الذي كان فيه معدل البناء المكتمل 705.000م2 سنوياً، فإنه أصبح بين الأعوام 1990-2002 ما يقارب 297.000م2 سنويا. فيما ارتفعت مساحة الشقق المكتملة سنوياً من 4300 عام 1984 إلى 5700 عام 1987. الانخفاض في عدد الشقق المكتملة بدأ عام 1988 عندما انهار المعدل إلى 960 شقة لمدة ثلاث سنوات على التوالي، حتى لوحظ انتعاش طفيف عام 1991، وفي عام 1992 وصل البناء ذروته بزيادة 5000 وحدة سكنية. وانعكس ما حصل بعد عام 1992 على كمية المساحة المبنية، مع الإشارة إلى أنّ المساحة المخصّصة للشقق السكنية تراجعت كثيراً في التسعينيات مقارنة مع ثمانينيات وسبعينيات القرن الماضي: معدل 2100 وحدة سكنية منشأة سنوياً خلال الأعوام 1992-2002 مقارنة بـ4750 وحدة سكنية منشأة سنوياً خلال 1987-2002. والجدول أدناه يوضح عدد المنشآت اليهودية المنتشرة في الضفة الغربية من دون المنشآت العسكرية:

المنشأة

عدد الوحدات

المساحة (متر مربع)

التكلفة  (دولار امريكي)

مؤسسات البلدية

مؤسسات عامة

656

757,058

578,050,417

الكنس

322

187,620

143,256,740

مرافق دينية

119

18,383

14,036,377

مرافق رياضية

232

525,025

400,881,936

مواقف

189

843,643

 

ملاجئ

54

13,649

10,421,799

التعليم

رياض الاطفال

255

636,081

485,678,498

مدارس

237

661,980

505,453,460

كليات

11

204,903

156,453,562

مكتبات

24

15,336

11,709,717

السكن

شقق

39,483

3,995,100

5,538,140,571

بيوت

18,462

3,942,050

6,048,578,741

كرافان

5539

56,750

6116,621,861

التجارة والصناعة

محطات الوقود

29

15,970

8,488,108

مراكز التسوق

140

251,715

191,318,964

الصناعة

427

1,247,771

759,612,143

الفنادق والمنامات

138

362,818

270,571,807

الزراعة

حظائر الالبان

133

762,088

388,419,246

المزارع

143

12,617,860

 

محطات المياه

54

30,826

3,092,369

الطرق والبنى التحتية

شوارع داخلية (متر)

 

774,521

1,160,365,311

شوارع رئيسية(متر)

 

307,900

889,448,104

مياه، مياه مجاري، انابيب صرف صحي

 

615,700

267,182,862

خطوط الطاقة

 

615,700

26,639,934

المجموع

 

13,685,124

17,974,413,528

 

بنايات وبنية تحتية في الضفة الغربية

معظم الإنشاءات في الضفة الغربية سكنيّة، حيث تبلغ المساحة المبنية للسكن نحو 14.3 مليون م2، فيما تبلغ المساحة المبنية لأغراض أخرى 2.6 مليون م2. وبحلول 2007 بلغ مجموع الشقق 97530 شقة 65% منها ضمّت ثلاث أو أربع غرف. وخصّص في الأراضي غير السكنية، ما مجموعه 795.000 م2 للصناعة و764.100 م2 للتعليم والثقافة و1.321.000 م2 للمباني العامة. وبلغ مجموع تكلفة البناء في المستوطنات 18 مليار  دولار أمريكي، صرف منها أكثر من 11 مليار دولار على السكن.

السكان

بحلول نهاية عام 2007، بلغ عدد السكان اليهود في الضفة الغربية 276.045 مشكّلين نسبة 5% من مجموع السكان اليهود و3.5% من مجموع سكان دولة إسرائيل. وبلغ متوسط الأعمار في المستوطنات 20.6 عاماً وهو الأكثر شباباً من أيّ جزء آخر من سكان إسرائيل. أمّا متوسط معدل نمو السكان السنوي في أوساط المستوطنين فيصل إلى 5.6%، أي ثلاثة أضعاف النمو الطبيعي في إسرائيل (1.8%).

ميزانية الاستيطان ومصادر التمويل

بلغت ميزانية مجالس المستوطنات المحلية عام 2006 ما يقارب 456 مليون دولار أمريكي، منها 373 مليون دولار ميزانية عادية، و83 مليون دولار ميزانية غير عادية. ويشكّل هذا المبلغ 4.1% من مجموع ميزانية جميع السلطات المحلية، وأكبر بقليل من المجالس المحلية داخل إسرائيل (3.8%). ورغم الفرق الطفيف بين نسبة المستوطنين وميزانية المستوطنات من الميزانية الكلية لجميع المجالس المحلية في إسرائيل، إلا أن هناك فوارق أخرى ترفع من ميزانية مجالس المستوطنات المحلية مقارنة مع المجالس المحلية في إسرائيل بحيث تصبح ميزانية المستوطنات 64.3% مقابل 42.8% للمجالس المحلية. وتشارك الحكومة في ميزانية المستوطنات بنسبة 57% بينما في جميع المجالس المحلية وصلت مشاركتها فقط إلى 34.7%، أي حوالي 22.3% أقلّ من المستوطنات.

وكانت وزارتا البناء والإسكان والبنية التحتية الوطنية سخية جدا مع المستوطنات، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ 95% من وزراء الإسكان منذ 1979 ينتمون إلى الأحزاب اليمينية. ويلاحَظ أنّ عدداً من الميزانيات وضعت تحت بند "مساهمات" من داعمين أيديولوجيين من يهود الخارج، وهي ميزانيات لا يمكن وضع أرقام محددة لها.

الأرقام المذكورة سابقاً لا تمثّل بدقة مجموع حصص الحكومة في ميزانيات المستوطنات، التي استفادت في الواقع من مساعدات مالية من قنوات مجهولة "مخفيّة" ظلّت في الظلّ ولم تعمّم لأسباب سياسية. وأحد هذه القنوات هو المبنى الريفي وإدارة مناطق المستوطنات الجديدة في وزارة البناء والإسكان التي حَوّلت منذ عام 2000-2002، ما يقارب 68.2 مليون دولار أمريكي أو تقريباً 47% من ميزانية الإدارات إلى عدد من إدارات المجالس الإقليمية للمستوطنات.

خلاصة

خلقت حرب الأيام الستة وضعاً على الأرض يسمح لإسرائيل ببناء مستوطنات. وكان بناء المستوطنات في العقد الأول مقيداً نوعا ما، وبعيداً عن السكان الفلسطينيّين، وبنيت لمواجهة المخاوف الأمنية القادمة من الجبهة الشرقية. ومع تسلّم حكومة الليكود الحكم أُنشأت مستوطنات على مساحة واسعة من أراضي الفلسطينيّين بما في ذلك المساحات التي يسكنها الفلسطينيون بكثافة وبقيمة أمنية محدودة. واستمر النشاط الاستيطاني حتى بواسطة الحكومات التي أجرت مفاوضات مكثفة خلال اتفاقيات السلام مع الفلسطينيّين. الاختلاف الرئيس كان أنّ تلك الحكومات امتنعت عن إنشاء مستوطنات جديدة، بينما سمحت للمستوطنات بالتوسّع. بالإضافة إلى ذلك، كانت الموازنات المخصّصة للبنى التحتية للمستوطنات سخيّة دائماً، وفي السياق المذكور كتبت كلير سبنسر مؤخراً أنّ النشاط الاستيطاني أصبح ثابتاً للحكومات الإسرائيلية بغض النظر عن توجّهها السياسي.وفي العشرين سنة السابقة، ورغم مفاوضات السلام الجارية، تضاعف عدد المستوطنين في الضفة الغربية مرتين، وهذه الزيادة لا يمكن أن تتمّ من دون دعم مكثّف من الحكومات الإسرائيلية.