انطلقت في مقر الأمم المتحدة td مدينة نيويورك الأميركية، مساء اليوم الجمعة 2024/04/12، أعمال مؤتمر إعلان التعهدات لوكالة إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين "الاونروا".

وكرر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال المؤتمر، التأكيد على أن وكالة إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين "الاونروا"، هي العمود الفقري للعمليات الإنسانية في غزة وأنه لا بديل عنها، وأن عملها يشكل أحد أعظم العوامل التي توفر بصيص أمل وقدرا من الاستقرار في منطقة مضطربة.

وفي كلمته أمام مؤتمر إعلان التعهدات للأونروا نبه غوتيريش، إلى أنه بدون توافر الدعم والتمويل اللازمين للأونروا، سيفقد اللاجئون الفلسطينيون شريان الحياة الحرج وآخر بصيص أمل في مستقبل أفضل.

وقال أمام الاجتماع الذي يعقد كل عام للمساعدة في سد الفجوة المالية بين ما تم التعهد به للأونروا وما تحتاج إليه، إن "هذا العام يختلف عن غيره، فصحيح أننا نواجه فجوة واسعة في التمويل، ولكن الفلسطينيين أيضًا يواجهون فجوات صارخة في جميع المجالات".

وأضاف الأمين العام: إن "الزملاء العاملين في الأونروا لم يسلموا من هذا الرعب فقد قُتل 195 موظفًا من موظفي الأونروا، وهو أعلى عدد من الموظفين القتلى في تاريخ الأمم المتحدة". وأشار إلى أن الوكالة تتعرض أيضًا للاستهداف بطرق أخرى.

وتابع: "الزملاء في الوكالة ماضون في تنفيذ مهام ولايتها في ظل الظروف البائسة السائدة في غزة، وفي الوقت الذي تسعى فيه الأونروا جاهدة إلى تنفيذ مهامها في وضع يزداد صعوبة في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وفي الأردن ولبنان وسوريا، من أجل تحقيق التنمية البشرية وإعمال حقوق الإنسان".

وقال: إن "مناشدتي للجميع هي احموا الأونروا، واحموا موظفي الأونروا، واحموا ولاية الأونروا، بما في ذلك من خلال التمويل".

وحث على مباشرة العمل دون انتظار، وذلك بالعمل على غرس الأمل في مكان ينقصه الأمل، والعمل على إعلاء ولاية هذه الجمعية العامة بالحفاظ على "الاونروا".

بدوره، قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة دينيس فرانسيس: "يجب أن يكون مقلقًا لنا للغاية أن "الاونروا" تقف حاليًا على شفا الانهيار المالي، بالنظر إلى الخدمات الأساسية التي تقدمها الوكالة وموظفوها".

وأكد أنه منذ تأسيسها عام 1949، جسدت "الاونروا" أفضل ما في عملنا الميداني لعقود من الزمن، واكتسبت سمعة كمنارة أمل في منطقة تعاني من الاضطرابات بشكل روتيني.

وذكر بأن الوكالة توفر الحماية لـ5.9 مليون لاجئ مسجل، بما في ذلك الفئات الضعيفة مثل النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة، وتدير "58" مخيمًا معترفًا به للاجئين الفلسطينيين، وتلبي الاحتياجات الإنسانية الماسة لأكثر من 1.6 مليون شخص في جميع أنحاء الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.

وأوضح أن الأزمة التي تواجه الأونروا تفاقمت بسبب الهجمات المستمرة على سمعتها ونزاهتها.

وقال فرانسيس: "في هذه الأوقات الاستثنائية، حيث أصبح وجود الأونروا ذاته في خطر، يتعين علينا أن نعترف بأن مؤتمر التعهدات هذا لا يمكن أن يستمر على أساس العمل كالمعتاد. لذلك أتوجه للجمهور العالمي مباشرة: الآن، أكثر من أي وقت مضى، تحتاج الأونروا إلى دعمكم".

ودعا رئيس الجمعية العامة إلى الوقوف دقيقة صمت لتكريم ذكرى العاملين في الأونروا الذين فقدوا أرواحهم.

وأضاف: "إن الأمر لا يتعلق بالتمويل فحسب، ولا يتعلق ببقاء الوكالة، إن الأمر يتعلق بالناس وبقاء اللاجئين الفلسطينيين، وخاصة الأطفال، في جميع أنحاء قطاع غزة والأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية والقدس الشرقية".

من جهته، حذر المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، من "جهود جارية" ترمي إلى تفكيك الوكالة وتغيير المعايير السياسية الراسخة للسلام في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وأضاف: أن "هذا يشمل هجمات شرسة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومقترحات تشريعية لطرد الوكالة من مقرها في القدس الشرقية وتصنيفها كمنظمة إرهابية".

وقال لازاريني: إن "الأونروا مستهدفة بسبب دورها في حماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين، ولأنها تجسد التزامًا دوليًا بالحل السياسي"، مشددًا على أن الفشل في الرد من شأنه أن يترك كيانات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى عُرضة لهجمات مماثلة.

وأضاف: "غزة مدمرة، أكثر من مليوني شخص محاصرون في جحيم حي، لقد نزحوا مرارًا عبر منطقة مدمرة وخارجة عن القانون بشكل متزايد. وإن الأطفال والنساء يتحملون وطأة هذه الحرب الوحشية".

وأشار كذلك إلى مأساة أخرى تتكشف في الضفة الغربية، وأن الفلسطينيين يشهدون اليوم أكبر مأساة لهم منذ عام 1948.

ولفت المفوض العام للأونروا إلى أنه حذر مرارًا وتكرارًا من أن نموذج تمويل "الاونروا" غير متوافق مع تفويضها بتقديم خدمات عامة. وأوضح أن أكثر من عقد من نقص التمويل المزمن وتدابير التقشف الشديدة أدت إلى تآكل جودة خدمات الوكالة.

وأشار المفوض العام للوكالة إلى أن جميع الدول تقريبًا استأنفت تمويلها للوكالة، فإن التحدي المالي الأساسي لا يزال قائمًا، فالأونروا تفتقر إلى الموارد اللازمة لتنفيذ تفويضها.

وأضاف: "أنه بالنسبة للنداء الإنساني العاجل لصالح الأرض الفلسطينية المحتلة الذي يدعو لتوفير 1.2 مليار دولار لتغطية الاحتياجات الإنسانية الحرجة حتى نهاية العام، بالإضافة إلى النداء العاجل لكل من سوريا ولبنان والأردن، لم يتم تمويلهما إلا بنسبة لا تتجاوز 20 في المئة".

وتطرق إلى أهمية التعليم بالنسبة للفلسطينيين، منبها إلى أن أكثر من 625 ألف طفل مصاب بصدمات نفسية عميقة خارج المدرسة، وكان نصفهم يذهبون إلى مدارس الأونروا قبل الحرب.

وتابع: "اليوم، يقضون أيامهم في البحث بين الأنقاض وانتظار جمع المياه في حرارة شديدة".

وشدد المفوض العام للأونروا، على أن الوكالة موجودة اليوم لأن الحل السياسي غير موجود، وإذا التزم المجتمع الدولي بحل سياسي، يمكن للأونروا استئناف دورها في دعم الانتقال المحدد زمنيًا، وتقديم التعليم والرعاية الصحية الأولية والدعم الاجتماعي.

ودعا لازاريني إلى حماية "الاونروا"، وتوسيع وتعزيز تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين، والدعم لتنفيذ توصيات المراجعة المستقلة بشأن الحياد.

بدوره، قال المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور: "إنه بعد مرور 75 عامًا على إنشاء الأونروا من قبل الجمعية العامة عام 1949، لا تزال محنة اللاجئين الفلسطينيين مستمرة".

وأضاف: "مرت تسعة أشهر طويلة ومؤلمة ومروعة. ولم يعد هناك مكان آمن للاجئين في غزة، حتى تحت راية الأمم المتحدة، حيث لا تزال مدارس "الاونروا" مستهدفة وتقصف من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في هجوم تلو الآخر، مما يزيد من الخسائر والدمار والصدمات التي فُرِضت على شعبنا".

وشدد على أنه يجب وضع حد لهذا الظلم. يجب أن نستعيد الإنسانية، داعيًا إلى الحفاظ على القواعد التي تحميها ومحاسبة أولئك الذين ينتهكونها.

وقال منصور: "وحتى ذلك الحين، تظل "الاونروا" مسؤولية دائمة تقع على عاتق المجتمع الدولي، وتظل شريان حياة للاجئين الفلسطينيين".

وعبر عن عميق الامتنان للدول المضيفة لاستضافتها اللاجئين الفلسطينيين طيلة هذه العقود ولتعاونها ودعمها للأونروا، ولجميع الجهات المانحة للوكالة.

وأشاد بصمود اللاجئين الفلسطينيين على الرغم من كل المصاعب والمآسي والخسائر التي تحملوها.

وأضاف: "يجب علينا أن نواصل كل الجهود لضمان حصولهم على المساعدة الإنسانية اللازمة، ولكن أيضًا الأمل في أن ينتهي الكابوس الذي يعيشونه قريبًا، وأن يصبح المستقبل الأفضل قريبًا، وأن تتحقق العدالة".