بقلم: عبد الباسط خلف
رسم رئيس مجلس المالح والمضارب البدوية، مهدي دراغمة، صورة قاتمة لحال أكثر من 20 تجمعًا فلسطينيًا يلاحقه الاحتلال ويتجرع عدوان المستوطنين، الذي تصاعد منذ نحو 13 شهرًا.
ولخص الأوضاع الصعبة التي يعيشها المزارعون والرعاة في المناطق الممتدة على مساحات واسعة شرقي مدينة طوباس، والتي قال: إن "حالها لا يسر صديقًا، وتعيش على صفيح ساخن"، مشيرًا إلى أن الأغوار، التي تتحول خلال الشتاء إلى "جنة خضراء"، تخسر كل يوم مساحات جديدة وواسعة منها، ويجري فرض حقائق جديدة على الأرض، فيما يمنع أهالي المنطقة من التحرك فيها، مقابل "السماح لمستوطن واحد أو اثنين بفعل ما يريدون".
- حمامات المالح
واستهل دراغمة، الذي أبصر النور صيف 1987، بحمامات المالح، المنطقة التي كانت تعج بالحياة قبل الاحتلال، واشتهرت بينابيعها الساخنة، وتحولت إلى وجهة سياحية، فيما شهدت إقامة فندق خلال الحقبة العثمانية، وفيها مطحنة رومانية قديمة آيلة للسقوط.
وقال بنبرة حزينة: إن 13 عائلة "تذوق الأمرين" في حمامات المالح، والوادي المتاخم لها، إذ أقام مستوطن واحد بؤرة قريبة منها، ووضع قطيعًا صغيرًا من الأغنام فيها، وتحولت بيوت المواطنين إلى هدف يومي للاقتحام والتنكيل والاحتجاز لساعات طويلة، مؤكدًا أن أهالي المالح منعوا من الوصول إلى المراعي، وأجبروا على البقاء معظم الوقت داخل بيوتهم وخيامهم، التي تتعرض لاقتحامات متكررة.
- عين الحلوة وأم الجمال
وانتقل دراغمة إلى عين الحلوة، وهي نبع ماء وضع المستوطنون يدهم عليه، ومنعوا ثماني عائلات فيها من الوصول إليه، كما حرموهم من رعي الأبقار والمواشي أو سقايتها منه، بعد تحويله إلى "منطقة سياحية" للمستوطنين.
وأفاد بأن عائلات عين الحلوة تتعرض إلى عربدة يومية، كما وضع المستوطنون يدهم على الأراضي وأقفلوا المراعي.
ووصف دراغمة حال أم الجمال، وهي تجمُع مجاور للمالح، شهد خلال الثمانينيات إقامة ملجأ لجيش الاحتلال، شديد الخطورة، بعد ترحيل أهله، مشيرًا
إلى أن 13 عائلة تعرضت عقب إقامة بؤرة استعمارية إلى تنكيلات يومية، ومنع أغنامها من الرعي والوصل إلى عين المياه في المكان، عدا عن المضايقات المتواصلة، حتى أجبرت على تركها.
- نبع غزال والفارسية
وقال دراغمة: "إن ست عائلات تقطن في تجمع نبع غزال، تتعرض يوميًا لموجات اعتداء من المستوطنين بحماية جيش الاحتلال، تتخللها غارات ليلية على المساكن، واعتداءات على المقيمين فيها، ومحاولة سرقة للممتلكات"، مؤكدًا أن أهالي النبع يتعرضون لتفكيك بيوتهم المؤقتة وخيامهم، ويمنعون من الرعي، مثلما صادر الاحتلال جرارًا زراعيًا، وهدموا ثلاث خيام وحظائر للمواطن أحمد حسين أبو محسن.
ووصل إلى الفارسية إحمير، التجمع المعتمد على الثروة الحيوانية والزراعة، والذي طالته سرقات ومصادرات متكررة للبيوت ولعدة العمل الزراعي ولخطوط المياه، وحتى لبعض المقتنيات الشخصية.
وكانت تقيم في المنطقة عشرين عائلة بشكل موسمي، لكنها هذا العام تراجعت إلى سبع عائلات، بعد أن تعرضت لسرقة خيامها وتحويل حياتها إلى جحيم.
وتتبع دراغمة حال تجمع الفارسية خلة خضر، الذي كان يضم سبع أسر تعيش على الفلاحة، لكنها عانت جراء مصادرة خيامها ومساكنها، والسطو على ممتلكاتها ومعداتها الزراعية، مثلما تعرضت أشجار الزيتون فيها للقطع، وهي من البقع الخضراء القليلة المزروعة بالأشجار.
- سمرا والحمة
ووصل حديثه إلى أن وصل إلى خربة سمرا، التي تتجذر فيها أربع عائلات تذوق يوميًا أصناف الاعتداءات النهارية والليلية، وتواجه حصارًا خانقًا، وتحرم من التنقل إلى الحقول والمراعي، التي كانت رئة للمواطنين، مشيرًا إلى أحدث اعتداء على التجمع، عقب رفع الأعلام الإسرائيلية على مدخله، وهو ما تكرر في المواقع كافة.
وأوضح أن الحمة، التجمع الذي ترابط فيه 13 عائلة يخشون نجاح مجموعات المستوطنين من نهب نبع الماء الوحيد، كما يكرر ما يسمى "مجلس المستوطنات" جولاته اليومية لمنع الرعاة والمزارعين من التحرك أو البحث عن أرزاقهم.
- الدير والساكوت والجوبة
وعرج على خربة الدير، وهي تجمع حدودي ملاصق للحدود الأردنية، فيها سبع عائلات، تقلصت مساحاتهم الزراعية إلى حد كبير، وقطع المستوطنون شبكات مياههم وخربوا مضخاتهم، ونهبوا المعدات الزراعية.
وأضاف: إن "أراضي الساكوت، وهي قرية دمرها الاحتلال عشية حزيران 1967، جرى تسييج نبع مياهها، وحرم الأهالي من الوصول إليه، وصار مخصصًا للمستوطنين فقط"، وقد مُنع أهالي الأغوار من الزراعة والتجول والرعي الحر في سهول الساكوت الخصبة، إذ كانت تشتهر بالبطيخ والشمام، وعاد أصحابها إليها بعد حرمان أكثر من 50 عامًا، قبل أن تعود سياسة التهجير مرة أخرى.
وقال: إن "خربة الجوبة، فيها أربع عائلات، وهي قريبة من الدير، وتشهد العدوان ذاته الذي يلاحق كل شيء يتحرك".
- الحديدية والرأس الأحمر
ووصل دراغمة إلى تجمع الحديدة في أقصى الشرق، والذي تقيم فيه 15 عائلة، وقال: إنها "تتعرض لاعتداءات متكررة، وملاحقة لا تتوقف لرعاتها".
بينما صنف الاحتلال تجمع الرأس الأحمر منطقة عسكرية، وهي منطقة تقيم فيها 14 عائلة لا يختلف حال أهلها عن المناطق الأخرى، التي تعاني غياب معظم الخدمات الأساسية والرعاية الصحية، وتعيش العطش.
- حمصة وذراع عواد
وأكد دراغمة أن حمصة الفوقة، القريبة من البقعية الشرقية، مصنفة إلى "منطقة عسكرية"، وتعيش 14 عائلة على وقع انتهاكات واعتداءات وملاحقات لا تعرف هدنة.
وتابع قائلاً: إن "حمصة الفوقا تقطنها 25 أسرة تعتمد على الرعي والزراعة، وتشهد الحال نفسه من جيش الاحتلال والمستوطنين، ولكن بوتيرة أقل".
وأشار دراغمة، إلى أن تجمع ذراع عواد، القريب من مستوطنة "بقعوت" يضم تسع عائلات تواجه حصارًا بسبب الخندق الترابي، الذي أقيم قبل سنوات، وحرمها من السعي وراء رزقها في الأرض ورعي الأغنام.
- وادي الفاو ويرزا
وأوضح دراغمة أن وادي الفاو، تسكنه 18 عائلة، أجبرت سبع منها على الرحيل، وتحولت أراضيها إلى بؤرة استعمارية، وجرى تسييج معظم أراضيها، وتجري اعتداءات يومية على الأهالي الذين يعملون في الزراعة والرعي.
وتقيم في خربة يرزا قرابة 15 عائلة، أعلن الاحتلال أراضيهم منطقة عسكرية، ويشن بين الفينة والأخرى حملات مصادرة وهدم وإنذارات بالإخلاء، كما تم سلب الخلايا الشمسية للمواطنين مرارًا، ويمنع الرعاة من التنقل في أراضيها.
- الميتة والبرج
وذكر دراغمة أن منطقة البرج، القريبة من حمامات المالح، تقيم فيها تسع عائلات، تذوق ما يتجرعه أهالي التجمعات المجاورة، وكانت تشهد أعمال تدريب عسكري بالذخيرة الحية، لكنها تراجعت بشكل لافت خلال العام الماضي، فيما زادت وتيرة اعتداءات المستوطنين، ونفذت عمليات هدم فيها، ويحرم أهلها من الوصول إلى حقولهم.
وبين أن منطقة الميتة، المتاخمة للبرج، تقيم فيها 23 عائلة تواجه الإجراءات والعربدة نفسها.
- إبزيق وجباريس
ووصف حال تجمع إبزيق، الذي تقيم فيه قرابة 20 عائلة، ويشهد عدوانًا شرسًا، وملاحقة للرعاة.
وقال دراغمة: إن "جباريس، القرية التي هجر الاحتلال أهلها إبان نكسة 1967، تبعد نحو 14 كم شرق طوباس، وتفصلها طرق وعرة وممرات في حواف التلال، تواجه عدوانًا من مستوطن واحد سيطر عليها، وصار يطارد الرعاة والمواطنين الذين يصلونها".
- السويدة وقطوة
وأشار دراغمة إلى خربتي السويدة وقطوة، وهما تجمعان قرابة مستوطنة "إم زوقح" هجر الاحتلال منها قبل قرابة 15 عامًا العائلات الست التي كانت تقطنها، واشتهرت بامتلاكها لقطان كبيرة من الأبقار.
ويزعم الاحتلال أن "أم زوقح" محمية طبيعية، ومع ذلك يطلق اليد للاستعمار الرعوي في مساحات ممتدة منها، ويلاحق الرعاة من أهلها.
وذكر بالمتجمعات التي كانت تعج بالحياة قريبًا من الحدود الفلسطينية الأردنية وحتى قرية الزبيدات، كمناطق أم العبر وشجرات خلة النعجة، التي وضع مستوطنون أسلاكًا شائكة عليها وحرموا أهلها منها بشكل نهائي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها