بقلم: نديم علاوي
مع قرع جرس نهاية الحصة الثالثة في مدرسة الكعابنة بتجمع عرب المليحات شمال غرب أريحا، كان من المفترض أن يخرج الطلبة إلى فسحتهم اليومية، لكن بدلاً من ذلك، وجدوا أنفسهم في مواجهة مباشرة مع مجموعة من المستعمرين الذين هاجموا المدرسة.
وتحولت ساحة المدرسة الهادئة التي تضم 100 طالب وطالبة في المرحلة الأساسية إلى ساحة رعب، حيث استبدلت أقدام المستعمرين المعتدين بخطوات التلاميذ الخائفة. اختفى ضجيج الأطفال وضحكاتهم خلف أبواب الفصول المغلقة، وامتلأت الأجواء بصيحات خوف ورعب.
وفي منطقة المعرجات التي تربط محافظتي رام الله وأريحا، تقبع مدرسة الكعابنة كواحدة من مدارس التحدي، التي تتعرض لاعتداءات متكررة من قبل المستعمرين. اليوم، وجد الأهالي أبناءهم فارين من "هراوات" المستعمرين إلى البراري. جمال سليمان مليحات، والد اثنين من الطلاب، تحدث عن تجربة ابنيه قائلاً: "المستعمرون سيطروا على المدرسة وأرهبوا الأطفال، ما تسبب في تأخير الدراسة وتعطيل الأنشطة التعليمية."
المعلمون بدورهم عاشوا لحظات رعب، حيث قال أحد المعلمين الذي رفض الكشف عن اسمه خوفًا من الانتقام: "في نهاية الحصة الثالثة، هاجم المستعمرون المدرسة، أدخلنا الطلبة إلى الصفوف وأغلقنا الأبواب، لكن المستعمرين واصلوا ضرب الأبواب واعتدوا على المتضامنين الذين حاولوا مساعدتنا".
لم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد تم ضرب مدير المدرسة وسحبه إلى خارج المبنى أمام أعين الطلبة الذين لم يكن لديهم سوى البكاء خوفًا.
تفاقم الوضع عندما تدخلت قوات الاحتلال، ولكن بدلاً من وقف الاعتداء، تم اعتقال مدير المدرسة وأحد الأهالي، بينما سُمح للمستعمرين بمواصلة اعتداءاتهم.
9 إصابات حصيلة اعتداء المستعمرين، جميعها نقلت إلى مستشفى أريحا الحكومي بمن فيه 3 معلمات، وأحد أهالي الطلبة من عرب المليحات.
وصف حسن مليحات، المشرف العام لمنظمة "البيدر" للدفاع عن حقوق البدو، الهجوم على مدرسة الكعابنة بأنه جزء من مخطط استهداف البدو في الأغوار، مشيرًا إلى أن المدرسة تعرضت لاعتداءات سابقة شملت تهديدات بالقتل وإلقاء دمى ملطخة بالدماء أمام أبوابها.
وأكد مدير التربية والتعليم في أريحا، أمجد خضيري، أن الدوام في المدرسة قد تم تعليقه مؤقتًا بسبب الاعتداءات المتكررة، مشيرًا إلى أن الوزارة تتواصل مع الجهات الرسمية لضمان حماية الطلبة والكادر التعليمي.
في ظل هذا الواقع المرير، يبقى صمود سكان تجمع المعرجات ومدارس التحدي كمدرسة الكعابنة رمزًا للمقاومة في وجه مخططات الاستعمار. بالرغم من التهديدات المستمرة، فإن المدرسة ستواصل عملها لتأمين حق الطلبة في التعليم، حتى في أحلك الظروف.
ويستهدف الاحتلال في الغالبية العظمى من عمليات الاستيلاء الأخيرة مناطق الأغوار، التي تشكّل حوالي 30% من مساحة الضفة الغربية، إضافة إلى مناطق شفا الأغوار وهي المناطق المطلة عليها، ويعمل من خلال ذلك على تسريع تنفيذ مخططات قديمة – جديدة، تهدف إلى ضم الأغوار وإحكام السيطرة عليها، بحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.
ويتعرض تجمع المعرجات لاعتداءات متواصلة من الاحتلال ومستعمريه في محاولة لتهجير سكانه. أواخر عام 2023، وثقت المؤسسات الرسمية الفلسطينية تهجير 25 تجمعًا سكانيًا بدويًا من شفا الأغوار والسفوح الشرقية للضفة تحت تهديد وعربدة المستعمرين، ثم تبعتها أوامر متلاحقة من سلطات الاحتلال بالاستيلاء على آلاف الدونمات بذرائع مختلفة، تمهيدًا لتوسيع الاستعمار فيها وإنهاء الوجود الفلسطيني.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها