يقرأ بعض كتاب الصحافة، الموقف العربي تجاه حرب الإبادة، التي تذرعت إسرائيل اليمينية العنصرية المتطرفة بأحداث السابع من أكتوبر العام الماضي لإشعال نيرانها، يقرؤون هذا الموقف على نحو ما تحرض العواطف والشعارات الشعبوية. ينبذون أي حراك سياسي، وينظرون إليه باستخفاف، بل وينتقدونه بجلد ذاتي عنيف، ولا أحد من هؤلاء يلتفت على نحو نقدي مسؤول لموقف صناع الذريعة ولا لواقع خطابات الخديعة الفضائية.
والحقيقة أن الموقف العربي بصفة عامة لم يغب عن التعاطي مع هذه الحرب الظالمة، بل إن دولاً عربية محورية، سعت، وما زالت تسعى، لا لوقف هذه الحرب الإسرائيلية العنيفة فحسب، بل لتحقيق تسوية سياسية تنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من أساسه، وتحقق الحل العادل للقضية الفلسطينية، وهي تؤكد مركزية هذه القضية، والدعم الراسخ للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه الوطنية المشروعة كما جاء أمس الأول في البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية التي عقدت في المملكة العربية السعودية.
وأن تجدد هذه القمة التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، وعلى هذا النحو البليغ والصارم في الحقيقة، فهذا يعني أن الموقف العربي والإسلامي بهذا الشأن لم يعد لسلامة البيان وفصاحته السياسية فحسب، وإنما كذلك لتبيان اعترافه الواقعي أن الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية من العالم، لن يتحققا، ما لم يسترد الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية المشروعة، ويقيم دولته الحرة المستقلة، بسيادتها الكاملة على القدس الشرقية، عاصمتها الأبدية.
وبالطبع فإن هذا الاعتراف سيتطلب برنامج عمل وحراكًا سياسيًا حتى يصبح بالإمكان تحقيق ذلك الحل العادل، وقد وضع الرئيس أبو مازن خطوطه العريضة بل وبنوده الواضحة في خطابه البليغ أمام القمة، وثمة جملة في هذا الخطاب لافتة لا لسلامة وحميمية دعوتها فقط، وإنما لأنها لازمة لاقتناص الفرصة التاريخية عربيًا وإسلاميًا طالما ظل المجتمع الدولي فاشلاً في وقف هذه الحرب الإسرائيلية الظالمة وبالنص أكد الرئيس أبو مازن "أن الواجب العربي والإسلامي يفرض علينا أن نتحلى بأعلى درجات التضامن والتعاون في ظل فشل المجتمع الدولي بوقف العدوان وحرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعبنا منذ أكثر من عام"، تعالوا نقتنص هذه الفرصة، لأجل نجاح تاريخي، ثمة تعاون وتضامن أجل، ولكن فلسطين تريده بأعلى درجاته، ليعتلي العرب والمسلمون مقعد الأمم الحاضرة المؤثرة في هذا العالم. وبموقف سيكرس أرقى القيم الأخلاقية السامية بلجم الحرب وتسييد السلام العادل سلام فلسطين بعاصمتها الأبدية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها