في خطوة إيجابية وغير مسبوقة اتخذت الولايات المتحدة يوم الخميس الأول من فبراير الحالي قرارًا بفرض عقوبات على أربعة مستعمرين متورطين بارتكاب جرائم ضد أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الفلسطينية. وتم هذا وفقًا للأمر التنفيذي طوارئ الذي وقعه الرئيس الأميركي جو بايدن للتعامل مع التهديد الذي نجم عن انتهاكات المستوطنين الصهاينة. 
كما أن كندا انتهجت ذات المنحى الإيجابي في فرض عقوبات على أربعة مستعمرين إسرائيليين متورطين بممارسات إرهابية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. والذي أعلنته وزيرة خارجية كندا ميلاني جولي يوم الاحد الرابع من فبراير الحالي، وقالت أن كندا ستفرض عقوبات على المستعمرين الإسرائيليين الذين ارتكبوا انتهاكات إرهابية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في المحافظات الشمالية.


وكان رئيس الوزراء جاستن ترودو مهد لهذه الخطوة بالتصريح يوم الجمعة الثاني من فبراير أنه يدرس فرض عقوبات على المستعمرين المتطرفين في الضفة الفلسطينية. وقد تنتهج العديد من الدول الأوروبية ذات السياسة في محاولة للتلويح بعصا العقوبات، التي قد تتدحرج نحو خطوات أوسع واعمق من ذلك في حال تمت المتابعة والملاحقة لهذا التطور المقبول، رغم انه محدود جدا، ولكنه ذات رمزية معقولة. 
وكان الرد المباشر من سموتيرش، وزير المالية الإسرائيلي في تغريدة له على منصة "إكس" يوم الجمعة الثاني من فبراير "يجب أن يفهم الجميع أن هذه العقوبات (الأميركية بحق أربعة مستوطنين، وقبل انضمام كندا للخطوة الأميركية) موجهة ضد دولة إسرائيل." وتابع تغريدته كاتبا "اليوم ضد أربعة "مواطنين"، وغدا ضد نصف مليون مستوطن، وبعد يومين ضد الدولة بأكملها". وأضاف مهددًا ضمنًا "لن نقف جانبًا في وجه هذا الظلم".


استشراف زعيم حزب "الصهيونية الدينية" لآفاق الخطوة الأميركية والكندية بالتلازم مع رفع دولة جنوب افريقيا دعوى قضائية ضد دولة إسرائيل بارتكابها حرب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ووضع إلدولة العبرية في قفص الاتهام لأول مرة في تاريخها أمام أعلى محكمة عالمية يعكس الخشية من انكشاف ظهر دولته المارقة والخارجة على القانون. وكما يقول المثل الشعبي "أول الرقص حنجلة"، بتعبير آخر، الخطوة الأميركية الكندية تعتبر هامة، وسابقة نادرة تجاه الدولة اللقيطة، التي تعتبر نفسها فوق القانون، ولا يحق لاحد ملاحقتها او محاكمتها او فرض اية عقوبات عليها. 
لكن حركة التاريخ لا تقف عند نقطة ومحطة وسقف محدد، وإنما تجرف في سيرورتها وصيرورتها كل الفرضيات والاعتقادات غير الاصيلة والشيطانية. لأن إرهاصاتها بالتلازم مع التحولات الذاتية والموضوعية في بلد أو حتى على مستوى العالم تحمل في طياتها تغيير جذري أو جزئي في معادلاتها ارتباطًا بحجم وثقل تلك التحولات الكمية والكيفية. 
ومع ذلك مطلوب من الإدارة الأميركية وكندا وأستراليا وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي مراجعة سياساتها وحساباتها وأجنداتها القومية ومصالحها الحيوية في إقليم الشرق الأوسط الكبير والوطن العربي، والكف عن الدعم الأعمى وغير المشروع لدولة إسرائيل اللقيطة. لأنه يتناقض مع القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي لحماية تلك المصالح. 
وكون مواصلة سياسة الدعم المطلق لجرائم حرب إسرائيل ضد الشعب العربي الفلسطيني، ورفضها لخيار السلام الممكن والمقبول المتمثل بحل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967 ينعكس سلبًا على مصالحها الحيوية في الإقليم عمومًا والوطن العربي خصوصًا، ولان تلك الجرائم الإرهابية الإسرائيلية تضعف مكانتها في أوساط شعوبها وعلى المستوى العالمي، وتسيء لها، وتهدد دورها في المعمورة. 


ولهذا فإن فرض العقوبة على أربعة مستعمرين من مجرمي الحرب الإسرائيليين على أهميتها، تعتبر خطوة صغيرة. لأن هناك حكومة بقضها وقضيضها ترتكب حرب إبادة معلنة وعلى رؤوس الاشهاد، وعلى مرآى ومسمع من العالم وبدعم من الولايات المتحدة تحديدًا ومعها باقي حلفائها من دول الغرب الامبريالي، وبالتالي يفترض تطوير هذه الخطوة باتجاه فرض عقوبات على كل الاستيطان الاستعماري في أراضي الدولة الفلسطينية، لانه تهديد خطير للامن والسلم الإقليمي والدولي، وامامكم مثال ما حدث في السابع من أكتوبر 2023، والذي مازالت تداعيات حرب الإبادة منذ 124 يومًا خلت تقض مضاجع العالم أجمع، وحتى تكونوا منسجمين مع القانون في دولكم ودساتيركم والقانون الدولي، ولحماية العالم من النازية الصهيونية، عليكم رفع الكرت الأحمر في وجه اداتكم الإسرائيلية. لأنها ستتغول عليكم لاحقا، كما صرح بن غفير وابنه ضد الرئيس الأميركي بايدن، وتدير الظهر لتحالفكم معها، وتتنكر لكل ما قدمتموه من دعم لها على مدار ال76 عامًا الماضية، فهل تعقلون وتراجعون سياساتكم البطيئة، وتوقفوا حرب الإبادة الجماعية ضد أبناء الشعب الفلسطيني فورًا، وتفرضوا عقوبات أكثر تأثيرًا على سياسات وجرائم حرب الدولة العبرية؟